ارتدادات هجمات البحر الأحمر…تصفير الحركة في باب المندب وقناة السويس

عروبة الإخباري –

لبنان 24 – هتاف دهام

تعززت المخاوف العالمية من ترجيح عودة التضخم للارتفاع مجددا في حال طال أمد الأزمة التي استجدت في البحر الاحمر، حيث اضطر بعض السفن إلى اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح الواقع جنوبي دولة جنوب أفريقيا، ممرا بديلا عن مضيق باب المندب ، خوفا من هجمات جماعة أنصار الله الحوثية، وارتفعت أسعار كلفة الشحن الوارد عبر مضيق بنسب وصلت إلى 170%.وقالت شركة الشحن أونر لين Honor Lane في بيان، إنها تتوقع أن يستمر الوضع في البحر الأحمر لمدة تصل إلى 6 أشهر، وربما حتى سنة، وهذا يعني استمرار الارتفاع في أسعار الشحن ونقص في المعدات إلى ما بعد شهر آب المقبل.

وليس بعيدا نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تحذيرات من أن الحوثيين قد يستهدفون كابلات الاتصالات البحرية المهمة، بما في ذلك خطوط الإنترنت، التي تمر عبر البحر الأحمر وتربط آسيا بأوروبا. ويقول، نائب رئيس الأبحاث في شركة تيلي جيوغرافي، وهي شركة أبحاث في سوق الاتصالات تيموثي سترونغ إن “أكثر من 99 بالمائة من الاتصالات العابرة للقارات تمر عبر الكابلات البحرية، وهذا لا يقتصر على الإنترنت فحسب، بل يشمل المعاملات المالية والتحويلات بين البنوك وحتى المؤسسات الدفاعية”.

القلق يكمن اليوم من تفاقم الأخطار ومآل الأوضاع على المستوى الغربي والعربي اذا استمرت التوترات في البحر الأحمر، فالعمليات التي ينفذها الحوثيون أثرت وبشكل فعلي ومباشر على صعيد الملاحة بالنسبة لنوعية الأسلحة المستخذمة.

يشكل مضيق باب المندب أحد أهم المضائق المائية حيث يفصل بين آسيا وأفريقيا، يربط البحر الأحمر وخليج عدن بالبحر المتوسط عبر قناة السويس. تمر عبره سنويا حوالي 25000 سفينة اي ما يعادل 65 إلى 70 سفينة يوميا أي 15% من حركة الملاحة العالمية.

يظن كثيرون ان ثمة منافسة دولية على هذا المضيق مدفوعة بتزاحم الدول على حماية مصالحها التجارية والعسكرية، في حين ان المتخصص في النقل البحري الدولي الدكتور وسام ناجي يعتبر في حديث ل”لبنان24″ أن كلمة منافسة تعبير محبب عن السباق الدولي المحموم للسيطرة على باب المندب، وهي معركة غير معلنة جيو أستراتيجية بين القطب الأميركي والقطب الصيني يضاف إليهما أوروبا التي تتطلع دوما لإبقاء هذا الشريان الحيوي سالكا أمام 60% من حجم تجارتها، مذكرا أن هناك 6 قواعد عسكرية محيطة بباب المندب للولايات المتحدة الأمريكية والصين وفرنسا واليابان واسبانيا وإيطاليا.

ويؤكد ناجي أننا نقترب فعليا من تصفير الحركة في باب المندب وقناة السويس، فنحو 40% من دخل قناة السويس انخفض أي ما يوازي 2 مليار دولار وهي التي تشكل إحدى الروافد الثلاث للاقتصاد المصري بعد السياحة وتحويلات العمال المصريين في الخارج. فهناك 70% من كبار شركات الملاحة العالمية التي أعلنت عن نيتها المرور عبر رأس الرجاء الصالح والتخلي عن باب المندب. أما بالنسبة لمضيق هرمز وهو الشريان الأورد لنقل مصادر الطاقة إلى العالم، فمجرد فكرة إقفاله قد تؤدي لا سمح الله إلى إشعال حرب إقليمية وربما عالمية.

وعليه، فإن الارتدادات الاقتصادية لما يجري عابرة للقارات، خاصة على قطاع الطاقة والمواد الاستهلاكية وقطع الغيار. ونستطيع، بحسب الأستاذ المتخصص في النقل البحري الدولي، تلمس التضخم عالميا وغلاء الأسعار بالإضافة إلى تأخر البضائع للوصول إلى موانئ التفريغ ما يوازي شهرا ونصف الشهر . فلقد تضاعفت المسافة البحرية وأصبحت تقريبا 16000 ميل بحري من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا بعد أن كانت تبلغ 7500 ميل بحري عبر قناة السويس. ولذلك فإن المتضرر الأكبر عربيا هما الأردن ومصر، أما أوروبيا فألمانيا وهولندا والدول الاسكندنافية.

ولا شك أن الاقتصاد العالمي بدأ ، بحسب الدكتور ناجي، يستشعر خطورة ما يجري في البحر الأحمر من التأخير إلى زيادة أيام الإبحار، إلى عدم الولوج إلى مرافئ كانت تصلها شركات الشحن العالمية، إلى إقفال مصانع لعدم الحصول على موادها الأولية للصناعة، ناهيك عن ارتفاع التأمين البحري وما يسمى برسم التأمين الإضافي على الحرب (2.5% Hull Value) التي أدت حكما إلى زيادة أسعار الشحن البحري وما يشكل ذلك من ضغط على اقتصاديات الدول الفقيرة والنامية.

ويتوقف ناجي عند كلام الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال إنرجيز، باتريك بوياني “أنه لم يعد للشركة أي سفن تعبر مضيق باب المندب”، بالقول: “بوياني علامة فارقة في قطاع الطاقة حيث عين لإدارة شركة توتال في العام 2014 واجتمعنا سوية في باريس مرات عديدة واكتسبنا منه الأدوار الاستراتيجية، نذكر منها الشراكة بين أرامكو السعودية وتوتال بمبلغ 11 مليار دولار في صيف 2022، لذلك علينا الاستماع والتمحيص بما يقوله: نعم سنكون أمام أزمة طاقة عالمية إن تطورت الامور بشكل مفاجئ إلى ما لا يحمد عقباه خاصة في مضيق هرمز”.

وهنا يقول أحد الاقتصاديين إن إغلاق قناة السويس ومضيق هرمز في مرحلة لاحقة سيؤدي إلى ارتفاع كبير بأسعار الهيدروكربونات حيث من المحتمل أن يتخطى سعر برميل النفط عتبة الـ 100 دولار. وهذا السيناريو سيترك تأثيراً عميقاً على الاقتصاد العالمي.

وبينما العمل جار على خطة أسبيدس الأوروبية لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، يعتبر ناجي ان أسبيدس اي الدرع باللغة اليونانية كناية عن تحالف أوروبي دفاعي غير هجومي، مؤلف من ثلاث وحدات بحرية حسب وزير الدفاع الايطالي لمكافحة هجمات منسقة وصواريخ بالستية وغيرها من الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون، ولذلك لن تؤدي دورا محوريا في مسار “الحرب الدائرة” التي لن تتوقف إلا بحلول دبلوماسية عميقة وفعالة بين الاقطاب المتنافسين.

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية

البكار: الإجراءات التنظيمية للعمالة الوافدة لا تشمل إعفاءات الرسوم