عروبة الإخباري –
أكد خبراء اقتصاديون أن تناغم المنظومة القضائية مع المنظومة الاستثمارية يحفز الاستثمار المحلي ويعمل على استقطاب الأجنبي.
ولفت الخبراء، في أحاديث إلى «الرأي»، إلى أن الأردن يقوم وبشكل دائم بتطوير القوانين والتشريعات والتعليمات الناظمة والداعمة للعملية الاستثمارية وجعلها متوافقة مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة مثل المحاكم الاقتصادية وحماية المستثمرين وحقوق الملكية الفكرية والمنافسة.
وأكد مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي بأن التطور الهائل والمستمر في التشريعات الأردنية وتطوير منظومة القضاء الأردني أصبح يشار إليه بالبنان.
وقال إنه وفقاً لتجارب العديد من المستثمرين المحليين والأجانب، فإن أهمية القضاء المتخصص قد دفعت تشجيع الاستثمار قدماً، وحسنت بيئته.
وتتجلى تلك الإسهامات من خلال سرعة البت في القضايا خاصة المالية والاستثمار والتجارية والاقتصادية، ممن يحقق مناخاً آمناً للاستثمار والذي من شأنه أن يدعم الثقة والذي من ِشأنه أن يدعم الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب والشركاء الاقتصاديين.
وأشار حجازي إلى أن الأردن يقوم وبشكل دائم بتطوير القوانين والتشريعات والتعليمات الناظمة والداعمة للعملية الاستثمارية وجعلها متوافقة مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة مثل المحاكم الاقتصادية وحماية المستثمرين وحقوق الملكية الفكرية والمنافسة وغيرها من التشريعات التي تحمي حقوق المستثمر بموضوعية والعمل على إنفاذ القرارات القضائية، ومساواة بين المستثمر المحلي والأجنبي بموجب قانون البيئة الاستثمارية الذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام الماضي.
فالقضاء، بتقديره، هو الرافعة الأساسية والداعمة لأي عملية استثمارية، اضافة إلى تعزيز منظومة النزاهة في المملكة والدور الكبير الذي تقوم به هذه المنظومة في مكافحة الفساد وبخاصة في الشركات المساهمة العامة التي تحفظ حقوق المساهمين. وللتأكيد على أهمية ذلك تم في مديرية الأمن العام استحداث وحدة حماية الاستثمار المتخصصة بأمن وحماية الاستثمارات ومتابعة قضايا المستثمرين.
وقال الخبير الاقتصادي والمالي زياد الرفاتي إن السلطة القضائية تعتبر هي السلطة الثالثة بعد السلطتين التشريعية والتنفيذية الواردة في الدستور الأردني والتي تنظم شؤون البلاد كل في مجال صلاحياته، وتقوم السلطة القضائية بدور بارز في الحياة العامة في القوانين والتشريعات للوصول والتعامل مع الحقيقة والعدل لتسود العدالة بين أفراد لمجتمع وإحقاق الحق وتعزيز سيادة القانون وسلامة النسيج المجتمعي وفق مبادئ الاستقلالية والنزاهة والشفافية والمكاشفة بالنظر في القضايا وإجراءات التقاضي وإصدار الأحكام القضائية وصون حقوق الناس وإعادتها لأصحابها وحل النزاعات بين الأفراد أو المؤسسات.
وأشار الرفاتي إلى أن القضاء يلقى اهتماما ملكيا خاصا ودعما غير محدود على مدى العهود وتطوير أعماله والارتقاء بها ويستلم من السلطة القضائية التقرير السنوي عن أداء القضاء والمحاكم، وأن جلالة الملك يقدر دورهم ويثمن جهودهم المبذولة على مدار العام ويبدي توجيهاته السامية للتحديث والتطوير في العمل القضائي وأهمية مواكبة التطورات التقنية والتكنولوجية في العمل القضائي وادخال الأنظمة المحوسبة والدفع الإلكتروني والبلاغات ومتابعة سير الدعاوى ورفده بالكوادر البشرية المؤهلة والمدربة لما فيه من جودة الأحكام وسرعة الانجاز والتسهيل على أطراف الدعوى القضائية وإنفاذ القانون على الجميع بسواسية، وقد أكد جلالته أكثر من مرة أن لا أحد فوق القانون.
ولاحظ الرفاعي تناغم السلطة القضائية مع المنظومة الاقتصادية والاستثمارية في سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للاستثمار وحفز واستقطاب وتوطين الاستثمارات المحلية والأجنبية، وبخاصة مع انطلاقة خطة التحديث الاقتصادي وتنفيذ مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاداري وتعزيز الثقة بالمؤسسات الوطنية.
كما أولت الجهات الرسمية عناية خاصة للاستثمارات في المدن الصناعية بتخصيص نقاط أمنية داخل المدن لتكون بالقرب من أماكن التجمعات الاستثمارية لبعث الطمأنينة والأمن في نفوس المستثمرين والمعالجة السريعة لأية تصرفات سلبية أو مؤذية كالابتزاز أو التحايل أو التهديد أو الاعتداء اللفظي أو الجسدي قد تقع تجاههم.
وأشار الرفاتي إلى أن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تقوم بتطبيق الإجراءات والأحكام الصارمة في محاربة جرائم الرشوة في القطاعات كافة وبخاصة الخدمية والتراخيص والموافقات والعطاءات وتقليل انتشارها والحد منها من خلال التعاون الجدي من المواطنين والمستثمرين وسرعة التحقيقات وتطوير أساليب كشفها وحماية المبلغين.
وهذا، برأيه، رادع لأصحاب النفوس الضعيفة وتحصين الموظفين وسرعة الكشف عن هذه الجرائم والتي تلحق أضرارا بالمصالح الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية للدولة والخزينة العامة والمجتمع، وهنا تبرز أهمية التوعية المجتمعية للحفاظ على المكتسبات الوطنية والدور الذي يقع على التحديث الاداري في محاربة الفساد.
ولفت إلى أن المجلس القضائي يتعاون مع الهيئة في كشف من يتجاوزون القانون لتحقيق مكاسب شخصية وغير مشروعة وعدم التهاون بها وتجفيف منابع الفساد. مؤكدا أنّ المساواة أمام القانون والأنظمة الإدارية الفاعلة والتميز الحكومي ورضا الموظف تُشعر المواطن بالأمان وتحفزه على العطاء وتنعكس إيجابا على جودة الخدمات المقدمة، حيث سيادة القانون دعامة الدولة القوية والمستقرة.
وشدد على أن الحوكمة والإدارة الرشيدة وصناعة التميز الإداري تقود التنمية والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة وتعمل على تعظيمها وتسوق الفرص الاستثمارية، وتشجع المستثمرين على إقامة مشاريع اقتصادية لخلق فرص عمل ومشروعات الشراكة الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص وتنظيم إدارة المناطق التنموية الحرة وتنفيذ مشاريع واعدة بعيدا عن العاصمة لصندوق تنمية المحافظات الذي ينتظر التمويل لتعزيز البنية التحتية وتحريك عجلة النشاط الاقتصادي وبيئة الأعمال وخلق فرص عمل وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وأشار الرفاتي إلى أن مشاريع المياه والأمن الغذائي والزراعي والطاقوي والتغير المناخي من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة وهي على رأس أولويات رؤية التحديث الاقتصادي وتحفل بإمكانات وفرص لاستثمارها.
وشدد على الحاجة إلى تعزيز البيئة الجاذبة للمستثمرين في مجال الغذاء وفي ظل شح الموارد المائية.
ورأى أن ذلك يتطلب أدوات ودعم وتمويل وحوافز وبيئة تحقق التكامل الصناعي الزراعي وفتح الباب أمام التصنيع الغذائي، والتقليل من تأثير الحروب والتحديات الخارجية على التنمية المستدامة والتحديات الاقتصادية الاستثنائية تتطلب حلولا استثنائية وتسريع خطوات الاعتماد على الذات.
وبيّن أن الصناديق الاستثمارية كصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي وصندوق رأس المال والاستثمار الأردني سيكون لها دور في الاستثمار والتمويل لهذه المشاريع وتعزيز وتمكين الأردن كوجهة استثمارية محفزة.
وأوضح الرفاتي أن جهود المملكة في مكافحة آفة المخدرات ومنع دخولها تحمي الاقتصاد والاستثمار والمجتمع، والتعامل معها على أنها جريمة اقتصادية تمس الأمن الاقتصادي وإصدار أحكامها من قبل محكمة أمن الدولة رادع للمهربين وحافز وثقة للمستثمرين على اقامة استثماراتهم وتنميتها.
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن القضاء من الأركان الرئيسية لأي دولة، وإنه كلما كان القضاء أكثر عدلا فيما يتعلق بالأنظمة والقوانين والأحكام التي يصدرها يستطيع أن يكون قادرا على أن يشكل صورة ذهنية إيجابية عن الدولة والمجتمع والمؤسسات فيها والأشخاص أيضا، وهذا بالضبط ما ينتظره المستثمرون.
وأكد عايش أنه لذلك حدد قانون البيئة الاستثمارية المراجع القضائية فيما يتعلق بحل الخلافات وفق قواعد معروفة سلفا سواء التقاضي حسب قوانين دولية أو حسب منظمة التجارة العالمية أو حسب معايير دولية مختلفة.
لكنه، أي القانون، شرح تلك المرجعيات، وبالتالي قدم طمأنينة للمستثمرين فيما يتعلق بالتقاضي وفي حال كان هناك نزاعات استثمارية أو مالية أو غيرها تتعلق بهؤلاء المستثمرين الذين ساواهم بالمستثمر المحلي.
وأشار عايش إلى أن إنصاف القضاء الأردني يفترض أن تكون هي الحالة العامة السائدة وما عدا ذلك يفترض أنه حالات شاذة لا يقاس عليها ولا تعبر عن هذا القضاء..
وبالنتيجة؛ فإن شعور المتقاضين بأن القانون يأخذ مجراه وبأن العدالة هي سيدة الموقف وبأن الحقوق لا تضيع وفق أحكام القانون وأن القضاء الأردني باستمرار يعبر عن حالة، «لا أقول بأنها حيادية وإنما أقول إن تطبيق القانون الذي يفترض أنه معروف ومعلوم للجميع فإنه في الحالة هذه يسجل هدفا استثماريا إضافيا ويلعب دورا في إشاعة الأمن والطمأنينة الاقتصاديين ويكون أحد وسائل الترويج الاستثماري للأردن، وهو يشكل علامة فارقة فيما يتعلق بالتميز للمنافسين للأردن».
وأكد أننا نتحدث هنا عن التصدي لأي محاولة لتجاوز القضاء، وأيضا الاستقواء يصبح والحالة هذه مسألة تتعلق ببعض الناس لكنها لا تتعلق بالقانون الذي يفرض نفسه وإيقاعه وحكمه لصالح عملية مبنية على القواعد وعلى الأنظمة وعلى الإثباتات وعلى الحقوق، وبالتالي لا تأخذ القضاء لومة لائم فيما يتعلق بما يصدره من أحكام وفق الحق العام ووفق الأدلة والإثباتات بغض النظر عن المتقاضين أو النتائج المترتبة على عملية التقاضي ما دامت مبنية على الأحكام العادلة وفق درجات النظام والقانون.