وتوضح اتفاقية العام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، أن اللاجئ هو “كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق نتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد.”
واشتملت اتفاقية عام 1951 على مجموعة من الحقوق للاجئين متضمنة: حظر الطرد إلا تطبيقاً لقرار متخذ وفقا للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون، على أن يُتاح للاجئين حق الاعتراض، وألا تفرض الدول على اللاجئين عقوبات جزائية بسبب دخولهم إقليمها أو وجودهم فيه دون إذن؛ الحق في العمل؛ الحق في السكن؛ الحق في التعليم؛ الحق في الحصول على ما يُمنح في مجال الإغاثة والمساعدة العامة؛ الحق في ممارسة الطقوس الدينية؛ حق التقاضي الحر أمام المحاكم؛ الحق في حرية التنقل ضمن أراضيها؛ الحق في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر.
وأصبحت حماية اللاجئين تشكل الولاية الأساسية للمفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين، والتي أُنشئت بهدف رعاية اللاجئين.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول عام 2018 الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين، ويوفر الاتفاق خطة للحكومات والمنظمات الدولية وأصحاب المصلحة الآخرين لضمان حصول المجتمعات المضيفة على الدعم اللازم، وتمتع اللاجئين بحياة مثمرة بما يعود بالمنفعة على اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم.
التأثير الديموغرافي للاجئين في الأردن:
– أسهم اللاجئون في تضاعف سكان الأردن في العقدين الأخيرين
أضاف لجوء السوريين إلى الأردن في العقد الثاني من هذا القرن أعباءً ديموغرافيةً واجتماعية واقتصادية وبيئيةً وأمنية ومعلوماتية واضحة للعيان فوق الأعباء الجسيمة المترتبة على إعالة نسبة عالية من صغار السن الأردنيين وغير الأردنيين الموجودين أصلاً. تحصُل الزيادة السكانية في الأردن عادة وبصورة أساسية بازديادٍ في عدد الأطفال الذين يولدون كل عام. لكن العقد الأخير كان استثنائياً، إذ ازداد عدد السكان بأربعة ملايين بين سنتي التعدادين السكانيين الأخيرين (2004، 2015) أي في 11 سنة، وبمعدل نمو سنوي مرتفع وغير مسبوق مقدراه 4.9%، وكان لقدوم اللاجئين من سوريا دور فيه، إذ بلغ عدد من يحمل الجنسية السورية وفق التعداد الأخير للسكان والمساكن 1.27 مليون نسمة.
كما ساهم الإنجاب أيضاً في الزيادة السكانية السريعة التي شهدها الأردن، فقد سُجل لدى دائرة الأحوال المدنية والجوازات نحو 2.7 مليون مولود خلال السنوات 2010-2022، بمتوسط مليون مولود كل خمس سنوات، وبصورة عامة، أُضيف أكثر من 6 ملايين نسمة إلى سكان الأردن في فترة زمنية لا تتجاوز عقدين زمنيين وهي السنوات الواقعة بين 2004-2023، مما يعني أن عدد السكان قد تضاعف في عقدين منذ عام 2004.
وارتفعت نسبتهم خلال هذه السنوات أيضاً من حوالي 8% إلى 31%، وبمعدل نمو سنوي غير مسبوق مقداره 18%، مرد معظمه للجوء السوري في السنوات الأربع السابقة للتعداد الأخير لعام 2015 ، إذ يشكل السوريون 43% من أجمالي عدد غير الأردنيين، يليهم المصريون (21.8%)، ثم الفلسطينيون (21.7%) والعراقييون (4.5%)، وبقية الجنسيات الأخرى (نحو 9%).
– نسبة صغار السن ومعدلات الزواج المبكر والإنجاب مرتفعة بين اللاجئين
رغم توقف لجوء السوريين إلى الأردن وعودة أعداد قليلة لا تذكر منهم إلى سوريا، إلا أن هذا لا يعني تناقص أعدادهم وأعداد غيرهم من المقيمين حالياً في الأردن، بل إن أعدادهم في تزايد مستمر بسبب ارتفاع مستويات الانجاب بينهم وارتفاع نسب المتزوجين منهم.
إن معدلات الإنجاب بين السوريين أعلى بكثير مما هي عليه بين الأردنيين، فوفقا لنتائج مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2023 يبلغ معدل الإنجاب المكتمل للمرأة السورية (في الفئة 40-49 سنة) 4.5 طفل مقابل 3.7 طفل للمرأة الأردنية، وهذا يُعني أن أعدادهم في كافة محافظات المملكة مستمرةٌ في التزايد سنة بعد أخرى منذ وصولهم إلى الأردن.
وتُظهر معطيات التقارير السنوية الصادرة عن دائرة قاضي القضاة مستويات زواج من هن دون سن 18 سنة من اجمالي عقود زواج الإناث اللاتي تزوجن لأول مرة حسب جنسية العروس، وتشير الإحصاءات إلى أن هذا النمط من الزواج آخذ بالانخفاض، ويعود هذا إلى الجهود الوطنية المبذولة من قبل الجهات المعنية بتنفيذ خطة العمل الوطنية للحد من زواج من هم دون سن الثامنة عشرة في الأردن، ولكنه ما زال مرتفعاً جداً بين اللاجئين السوريين (38% مقابل 10 بين الأردنيين حسب أحدث مصدر).
– اللاجئون وتحديات التنمية
سعى الأردن جاهداً إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة، ولكن واجهته تحديات بسبب الضغوط الضخمة التي يواجهها على بنيته التحتية والخدمية وتعرض الاقتصاد لصدمات بسبب الصراعات في المنطقة وما نتج عنها من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إليه، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي.
لقد تحملت الخزينة الأردنية تبعات اللجوء السوري في ضوء تراجع الدعم الدولي بشكل كبير المقدم لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية والذي لم يتجاوز ال 29% من الاحتياجات المالية المطلوبة لعام 2023.
وعملا بمبدأ عدم ترك أحد خلف الركب يتيح الأردن للاجئين الوصول إلى الخدمات الأساسية من تعليم وصحة، وتوسع في منح تصاريح العمل للسوريين (ففي عام 2022 وحده تم إصدار 62457 تصريح عمل لهم ).
وفي مجال تقديم الخدمات الصحية يحرص الأردن بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المقدمة للخدمات على تعزيز برامج الصحة الإنجابية والوصول بها إلى اللاجئين في كافة مناطق سكناهم.
ومع دخول الأزمة السورية عامها الثالث عشر، ما زال الأردن مستمر بتقديم خدماته للاجئين، كما يستمر بالتزامه بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الأردن (الأونروا)، ويتطلع إلى دعم المجتمع الدولي للأردن للتعامل مع التحديات الناجمة عن الصراعات في المنطقة لتمكينه من الاستمرار في أداء دوره كعامل أمن واستقرار في الإقليم .
ويشار إلى أن المنتدى العالمي للاجئين 2023 الذي عقد في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر في مدينة جنيف السويسرية والذي اشترك في عقده خمس دول وهي: كولومبيا وفرنسا واليابان والأردن وأوغندا، وتشترك في استضافته حكومة سويسرا ومفوضية اللاجئين، يُعد أكبر تجمع دولي في العالم حول اللاجئين. ويهدف التجمع لدعم التنفيذ العملي للأهداف المنصوص عليها في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين والتي تتمثل بــــ:
(1) تخفيف الضغوط على البلدان المضيفة
(2) تعزيز اعتماد اللاجئين على أنفسهم
(3) توسيع نطاق الوصول إلى حلول البلدان الثالثة
(4) دعم الظروف في بلدان الأصل من أجل العودة بأمان وكرامة.
وتم الإعلان عن التزامات مالية جديدة تقدر بنحو 2.2 مليار دولار من جانب الدول والجهات الفاعلة الأخرى . كما تضمن مؤتمر بروكسل الثامن الذي عقد في أيار بتنظيم من الاتحاد الأوروبي 2024 حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة جمع تعهدات مالية بقيمة 7.5 مليار يورو لدعم السوريين النازحين في بلدهم واللاجئين منهم في دول المنطقة، إلا أنه لا بد من ترجمة تعهدات المؤتمر إلى التزامات تمويلية فعلية بما يساهم في تغطية الأولويات المحددة ضمن خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية خاصة في ظل تضاؤل الدعم بسبب الأزمات العالمية الأُخرى.