المرأة العربيّة وتحديّات عصر الذكاء الاصطناعي

عروبة الإخباري –

النهار العربي – ليليان قربان عقل –

في يوم المرأة العالمي، تحيّة إلى الرائدات العربيّات اللواتي تركنَ بصماتٍ أدبية وفكريّة إمتدت إلى فنون الثقافة والعلوم والابداع، ورسمنَ بجهودهن معالم النهضة الفكرية العربية في ظلّ مفاهيم شرقيّة مطبوعة بسلطة ذكوريّة نمطيّة، دفعت المرأة إلى أن تطرح قضاياها وتتحمّل مسؤولياتها بثقة والتزام.

ناضلت المرأة العربيّة منذ بداية عصر النّهضة في سبيل بناء شخصيّتها الفكريّة المستقلة والبعيدة عن الوصايات والموروثات، فبادرت وفكّرت وأنتجت كتابات إبداعية في الشعر والرواية والصحافة النضاليّة المُلتزمة قضاياها إلى جانب اهتماماتها الوطنية وإسهاماتها الاجتماعيّة في حقول التربية والإنماء والتحرّر وبناء شخصيّتها الفكريّة والسياسيّة، فكانت الصّحافة مهد انطلاقتها وساحة تفاعلها ومركزيّة حضورها الإجتماعي، وشكّلت محوريّة البحث عن أسباب اندفاعها التألّقي في التمايز عن الرجل، في سعيها لتقديم نتاجٍ أدبيٍ نوعيٍّ، يتّصف بأنّه من أساسيّات الفكر التحرّري الرافض للقيود المجتمعيّة والتقليديّة الآسرة والضاغطة، إضافة إلى إصرارها على بناء شخصيّتها المتحرّرة والحرّة البعيدة عن أي وصاية.

وهذا ما ساعدها على التألّق في فنون الشعر والرواية والأدب والصحافة والتربية والتّعليم والنّضال الإجتماعي والوطني والتحرّري، ونجحت بأن تؤسّس لها قاعدة حضور وإسهامات واسعة في مجالات مختلفة، وهذا ما ساعدها أيضاً في مواجهة تحديّات كثيرة وإثبات قدراتها العلميّة وريادتها الفكريّة وإمكاناتها الابداعيّة.

أثبتت المرأة العربيّة أنّها شريك أساسي وفاعل في بعث الفكر النّهضوي وتأسيس المنتديات الثقافيّة والصالونات الأدبيّة وإطلاق المواقف والدّفاع عن حقوقها وتنظيم المؤتمرات، لإظهار حقّها وتأكيد أهليّتها الفكريّة ومكانتها الاجتماعيّة التي جَهِدت في الدّفاع عنها طيلة مسيرتها النّضاليّة التي ركّزت حضورها الثقافي والاجتماعي وجعلتها شريكة للرجل في صناعة الفكر النّهضوي وتثبيت ركائزه العلميّة التي رسمت مسيرتها الحياتيّة وأكّدت مسارها الوطني والنضالي.

فأيُّ دور تلعبه المرأة العربيّة اليوم في مواكبة تحديّات عصر الذّكاء الاصطناعي، في عالم مليء بالنتاقضات والرغبة الدائمة في التغيير ومواكبة الثورة التكنولوجيّة؟

هل نجحت المرأة العربيّة في مواكبة متطلّبات العصر وكسرت الصورة النمطيّة التي حدّدت أدوارها التقليديّة؟
يترافق تطوّر الفكر النسوي مع تقدّم المجتمعات وتطورها اللحظوي، ما يضع المرأة العربيّة أمام تحديّات معرفيّة ملحّة لمواكبة الثورة العلميّة والمساهمة في تعزيز ركائزها وضوابطها. من هذا المنطلق لا بدّ من وضع استراتيجيّة مناسبة تُمكّن المرأة من فهم طبيعة الإنقلابات الهائلة مع دخول الحضارة البشريّة عصر الذّكاء الإصطناعي من خلال التعرّف عليه والتعمّق بالتطوّرات التي ترافقه وتأثيراته ومضاعفاته على الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والفكريّة، ومعرفة مخاطر استخداماته السلبيّة وتأثيراته على مسألة الهويّة والإنتماء والمعتقدات والالتزامات العقيديّة والفكريّة .
من هنا أهميّة تنظيم دورات توعية وتثقيف وتدريب المرأة على مهارات وتقنيّات عصر الذّكاء الاصطناعي والتطويرات التي تطرأ عليه، وتلك الآتية في مجالات كومبيوتر الكمّ وكومبيوتر الحمض النووي اللذين سيكونان أذكى وأسرع من الكومبيوتر “الكلاسيكي” الراهن.
فهل تستطيع المرأة العربيّة مواكبة تحديّات الثورة التكنولوجيّة وفهم طبيعة الإنقلابات الهائلة التي تُحدثها وستُحدثها أكثر؟
وهل أنّ ما حقّقته المرأة من إنجازات علميّة يؤهلها لأن تكون قادرة على الغوص في هذا العالم الافتراضي الذي كان يبدو حكراً على الرجل؟
فالمرأة العربيّة التي ناضلت وكسرت القيود والموروثات تواجه اليوم تحديّات جديدة تجعلها في امتحان دائم لقدراتها الذهنيّة وتفتح أمامها الطريق لتثبت ريادتها في كلّ الأعمال التي تقوم بها، وأن تكون دائماً شريكاً أساسياً في تأصيل وإثراء النّهضة العربيّة وتأصيل وظيفتها المعرفيّة والحضاريّة.
ويبقى التحدّي الأكبر، أن تطرح المرأة على نفسها سؤالًا مركزياً هو، كيف تحضر من جديد؟
*أستاذة جامعيّة وباحثة في الإعلام

 

Related posts

لميا أم دراكولا* د. سوسن الأبطح

هل تتراجع ألمانيا عن موقفها تجاه الحرب في أوكرانيا؟* د. سنية الحسيني

السمهوري: قرارالجمعية العامة بتحديد سنة لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي ملزم