سرطان الغلاء يصيب معيشة اللبنانيين وزيادات الرواتب لا تعالجه

الحكومة تصرف بدلات موقتة وترفع الحد الأدنى ليتراوح بين 230 و1200 دولار وسط قلق مراقبين من مصدر التمويل

عروبة الإخباري –

اندبندنت عربية –

أقر مجلس وزراء لبنان في جلسته أول من أمس الأربعاء مرسوم إعطاء بدلات تعويض موقت لجميع العاملين في القطاع العام والمتقاعدين، باستثناء الذين يستفيدون حالياً من زيادات تفوق التي أشار إليها القرار.

واستثنت الزيادات القضاة وأساتذة الجامعة وأفراد الهيئة التعليمية الملحقين بالإدارة والذين استفادوا من الحوافز المالية التي أقرت لأفراد الهيئة التعليمية ما قبل التعليم الجامعي.

واستثنت الزيادات القضاة وأساتذة الجامعة وأفراد الهيئة التعليمية الملحقين بالإدارة والذين استفادوا من الحوافز المالية التي أقرت لأفراد الهيئة التعليمية ما قبل التعليم الجامعي.

سوسن مهنا

وتأتي الزيادات للقطاع العام بعد نحو ستة أشهر من التصعيد والتحركات التي قام بها موظفو الإدارة العامة والعسكريين المتقاعدين، على أن يكون الحد الأدنى نحو 400 دولار والحد الأقصى 1200 دولار، كما أقرت الحكومة ثلاثة رواتب إضافية للعسكريين الذين هم في الخدمة والمتقاعدين منهم.

واعتمد مجلس الوزراء آلية زيادات يصبح من خلالها الحد الأدنى لراتب المتقاعد العسكري أو المدني في الدرجة الخامسة ما يقارب من 230 دولاراً، ويرتفع تدريجياً وفقاً للدرجات والرتب ليصل إلى نحو 900 دولار.

ولكن وفقاً لما نقلت الصحف اللبنانية فإن الملف لم يقفل بعد، بسبب عدم تناسب الرواتب الجديدة مع نسبة التضخم وحجم الغلاء المعيشي، كما أن المطلب الرئيس  للموظفين والمتقاعدين، هو إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة.

تجمع العسكريين

وأصدر تجمع العسكريين المتقاعدين بياناً قال فيه “أما وقد اجتمعت الحكومة مستغلة حسن نوايا العسكريين المتقاعدين بإفساح المجال أمامها لمعالجة موضوع الرواتب والأجور بطريقة عادلة تنصف الجميع، وبعد أن أصدرت الحكومة قراراتها حول هذا الموضوع بصورة لا تراعي أبسط قواعد العدالة والمساواة ولا الأوضاع الاجتماعية والمعيشية المزرية التي يعانيها العسكريون والموظفون المتقاعدون، يعلن التجمع رفض الزيادة التي أعطيت للمتقاعدين لجهة قيمتها الهزيلة ولجهة مقارنتها مع ما أعطي لموظفي الإدارات العامة تحت عناوين مخادعة كبدل النقل والإنتاجية”.

تأثير الزيادات

الباحث الاقتصادي سامي نادر قال إن “الزيادة التي أقرتها الحكومة تأتي ضمن القرارات العشوائية من دون رؤية إصلاحية أو خطة مستدامة، والمشكلة هي أننا لا نعلم من أين ستمول، خصوصاً أن موازنة عام 2024 لا تتضمن أي إصلاح وبالتالي هذه الزيادة ستمول من الضرائب والرسوم، أي من جيب المواطن العادي، وستقع على كاهل ما تبقى من مؤسسات خاصة تعمل، علماً أن معظمها أقفل أبوابه”.

وتابع نادر أن “هذه الزيادة سترهق ما تبقى من اقتصاد منتج وستزيد من البطالة وستزيد من الفقر لأنها ستكون على حساب القدرة الشرائية للمواطن الذي يعاني أصلاً من تدهور الليرة وانهارت قدرته الشرائية كثيراً في الفترة الأخيرة”.

واعتبر أنها “تساهم في انتشار الاقتصاد الأسود أو الموازي، حيث سيعمد أصحاب المؤسسات للتهرب من دفع الضرائب التي تفاقمت جداً في الفترة الأخيرة، وهي ستشجع التهريب، وكل هذا سيحصل على حساب حقوق العمال لأنه في الاقتصاد الموازي لا حقوق للعمال”، مضيفاً أن “الزيادة في رواتب القطاع العام هي حق مشروع، وفي الوقت عينه هناك تخمة في القطاعات العامة بسبب السيسة الزبائنية وسياسة التوظيف العشوائي”.

وغرد الباحث الاقتصادي  على حسابه على موقع “إكس” معتبراً أنه “لم ولن يتعلموا من سلسلة الرتب والرواتب”.

فراغ رئاسي

وتعاني كافة القطاعات والمؤسسات والدوائر الرسمية اللبنانية من فراغ وشلل، منذ ما قبل الشغور الرئاسي والذي دخل عامه الثاني منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان موظفو القطاع العام في الإدارات الرسمية أعلنوا عن إضراب لأيام وأسابيع، على خلفية عدم قيام حكومة تصريف الأعمال بصرف “زيادة مقبولة على الأجور”، و”التمييز بين موظفي القطاع العام”، وفقاً للموظفين.

وأقفلت ثمانية إدارات رسمية أبوابها في 22 فبراير (شباط) الجاري، منها وزارات الإعلام والطاقة والعمل، وذلك على خلفية دعوة “رابطة موظفي الإدارة العامة” إلى “الإضراب العام والشامل”.

رواتب الشهر

وعلى ما يبدو أن تلك الزيادات الني أقرتها الحكومة اللبنانية لم تنل رضى موظفي القطاع العام، ولكنهم علقوا إضرابهم لكن بشروط، حيث صدر بيان عن الرابطة عبرت فيها عن “استنكارها لرفض الحكومة بل إصرارها على عدم تصحيح الرواتب والأجور وإعادتها إلى قيمتها الفعلية لتستطيع مواكبة سعر الدولار وارتفاع الأسعار وكافة الأعباء التي تفرضها علينا الدولة من رسوم وضرائب وغرامات، وأسعار لخدماتها التي تنافس الدولار في الارتفاع، بينما تدفع مستحقاتنا من رواتب وأجور وتعويضات صرف ومعاشات تقاعدية على دولار 1500 ليرة لبنانية، وعلى أمل ومتابعة إقرار التصحيح المنشود وفق ما نص عليه المرسوم خلال ثلاثة أشهر”.

وأضاف بيان الرابطة أنه “نظراً لما تضمنه المرسوم من مواد غامضة غير محددة، مرتبطة بمعايير وشروط لم نعرفها بعد، وعلى أية أسس ستبنى، تعلن الهيئة الادارية لرابطة موظفي الإدارة العامة عن تعليق إضرابها لحين معرفة وتوضيح كافة المواد الغامضة التي تضمنها المرسوم الذي صدر عن مجلس الوزراء”.

وكان عضو رابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحّال صرح في حديث صحافي أن “الزيادات غير كافية، فهي مجرد تخدير، وهناك تهرب واضح من المسؤولية”، مشيراً إلى أن “موظفي الدولة لن يتقاضوا رواتبهم نهاية هذا الشهر، وحتى لو توقف الإضراب الآن، فإن الرواتب ستتأخر 17 يوماً”.

أبسط المعاملات

وتقتصر اجتماعات حكومة تصريف الأعمال على ” الضروري والملح”، في ظل انقسام سياسي عامودي يخضع له البلد منذ أكثر من أربع سنوات، وتحول مجلس النواب إلى هيئة ناخبة منذ سبتمبر (أيلول) 2022.

الباحث والأكاديمي الجامعي كريم بيطار قال في تصريحات صحافية إن “البلد في حالة تفكك شبه مطلق، ونشهد انهيار جميع مؤسسات الدولة التي كانت ما تزال تعمل”، مضيفاً “لم تعد الدولة قادرة حتى على تحصيل ضرائبها” وسط إضرابات شلت عمل العديد من المؤسسات، وتحقيقات قضائية في ملفات فساد واتهامات بالتسييس والتشفي من خلال القضاء تعطل عمل إدارات أخرى.

ويتابع بيطار “في ظل هذا الواقع، بات اللبنانيون عاجزين منذ أشهر عن القيام بأبسط المعاملات مثل تسجيل عقارات أو سيارات أو إنجاز أوراق رسمية”.

في هذا الشأن يقول خالد (اسم مستعار) إنه “وصل إلى لبنان منذ الثاني من يناير (كانون الثاني) الماضي كي يكمل معاملات طلاقه، بعد أن أخذ إجازة اسبوع من عمله، لكنه لا يزال يتنقل من محكمة إلى كاتب إلى بيت القاضي المولج متابعة قضيته ولم يستطيع حتى الأمس أن يتمم المعاملات بسبب الإضرابات”.

عودة الازدهار

يقول ناشر موقع “ليبانون فايلز” الباحث ربيع الهبر “إن الاضرابات العامة التي حصلت هددت المرافق الحيوية التي تطال حياة المواطن اليومية، مثل مصلحة التليفونات أو شركة الكهرباء أو مصلحة مياه بيروت، وبما أن هناك نقصاً في عدد الموظفين، ومن بعد الملاحقات القضائية التي طالت النافعة والدوائر العقارية، وبغياب القدرة على التوظيف فرغت هذه الدوائر من الموظفين، وانعكس سلباً وشللاً في تسيير معاملات المواطنين”.

ويشير الهبر إلى أن هناك خلل اقتصادي واجتماعي، ولكن وبسبب الاجراءات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري نبقى في حالة ثبات اقتصادية على الأقل نقدياً حتى الآن، لكن الازدهار لن يأتي قبل عودة الدورة الاقتصادية الطبيعية”.

 

 

Related posts

منحة تكميلية لتمويل مشروع الناقل الوطني بقيمة 15 مليون يورو

قرارت اقتصادية استكمالا لحزمة التسهيلات الخاصة بالتحفيز الاقتصادي

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية