لا تبصم «وتنحاش»!* الجازي طارق السنافي

عروبة الإخباري –

«انحاش» بالكويتي تعني الهروب، وهي كلمة عربية فصيحة تعني الابتعاد عن الشيء.

كلف ديوان الخدمة المدنية باتخاذ خطوات ووضع ضوابط للتأكد من استمرار تواجد الموظفين على رأس عملهم أثناء الدوام الرسمي، بالإضافة لإثبات الحضور والانصراف باستخدام نظام البصمة في الجهات الحكومية، حيث إن بعض الموظفين يبصمون «وينحاشون» ويسرقون ساعات العمل مدفوعة الأجر، وهو أمر غير مقبول وسلوك مشين، وهي خطوة حكومية ندعمها بشدة.

لكن لو نظرنا إلى الموضوع من زاوية أخرى لمعرفة اسباب ظاهرة «ابصم وانحاش» التي أرقت الإدارات والوزارات ومجلس الوزراء، فسنجد أن أول سبب لهذا السلوك أو الظاهرة هو توزيع الخريجين وحديثي التعيين، وعلى مدار سنوات طويلة، بشكل عشوائي على الجهات الحكومية دون النظر لرغبة المتقدم ومجال تخصصه، فأصبح لدينا عدد لا يستهان به من الموظفين الذين يعملون من دون شغف أو حب للعمل وذلك بسبب التوزيع الخاطئ للوظائف، علاوة على عدم توحيد سلم الرواتب الذي تسبب في التكدس الكبير للموظفين في قطاعات على حساب قطاعات أخرى، ما أدى إلى وجود بطالة مقنعة في مؤسسات بينما تعاني مؤسسات اخرى من النقص – ولا ألوم الموظفين، ففارق الراتب احيانا كبير- ولا ننكر أن الكثير من القطاعات والوزارات في غنى عن الموظفين، لكن القانون ينص على توظيفهم، فأصبح عدد الموظفين أكثر من استيعاب المكاتب، حيث إن البعض لا يملك مكتبا بسبب هذا الأمر، وعدم وجود تقارير احتياج ساهم في ارتفاع عدد الموظفين «الزيادة».

عندما يتم التوجه إلى ضبط العمل وضبط تواجد جميع الموظفين، يتوجب أن تتوافر كذلك خطة للعمل، أي أن لكل موظف «مهام عمل» تنجز في اليوم، بحيث يتم توزيع هذه المهام بشكل منصف على الجميع مع كتابة تقارير شهرية لكل قسم، إذ تعاني العديد من القطاعات من عدم وجود عمل فعلي، فيلجأ الموظف لسرقة الساعات بالخروج من مقر العمل بسبب طول اليوم وساعاته «المملة» والجلوس «البطالي» في المكاتب والذي تحول بعضها إلى «دواوين» صباحية أو جلسات «شاي الضحى».

لابد من دراسة وضع كل مؤسسة، وتحليل طبيعة العمل وتخصصات الموظفين، ووضع حلول لهذه المشاكل، تبدأ بديوان الخدمة المدنية بالتعاون مع التعليم العالي ودراسة احتياجات سوق العمل، وتنتهي بمقابلات الموظفين لكل جهة وقسم كما هو الحال في القطاع الخاص، عمل المقابلات الشخصية وتقديم السيرة الذاتية ووجود قسم للموارد البشرية في كل قطاع سيسهم في حل المشكلة وتوظيف الشغوفين والمهتمين في المجالات والأقسام بدلا من التوظيف العشوائي الذي خلق ازمات نفسية للموظفين، وتسبب في خسائر مليونية على ميزانية الدولة، والنتيجة موظف يتسلم راتبا ولا يعمل.

التنظيم والترتيب اساس العمل الناجح، والادارة الناجحة، ودراسة احتياجات سوق العمل ثم وضع خطة مدروسة لتوزيع الموظفين، علاوة على جمع البيانات لوضع خطط مستقبلية تستوعب أعداد الخريجين بتخصصاتهم هي بداية النجاح. العمل العشوائي سيخلق مشاكل عشوائية صنعناها بأنفسنا ثم نهدر الوقت بدراستها وايجاد الحلول لها. على كل قطاع إرسال تقارير ومعلومات بيانية بأعداد الموظفين وفائض الموظفين كذلك حتى لا نقع في الخطأ مرتين.

Related posts

قالوا: “أيلول ذنبه مبلول”

علمتني الإمارات* الإعلامية هند خليفات

في عيد اليوم الدولي للسلام