عروبة الإخباري –
أعتقد – تماما – أن بلدنا يواجه موجة من التحديات و»المزايدات»، وأننا الآن وحدنا، ويجب أن نواجه الاخطار التي تهددنا، ونحدد خياراتنا، بما يتناسب مع قدراتنا ومصالحنا، لا نملك ترف الصمت امام من يحاول هز ثقتنا بأنفسنا، او دفعنا للوقوع بين فكي كماشة مشروعين يهددان وجودنا وحدودنا : المشروع الصهيوني والآخر الفارسي، لا نفكر ان نذهب للحرب، ولا ان نكون طرفا فيها، لكننا جاهزون وقادرون على الدفاع عن بلدنا في اي وقت، ولدينا جيش نعتز به، ونطمئن لشجاعته، ونقف معه على الدوام.
فلسطين في ضمير الدولة الأردنية، ولم يقدم أحد لهذه القضية العادلة أكثر مما قدمه الأردنيون، وما نملكه في هذه الظروف الصعبة هو أدواتنا السياسية والإعلامية و الدبلوماسية، وهي تتحرك دائما باتجاه فلسطين، لا غزة فقط، ومن يقول غير ذلك، فهو إما جاحد أو مزاود او منافق، لا يعرف الأردن، ولا يضمر له خيرا.
صحيح، تعرضنا فيما مضى لمحاولات منظمة لزعزعة وحدتنا وتماسكنا، وهز ثقتنا بأنفسنا وبلدنا، والتشكيك بإنجازاتنا الوطنية، شارك فيها فاعلون محليون معروفون، وآخرون مجهولون.
صحيح، أيضا، لا يوجد لدينا إعلام دولة، يعبر عن قيمها ومواقفها، ولا يوجد سرديات للدولة في أزماتها، ضيعنا فرصا كثيرة لبناء هذا الإعلام الوطني، وساهمنا بإضعافه، مما ترك المجال أمام سطوة «وسائل التواصل « لتملأ هذا الفراغ بعيدا عن المهنية، والضوابط الأخلاقية والمصالح الوطنية، وبالتالي خسرنا على اكثر من جبهة، ليس لأننا لا نملك القدرات والكفاءات الإعلامية، وإنما لأننا تجاهلناها، وتعاملنا معها بمنطق «المأكول المذموم»
الآن، لا بد أن نصارح انفسنا، ونصحو من غفلتنا، ونغادر منصات اليأس والكراهية، ونحتكم لضمائرنا، ثم نصرخ بوجوه «المعطّلين» والفاسدين والمزايدين، بيننا : نحن الأردنيين نستحق أن نكون أفضل مما نحن عليه، وهذه الدولة التي بناها الآباء والأجداد، وتعاضدت فيها ارادة القيادة مع ارادة الشعب، على امتداد 100 عام، تستحق أن تبقى قوية صامدة، وأن نضحي من أجلها بما لدينا من امكانيات، لا ان نترصد بها العاديات، نحن -للأسف -نحصد اليوم ما زرعناه بأيدينا في الأمس، لا أقول ذلك من أجل تقليب المواجع، لكنني أعيد التذكير به، لكي نفهم ما حدث لنا، ونجتهد ونتوافق لتجاوزه.
لقد أخطأنا، أقصد إدارات الدولة ونخب المجتمع معا، بالتعامل مع وسائطها السياسية والاجتماعية، أخطأنا بتقدير ذاتنا الوطنية وعنوانها «الكرامة «، أخطأنا حين فرضنا الوصايات على أحزابنا ومؤسساتنا المدنية، أخطأنا في الاقتصاد والسياسة، أخطأنا حين تركنا شبابنا بمرمى نيران البطالة والتهميش والمخدرات، ولم نقدم لهم مشروعا وطنيا يستوعب طاقاتهم، ويستثمر إبداعاتهم.
أخطأنا حين استغل البعض أزماتنا فنفخ فيها، بدل أن نتوافق على «صفر أزمات «، والآن نخطىء اذا تصورنا ان» التحديث» بمساراته الثلاثة سيتم بـ»كبسة زر»، أو أن الأحزاب «المعلبه « الجاهزة قادرة على حمل المرحلة القادمة، أو أن « ماراثون «استعادة ثقة الأردنيين يبدأ من التصريحات «المعسولة «، وينتهي بها أيضا.
أعرف، لا وقت الآن للتلاوم والشكوى، ولا لانتظار المنقذ والمخلّص الغائب، ولا أريد أن أسأل : كيف حدث ذلك، ولماذا ؟ ومن هو المسؤول عنه ؟ المهم أن نبدأ مرحلة جديدة نستعيد من خلالها عافيتنا الوطنية، بجبهة اردنية موحدة، وإعلام قوي، واقتصاد متعافٍ ومحصن من الفساد، وأن نتعلم من اخطائنا، والأهم أن نهز « شجرة» الأردنيين» ليسقط عنها ما تراكم من أوراق صفراء، وتنطلق فروعها للأعلى، كما هي هامات الأردنيين وهممهم مرفوعة على الدوام، أما كيف؟ فلدي ثلاثة عناوين.
الأول: تصحيح العلاقة بين إدارات الدولة والمجتمع على قاعدة المواطنة والانتماء واحترام الكفاءة، الثاني تصحيح مسارات السياسة والاقتصاد على اساس الاعتماد على الذات والعدالة واطلاق الحريات العامة، الثالث ترتيب علاقاتنا مع محيطنا الإقليمي والخارجي بناء على مصالحنا، ووفق إمكانياتنا.