عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
ألف مبروك للوطن والأردنيين وللملك وولي العهد ولشعبه الوفي، فما بين وصول الأمير عبد الله المؤسس الى عمان في 2 / 3 / 1921، ونزوله في مكتب المحطة (القطار) وجلوسه في المكتب حيث كان المئات من الأردنيين في استقباله، وقد هتفوا … بهتاف “يا ابن بنت رسول الله” ونهوضه ليتحدث اليهم ويقول “بأن الله لا يترككم هكذا، وأني أقول لكم بأنه إذا جاء الوقت لاستعمال ما تستعمله الأمم من القوة عند ذلك تثبتون بأنكم ما وجدتم ضعفاء، ولكن لا تموتوا بلا شرف، فلا أريد منكم إلا السمع والطاعة، وما جاء بي إلا حميتي وما تحمله والدي من العبء الثقيل. ولو كان لي سبعون نفساً بذلتها في سبيل الأمة لما عددت نفسي أني فعلت شيئا”، ثم بكى، وما بين ذلك اليوم ويوم إعلان الاستقلال الناجز كان ربع قرن (25) سنة، وقد قال عبد الله المؤسس، الذي أصبح ملكاً يومها، بكلمات في كلمته “اليوم اتحدث اليكم وكأني أرى وجوهكم المشرقة يا وجوه الخير تقولون نحنا هنا حاضرون بالروح والإيمان والفرح، حاضرون بروح الأردني الواثق بالله، وأننا مثابرون على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع اخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعاً ومجد الانسانية كلها”، لقد كان الرابط بين الكلمة الأولى في البداية، وقد جاء الأردنيون في المتابعة على الولاء و.. حيث استقبلوا في معان وودعوه منها الى عمان وقد صحبه بالقطار نفر ممن جاءوا من عمان
وكان قد نزل في محطة زيزياء قبل أن يواصل الى عمان، كانت المودة وحب الناس هي الوسيلة، وكان الولاء هو الثمرة والنتيجة بقي الملك على صلة بالمواطنين يمنحهم الحب والحرص، ويحيطونه بالمحبة، وهو ما أورثه للحسين حين جاءه خبر المناداة عليه ملكاً، وقد قالت له والدته بادل شعبك حباً بحب وولاء بولاء، وقد مضى على هذا الطريق من يوم توليه سلطاته حتى يوم رحيله.
وقد سدد الأردنيون له الدين حين في أعظم جنازة وحين استقبلوه عائداً من مرضه، وكان يوماً ماطراً خرجت له البلاد في مشهد لا يتكرر في التاريخ، ولم يأت مثله الا في جنازة الحسين بن علي التي توجهت الى القدس ليدفن فيها بناء على وصيته، وقد كان أول الجنازة في القدس وآخرها في عمان، وقد جاءه الشعراء على رأسهم أميرهم أحمد شوقي ليرثيه وهو يدفن في ساحة المسجد الأقصى الذي بقي وفياً له رغم كل المؤامرات وقد دفع ثمن نضاله نفياً وعذاباً ومرضا وغربة.
ويأتي ملك المملكة الرابعة، عبد الله الثاني، الذي استقبله الأردنيون بالمحبة في عام 9 / 6/ 1999، وبايعوه وقد تحدث لهم، وبالنسبة لي، انا أخوكم عبد الله بن الحسين، لا تزال وصايا والدي وكلماته عندما حملني المسؤولية في ضميري ووجداني، … ابتغي رضا الله وأن يكون الحسين راضياً عني، فقد عاهدته أن أخدم هذا الشعب الكريم وان احمي هذا الوطن العزيز بشرف وأمانة وما رأيت نفسي يوماً إلاّ خادما للوطن وواحداً منكم معا بالانجاز وكنا جسداً واحداً في أصعب الظروف”.
وما قاله الملك عبد الله يصب في كلمة الحسين، حين بشر شعبه بولادة الامير عبد الله نجله الأول، وقد قال الحسين للأردنيين يومها، ولسوف يكبر عبد الله ويترعرع، في صفوفكم وبين إخوته وأخواته، من أبنائكم وبناتكم، وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد، سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده”.
وتمتد المسيرة التي تصب في يوم الاستقلال وترويه ليزهر ويثمر ويتقدمالاردن الوطن والمواطن ويبقى الشعار محبة الوطن والإخلاص للمسيرة ويتجدد العهد بين الأردنيين والهاشميين من خلال قيادتهم وعميدهم الملك عبد الله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله، وقد قرأت في الوثائق والنصوص التي ظلت تشير الى شيء واضح مرحل من كل عهد منذ المملكة الأولى إلى المملكة الرابعة مملكة عبد الله الثاني التي احتفلت بيوبيل الملك عبد الله هذا العام، كان أبرز ما عكسته هذه المسيرة الطويلة التي تجاوزت القرن من الزمان (1921 – 2024) هو الحب والإخلاص والولاء وحب الشعب لقائده وحب القائد لشعبه والتعبير عن ذلك بالإنجاز وصون الاستقلال وحمايته ومنعة الوطن وحفظ كرامة الأردنيين.
وقد حرص ملوك الهاشميين على ذلك وأنذروا أنفسهم، وها نحن نرى نموذج مسيرة عبد الله الثاني في هذا الحوار المتسع بين القائد وشعبه ولقائه بهم في كل المناسبات وهذا الحوار الجاد والمخلص عبر كل الجغرافيا الأردنية وحيث كان الأردنيون في مدنهم وقراهم ومخيماتهم وتجوعهم … وبواديهم”.
وظل الهاشميون حريصون على ذلك وان يلبوا مطالب الأردنيين ويستمعوا لهم بوسائل عديدة واصلة وغير منقطعة وردود الفعل الإيجابية عليها، وفي هذه المناسبة احيي دور رئيس الديوان الملكي، معالي يوسف العيسوي، أبو حسن، الذي جسد الرغبة الملكية في هذا الاتجاه وما زال، وقد أبدع حين ظل يواصل عمله في مزيد من الربط المخلص ما بين الملك وشعبه وقد أحب هذا العمل واخلص له وتفانى من أجله بعدما ادرك أهمية ثماره ورضى الاردنيين عنه.