المجلس الوطني لشؤون الأسرة قصة نجاح ملكية برؤية عالمية

عروبة الإخباري –

المجلس الوطني لشؤون الأسرة، قصة نجاح ملكية، بدأت جلالة الملكة رانيا العبدالله بكتابة حروفها عام 1999، عند تكليفها لفريق مختص، بتطوير استراتيجية لتنمية الطفولة المبكرة، تهدف إلى توفير التنمية المتوازنة والشاملة، وتطوير وعي الأسرة، والمجتمع بالقضايا المتعلقة بالطفولة.

وفي كانون أول عام 2000، طور الفريق الأردني الوطني لتنمية الطفولة المبكرة وثيقة استراتيجية شاملة لتنمية الطفولة المبكرة، تستجيب لاحتياجات الأطفال الصغار في الأردن، وتضمن إيجاد البيئة والظروف الملائمة لجميع الأطفال الأردنيين؛ لتحقيق أقصى إمكانيات النمو والتطور لديهم.

 

ولضرورة إيجاد مؤسسات وطنية تهتم بشؤون أفراد الأسرة بكافة فئاتهم العمرية؛ وضرورة وجود إطار مؤسسي داعم، ومنسق لجهود كافة المؤسسات، والجهات المعنية بشؤون الأسرة الأردنية بشكل تكاملي وفعّال؛ جاءت الإرادة الملكية السامية بتأسيس «المجلس الوطني لشؤون الأسرة» بموجب قانون رقم(27) لسنة 2001.

 

وتترأس مجلس أمنائه صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبدالله، ولتؤكد في رؤيتها «على مكانة الأسرة الأردنية وأهمية حماية ورعاية كل فرد من أفرادها، لأن الأسرة المتماسكة هي الأقدر على مواجهة تحديات العصر وتحقيق التقدم».

 

إن هذا ما أكدّه جلالة الملك في رسالته لصاحبة الجلالة حول تأسيس المجلس، إذ نصت على أن العقدين الأخيرين من القرن العشرين شهدا تطوراً في مجال توجيه الاهتمام نحو المواطن الأردني والأسرة الاردنية باعتبارها الأساس في بناء المجتمع ونمائه وتطوره.

 

ويضم مجلس الأمناء وزراء الوزارات: (التربية والتعليم، والتخطيط والتعاون الدولي، والتنمية الاجتماعية، والصحة، والأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية)، ومدير الأمن العام، ورئيس ديوان التشريع والرأي، إضافة إلى عدد من الذوات بصفاتهم الشخصية. ويعتبر هذا المجلس من دعائم المجلس حيث يعمل على رسم السياسات واستراتيجياتها وإقرار الخطط اللازمة لتنفيذها.

 

«مسيرة المجلس»

 

بدأ المجلس مسيرته بالتخطيط لمشاريعه وبرامجه ومبادراته، منطلقًا من واقع حقيقي تعكسه أرقام وإحصاءات تُوضح وتعكس واقع الأسرة الأردنية، وهذا ما طُبق على أرض الواقع، من خلال بحث نوعي لدراسة القضايا الأسرية ذات الأولوية خلال 2002، وعليه تم إعداد استراتيجية الأسرة الأردنية في 2005.

 

وتقوم الاستراتيجية على فكرة أنّ الأسرة وحدة تتكون من أعضاء مختلفين من حيث العمر والنوع والاهتمامات والأدوار والاحتياجات، مستندة في ذلك على دراسات وأبحاث علمية تحليلية لواقع الأسر.

 

ومن هنا، جاءت الانطلاقة لإعداد دراسات وتقارير دورية حول الأسر الأردنية وأولوياتها. والتي أسفرت نتائج إحدى دراساتها الأولية التي أعدها المجلس عن وجود ضعف في خدمات الإرشاد الأسري، ما دفع المجلس بإطلاق مشروع لمأسسة قضايا الإرشاد الأسري برعاية جلالتها خلال 2010.

 

وتضمن العديد من المخرجات: إعداد استراتيجية للإرشاد الأسري، ودراسة تقييمية، بالإضافة إلى دليل تدريبي للعاملين في هذا المجال، وكتاب علمي يدرس حاليًا في كليات التربية/تخصص إرشاد.

 

كما تم إطلاق حملة توعوية بأهمية تعميم هذه الخدمة في كافة محافظات المملكة، وبدأ بعدها المجلس بافتتاح مراكز للإرشاد الأسري، والتي بلغ عددها (10) وتم افتتاحها مع جمعيات ومؤسسات وطنية في مختلف المحافظات.

 

وإنطلاقًا من حرص صاحبة الجلالة لإيلاء مرحلة الطفولة أهمية بالغة؛ فقد كان لهذه المرحلة النصيب الوافر من عمل المجلس؛ وبالتالي أعد المجلس منهاجًا تفاعليًا للأطفال ودليلاً للتوعية الوالدية، في بداية تأسيسه في 2002.

 

واستمر المجلس في المتابعة على ذلك مواكباً التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم أجمع؛ حيث أصدر تطبيقًا تعليميًا تفاعليًا خلال 2021 تحت مسمى تطبيق «أسرتي»، ويشمل التطبيق مجموعة من الأنشطة التي يستفيد منها الآباء والأمهات والعاملين مع الأطفال لتنمية مهاراتهم.

 

وفي هذا الجانب أيضاً، التفت المجلس لأهمية توفير قاعدة بيانات تحليلية حول السياسات والخطط والمخصصات المرصودة في الموازنة المرتبطة بحقوق الطفل، واستخدام تلك البيانات كأداة لكسب التأييد الهادفة للوفاء بهذه الحقوق.

 

«دور الحضانات»

 

وضمن رؤى وتوجهات صاحبة الجلالة لهذه المرحلة، فقد جاءت الجهود لافتتاح حضانات بهدف توفير البيئة الآمنة للطفل، ولتمكين المرأة اقتصاديًا، حيث افتتحت جلالتها حضانة الخدمات الطبية الملكية في 2014، وحضانة الجامعة الهاشمية في 2016، وفق نظام جودة الحضانات.

 

وبعدها بدأ المجلس بالتوسع بافتتاح حضانات مؤسسية في القطاعين العام والخاص ليبلغ عددها (83) حضانة حتى 2021، بالإضافة لافتتاح حضانات منزلية بلغ عددها (10) حضانات.

 

وخلال ظهور جائحة كورونا في 2022، وبعد العودة التدريجية للقطاعات، وحاجة العاملين لوجود أبنائهم في بيئات صحية وآمنة؛ فقد أدرك المجلس هذه الحاجة، ووضع دليل إجراءات العمل لتدابير السلامة والوقاية الصحية للحد من انتشار الفيروس في الحضانات.

 

«حماية مضاعفة»

 

ومؤخرًا، لاشك بأنّ إقرار قانون حقوق الطفل الأخير رقم(17) لسنة 2022 كان علامة فارقة لتوفير سُبل العيش المُثلى لطفولة آمنة، واستثمارًا حقيقيًا في المستقبل.

 

وأُولي للمجلس وفق هذا القانون وكما ورد في المادة (30) منه مهمة إعداد التقارير الدورية والدراسات الفنية عن حالة حقوق الطفل بالمملكة بوجه عام، وتشكيل اللجان الفنية في ضوء ذلك، والتي سارع المجلس خلال 2023، بتشكيل لجنة فنية لإنفاذ قانون حقوق الطفل، والتي تضم مختلف الوزارات والمؤسسات الوطنية والدولية المعنية.

 

واستمرارًا لهذا النهج، وبما يحمي ويحفظ حقوق الأطفال؛ فقد أطلق المجلس تقنية الربط التلفزيوني المغلق؛ حماية للأطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها من مواجهة الجاني.

 

وتعمل هذه التقنية على تخفيف التوتر وأعباء المحاكمة داخل قاعة المحكمة؛ إذ جاء العمل على إيجاد هذه التقنية بناءً على توصية جلالتها خلال ترؤسها اجتماع لمجلس أمناء المجلس، والتي أكدت فيه على أهمية تطبيق قانون الحماية من العنف الأسري، وأهمية استخدام الفيديو لمقابلة ضحايا العنف الأسري.

 

«السياسات والاستراتيجيات»

 

وضمن عمل المجلس باعتباره واضعاً للسياسات ومُعداً للاستراتيجيات الوطنية وتحديثها؛ ومن بينها استراتيجية عدالة الأحداث، التي تعد موجها لعمل ونشاطات وبرامج الأحداث، حيث اعتمدت منهجية تطويرها على النهج التشاركي القائم على إشراك المعنيين بهذا الجانب.

 

وللدور الريادي الذي يقوم له المجلس في مجال الحماية من العنف، فقد أُعلن في 2007 وبحضور صاحبة الجلالة عن اختيار المجلس مركزًا للتعاون الإقليمي في مجال الحماية والوقاية من العنف -حيث أنّ هذا الاعتماد يُمنح للمراكز المتميزة على الصعيد العالمي-.

 

وجاء الإعلان أيضًا تقديرًا لجهود جلالتها في مجال حماية الأسرة؛ التي عززت أهمية وجود شراكات للمجلس؛ للوصول إلى نتائج ملموسة ذات آثار واضحة، وتعزيز حلقات الوصل بين المؤسسات المعنية بطبيعة عمله.

 

ولم يتوانَ المجلس عن تطبيق توصيات جلالتها؛ فنظراً لتكاملية الأدوار المؤسسية في تقديم الخدمات في التعامل مع حالات العنف؛ جاءت الرؤى المشتركة بين المؤسسات لأن يكون هناك فريق وطني يضم المؤسسات الوطنية الحكومية وغير الحكومية.

 

ويقوم الفريق بوضع البرامج والتنسيق مع المؤسسات التي تُعتبر الأسرة محط اهتمامها؛ لتنفيذ ما يخدمها ويحقق استقرارها، وإيماناً بدوره الفاعل في هذا المجال فقد مُنح جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العام 2003.

 

وارتأى أعضاء الفريق لضرورة وجود وثيقة بمثابة خارطة طريق، تُوضح الآلية التي يجب أن تتعامل بها المؤسسات ذات العلاقة بقضايا العنف؛ حيثّ أُعدت هذه الوثيقة تحت مسمى «الإطار الوطني لحماية الأسرة من العنف».

 

وتم اعتماد الوثيقة من قبل مجلس الوزراء، وتعميمه على المؤسسات باعتباره مرجعية وطنية علمية وعملية تُحدد الأدوار والمسؤوليات التي تتعامل بها المؤسسات، كما تم تحديثه في 2016 ليتلاءم مع الاحتياجات والمتطلبات التي طرأت على المجتمع.

 

واستمرارًا لعملهم، فقد أُطلق في 2022 الخطة التنفيذية لمصفوفة الأولويات الوطنية لتعزيز منظومة الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي العنف الأسري، وحماية الطفل، والتي جاءت أيضاً لتعكس النهج التشاركي بين المؤسسات.

 

كما جاءت لضمان جودة التنسيق لتحقيق استجابة أكثر للحالات المعرضة للعنف، جُلّ هذه الإنجازات كانت سبباً في اختيار المجلس ممثلاً للأردن في المبادرة العالمية لإنهاء كافة أشكال العنف ضد الأطفال.

 

ومواكبة للتطورات التكنولوجية، وضمان استجابة متكاملة لهذه الحالات من قبل المؤسسات مقدمة الخدمة، استُحدث نظام إلكتروني يتم استخدامه من قبل جميع المؤسسات لغايات متابعة الإجراءات المتعلقة بتقديم الخدمات اللازمة بما يحقق المصلحة الفضلى للحالات.

 

وكفئة كبار السن وما لها على المجلس من واجب الاحترام والتقدير؛ فقد عمل على مأسسة قضاياهم لتكون ضمن الأولويات الوطنية؛ وخلال اجتماع لاعضاء اللجنة الوطنية لكبار السن مع جلالتها في 2015 في بيت العناية الانسانية.

 

وشددت جلالتها في الاجتماع على أهمية هذه الفئة، وضرورة تقديم كافة الخدمات لهم، بالإضافة إلى العمل على تعزيز نظرة المجتمع الإيجابية لهم ولخبراتهم، وتعزيز مفهوم التكافل بين الأجيال.

 

وخلال جائحة كورونا، تأثر المجتمع الأردني كغيره بتبعات الجائحة، ولاشك كبار السن من الفئات الأكثر عرضة للتأثر، ووفقاً لذلك دعا المجلس وبالتعاون مع أعضاء اللجنة الوطنية لكبار السن، بمخاطبة رئاسة الوزراء لإنشاء صندوق وطني يدعم كبار السن، ويلبي احتياجاتهم، واستجابت الحكومة لهذه التوصية، وصدر نظام رعاية كبار السن عام 2021 وتعليماته لعام 2022.

 

«جائزة المؤسسات الصديقة للطفولة»

 

حاز المجلس جائزة المؤسسات الصديقة للطفولة في 2022، والتي تنظمها جامعة الدول العربية من خلال قطاع الشؤون الاجتماعية؛ تشجيعاً للمؤسسات المعنية بشؤون الطفولة لترسيخ ثقافة احترام حقوق الطفل في المجتمعات بصفتها حقوق أصيلة، ولتسليط الضوء على نماذج عربية أسهمت في إحداث التغيير في مجال حماية الطفل.

Related posts

مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي عشائر الغويري والمعايطة والعليمات

افتتاح مبنى الفصيل النسائي في قيادة لواء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان/التدخل السريع

(فيديو) الرئيس الأستوني: يجب حل العديد من الأمور قبل الاعتراف بفلسطين