يتوجه الحجاج، السبت، إلى صعيد عرفات الطاهر، لأداء ركن الحج الأعظم، ويؤدون صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا، ثم يبدأون بالنفرة متجهين إلى مزدلفة للمبيت فيها، ثم الانتقال منها إلى منى لتكملة مناسك الحج.
ووصف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يوم عرفة بأفضل الأيام، إذ يقف المسلمون في عرفات منذ طلوع الشمس حتى غروبها.
ويطلق على هذا اليوم “يوم الوقفة الكبرى”، ويقف الحاج في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة، وقال الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم: “الحَجُّ عَرَفَةُ”، ولذلك يسمى هذا اليوم بيوم الحج الأكبر، ويُمكن للحاج الوقوف بعرفات والدعاء، من أي موقع داخل حدود المشعر أو جبل الرحمة.
وفي هذا اليوم العظيم ينشغل الحاج بالتلبية والذكر ويكثر من الاستغفار والتكبير والتهليل ويتجه إلى الله- عز وجل- خاشعا متضرعا، ويجتهد في الدعاء لنفسه وأهله وأولاده ولإخوانه المسلمين جميعا.
وعرفة أو عرفات مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة الذي يصل طوله إلى 300 متر وبوسطه شاخص طوله 7 أمتار.
ويحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرقي مكة بنحو 22 كيلو مترًا وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى و6 كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ10.4 كيلومترات مربعة وليس بعرفة سكان إلا أيام الحج.
وهناك عدة أقوال لتسمية عرفة بهذا الاسم. قيل إنها سُمِّيَتْ بذلك لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل لأن جبريل عرَّف إبراهيم فيها المناسك، وقيل لتعارف الناس فيها، وقيل بأن الكلمة مأخوذة من العَرْف وهو الطيب؛ كونها مُقدَّسة، إلا أن الروايتين الأكثر تأكيدًا هما أن أبو البشر آدم التقى مع حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنة في هذا المكان ولهذا سمي بعرفة، والثانية أن جبريل طاف بالنبي إبراهيم فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له: “أعرفت أعرفت؟” فيقول إبراهيم: “عرفت عرفت”، ولهذا سميت عرفة، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس)
مسجد نمرة
ومن السنّة أن ينزل الحاج بنمرة- إن تيسر له ذلك- وإلا فليتأكد من نزوله داخل حدود عرفة، وهناك الكثير من العلامات واللوحات الإرشادية التي توضح ذلك، وعرفة كلها موقف.
وإذا دخل وقت الظهر خطب الإمام في الناس خطبة تذكير وعظة وإرشاد، ثم يصلي بالحجاج الظهر والعصر جمعا وقصرا كما فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا يصلي قبلهما ولا بينهما ولا بعدهما شيئا.
وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حجة الوداع، وذلك في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري، ويقع إلى الغرب من المشعر وجزء من غرب المسجد في وادي عرنة وهو وادٍ من أودية مكة المكرمة، نهى الرسول من الوقوف فيه حيث قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: “وقفت هاهنا وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة”، وبطن وادي عرنة ليس من عرفة، ولكنه قريب منه.
ويعد مسجد نمرة ثاني أكبر مسجد مساحة في منطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام، على طول بلغ 340 متراً من الشرق إلى الغرب، وعرضٍ يقدر بـ 240 متراً من الشمال إلى الجنوب، ومساحة تجاوزت 110 آلاف متر مربع، إلى جانب ساحة مظللة خلف المسجد تقدَّر مساحتها بـ8 آلاف متر مربع.
ويستوعب المسجد بعد هذه التوسعة قرابة 400 ألف مصلّ، ويظهر بست مآذن، ارتفاع كل مئذنة منها 60 متراً، وله ثلاث قباب وعشرة مداخل رئيسة تحتوي على 64 باباً، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الاصطناعية.
16 خطيبًا تعاقبوا على خطبة يوم عرفة في 100 عام
تعاقب على خطبة عرفة خلال 100 عام من الزمان 16 خطيبًا، حيث يعد فضيلة الدكتور ماهر المعيقلي إمام وخطيب المسجد الحرام الأحدث بين هؤلاء الخطباء، فيما كان أكثرهم وقوفًا في منبر مسجد نمرة بعرفة المفتي العام للسعودية سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، يليه الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ.
وتتضمن خطبة عرفة مضامين وأسساً للإنسانية للتعايش والسلام ودعوة الحجيج إلى التعاون والتعاضد؛ لخلق بيئة تعبدية إيمانية روحانية، وتقوية القيم الإسلامية والآداب الشرعية، والمحافظة على شعيرة الحج.
وبعد غروب شمس التاسع من ذي الحجة، تسير قوافل الحجيج صوب مشعر مزدلفة ليصلّوا بها المغرب والعشاء جمعاً وقصرا بأذان واحد وإقامتين فور وصولهم، ثم يبيتون ليلتهم هناك ملبين ذاكرين شاكرين الله على فضله وإحسانه بأن كتب لهم شهود وقفة عرفات.