مؤتمر دوليّ عن الدعارة:كيف يكافَح العنف الجنسي ضدّ النساء؟

عروبة الإخباري –

المدن – بتول يزبك –

على مدى يومين من الأسبوع الجاري، عقدت منظمتا “كفى عنف واستغلال” و”بدل إكس” (وهي منظمة حديثة النشأة، وستُخصص جهودها – حسب قولها – لمناهضة الاستغلال الجنسيّ للنساء في لبنان والعالم العربيّ)، مؤتمرًا دوليًّا يُعد الأوّل من نوعه في لبنان والعالم العربيّ، محوره “الدعارة (أو العمل بالجنس) باعتباره عنفًا من الرجال ضدّ النساء”.

وجاء المؤتمر الذي عُقد في حضور عشرات “الناجيات” والمتحدثات والناشطات، من لبنان وسوريا والعراق والولايات المتحدة الأميركيّة وفرنسا، وفق ما أشارت المنظمتان، في سياقٍ يتصاعد فيه العنف والاستغلال الجنسيّ للنساء، وعلى ضوء آخر تقرير صدر للمقررة الخاصّة حول العنف ضدّ النّساء والفتيات، والذي صنّف الدعارة بوضوحٍ كعنف ضدّ هولاء.

 

لا يحتمل التأجيل
افتتحت المؤتمر مديرة منظمة “كفى عنف واستغلال”، زويا روحانا، مشيرةً إلى أن العنف والاستغلال اللذين تتعرض لهما النساء لا يحتملان التّأجيل حتّى يصبح الوقت مناسبًا. من جهتها، أكدّت مؤسسة منظمة “دبل إكس”، غادة جبور، أن نظام الدعارة يُجرّد النساء من إنسانيتهن ويحولهن إلى فئةٍ أدنى يُمكن شراؤها. وقالت منظمة “كفى” أن:”الأزمات الأمنيّة والمعيشيّة كثيرة ومتشابكة، والنساء المُستغلات في مجال الدعارة من أكثر المتأثرات بها، بصمت مدوٍّ سببه استبعاد وتهميش تاريخيَّان لهنّ حان الوقت لتحدّيهما.”

 وبحضور ناجيات ومتحدثات من لبنان وسوريا والعراق والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، ومن بينهن المقرّرة الخاصّة حول العنف ضدّ النساء والفتيات، ريم السّالم، الّتي عرضت أهم ما ورد في تقريرها الأخير حول الدعارة كعنف ضدّ النّساء، وأوصت الدول باعتماد نموذج إلغائيّ للدعارة، كما شرحت أسباب استخدامها لتعبيري “الدعارة” و”النساء المستغلات في الدعارة” في تقريرها.
حضرت اللقاء جمعيات وناشطات وإعلاميات من لبنان والعالم العربي. إلى جانب مداخلة ريم السّالم، كانت هناك مداخلات من الناجيات اللواتي تحدثن عن أشكال العنف والصدمات التي يتعرضن لها أثناء وجودهن في الدعارة، إضافة إلى احتياجاتهن والتحديات الّتي يواجهنها للخروج من هذا الوضع. تناول المؤتمر أيضًا موضوع البورنوغرافيا وعلاقتها بالدعارة، بالإضافة إلى الأطر القانونيّة الدوليّة والمحليّة للدعارة وتقاطعها مع أشكال أخرى من القمع، واختتم المؤتمر بنقاشٍ حول الخطوات المستقبليّة.


الدعارة بوصفها عنفًا جنسيًّا
هذا العنف المنهجيّ الذي تقوده عصابات الإتجار بالبشر غالبًا، والّتي توسّعت أنشطتها مؤخرًا في لبنان، على وقع التدهور الأمنيّ الحاصل، وضجّ بقضاياها الشارع اللّبنانيّ تكرّارًا في الآونة الأخيرة، وتحديدًا لجهة كون هذه الجرائم تُعتبر ثالث أكبر تجارة إجراميّة في العالم بعد تجارة المخدرات والأسلحة غير القانونيّة، حتى أُطلق عليها وصف “الرق المعاصر”.

ولطالما كانت “الدعارة” شكلًا من أشكال العنف ضدّ المرأة ، ويتميز بالاستغلال والإكراه وسوء المعاملة. في لبنان والشرق الأوسط الكبير، يتشابك السّياق التاريخيّ للدعارة مع الإستعمار والصراع وعدم الاستقرار الاجتماعيّ والاقتصاديّ. خلال الانتداب الفرنسيّ في لبنان، تمّ تنظيم الدعارة ورصدها، وغالبًا ما وضعت النساء في مواقع ضعيفة وهشّة. وزادت الحرب الأهلية اللّبنانيّة من تفاقم استغلال النساء في هذا السّياق، حيث أدّى النزوح والمصاعب الاقتصادية بالكثيرات منهن إلى العمل في مجال الجنس في ظلّ ظروفٍ قسريّة. وفي السنوات الأخيرة، سلطت أزمة اللاجئين السّوريّين الضوء على القضية من جديد، حيث أجبرت العديد من النساء والفتيات على ممارسة الدعارة كوسيلة للبقاء على قيد الحياة. في جميع أنحاء المنطقة، يؤدي الوصم الثقافي، إلى جانب عدم كفاية الحماية القانونيّة، إلى إدامة دورة العنف والتهميش للنساء العاملات في هذا المجال، مما يؤكد الحاجة إلى أنظمة دعم شاملة وإصلاحات قانونيّة لمعالجة وتخفيف حدّة هذا الوصم الثقافيّ.

لكن وعلى الجانب الآخر، اعتبرت بعض الناشطات الحقوقيات، أن المؤتمر الذي نظمته “كفى” و”بدل إكس” ينطوي على بعض الازدواجيّة، فالمطلب هو وضع حدّ للعنف، لا اجتثاث جذر هذا العمل من أساسه، خصوصًا أن بعض النساء يسلكنه لأسباب تتعلق بهن، ويجب حمايتهن وسنّ تشريعات لحمايتهن، بدل المقارعة بصورةٍ عامّة.

Related posts

ورقة بحثية: الهيمنة الذكورية على الخطاب السياسي وتأثيره في نشاط النساء في الحياة السياسية

أطفال الحرب: بين الواقع المرير والعالم الافتراضي

مؤسسة التعاون ومؤسسة الدراسات الفلسطينية تعقد اجتماعاً لمجموعة من خبراء التعيلم في ظل الوضع الطارئ، التعليم المدرسي في قطاع غزة إلى أين؟