منحى يتماشى مع المبادئ المنبعثة من الأسلوب الشخصي والاتصال مع الطبيعة والممارسات المستدامة
عروبة الإخباري –
اندبندنت عربية – نيرمين علي –
كل مرة، ومع دخولنا عاماً جديداً تبدأ ملامحه العامة بالتكشف تدريجاً، مما ينبئ بظهور اتجاهات على مختلف الصعد، ولن يستثنى طبعاً عالم التصميم الداخلي من هذه التوقعات، بل نستطيع القول إنها بدأت من نهايات العام الماضي، لتنبئنا بصورة صريحة بأن أي اتجاه يتماشى مع المبادئ المنبعثة من ثلاثة محاور، الأسلوب الشخصي والاتصال مع الطبيعة والممارسات المستدامة سينشط بقوة هذا العام.
باختصار، يمكننا القول إن كل جزء من أجزاء التصميم سيتماشى مع الطبيعة بصورة أو بأخرى، من الأشكال إلى الإضاءة والألوان والأثاث، وستنضم التكنولوجيا للوصول إلى هذا النهج بصورة قوية وداعم.
دعوة إلى الطبيعة
يحتل التصميم الداخلي الواعي بيئياً مركز الصدارة في اتجاهات هذا العام، كما أنه يتداخل مع عديد من الاتجاهات الأخرى، فالتصاميم المستوحاة من الطبيعة والعناصر الحيوية، بصورة عامة، والمواد المستدامة والجدران الحية سيكون لها الدور الأساس في العمل على تحسين الرفاهية وتسليط الضوء على العلاقة مع الطبيعة وإيقاظ الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة مع اتخاذ خيارات التصميم الداعمة لها.
وسيكون تبني هذا الاتجاه سهلاً، إذ يكفي استجلاب نوع خاص من النباتات والحفاظ على النوافذ من دون ستائر لنقل الخارج إلى الدخل، في محاولة لاستجلاب اللوحات الطبيعية من المحيط الخارجي وعرضها على الزجاج الداخلي بطريقة تجعل المساحة تبدو وكأنها ضمن البيئة الطبيعية، مما يجلب مزيداً من الهواء الطلق والإضاءة الطبيعية إلى الداخل، وكذلك تتماشى الإضاءة مع هذا الاتجاه الذي يدعو بالأساس إلى الرحابة والانفتاح على المساحات الطبيعية، لاستقبال أشعة الشمس والاستفادة من مزاياها على الصحة والمزاج والقدرة على التركيز، لذا، سيكون من الملائم اختيار النوافذ الكبيرة والمناور أيضاً، وكذلك يمكن تحقيق أقصى استفادة من الضوء الطبيعي من خلال اعتماد نظام الألوان الفاتحة والأسطح العاكسة، مثل الوسائد اللامعة والمرايا المثبتة بطريقة تعمل على تضخيم هذا التأثير.
أما في حال استخدام الإضاءة الصناعية فمن الممكن توزيع الأضواء المخفية وتركيبات الإضاءة المنحوتة لإضافة لمسة فنية وأجواء ممتعة مع توفير الإضاءة الوظيفية.
التصميم الحيوي “البيوفيليا”
أما في مجال المفروشات والأثاث فسيستمر الاتجاه ذو الخطوط المنحنية بالصعود مع احتمال وصوله إلى أعلى درجاته هذا العام، وبوصف أدق، الأثاث ذو التصميم المستمر الطويل والمنحني الزوايا والالتفاف، وفي الوقت نفسه المربع التركيب، إذ تميل المنحنيات لتكون أقرب إلى الشكل العضوي وتحقق التصميم الحيوي أو “البيوفيليا” (دمج الطبيعة وعناصرها في البناء)، مما يحقق توقنا إلى الاتصال بالطبيعية، وسنرى الخطوط المنحنية في كل مكان، سواء طبقت في الأرائك المقطعية، أو طاولات الطعام أو القهوة، كنوع من تعزيز الطاقة الناعمة والهادئة في المساحات الرحبة. وفي السياق ذاته، أصبحت المرايا ذات أشكال عضوية وغير منتظمة أو ذات أبعاد أكبر يمكن أن تضفي مظهراً جريئاً وعمقاً ولمسة من السحر، مما يجعل المساحات تبدو أكبر وأكثر جاذبية.
ذكاء اصطناعي
تستمر التكنولوجيا الذكية في إحداث ثورة في الطريقة التي نعيش بها، وهي طبعاً لا تستثني جانب التصاميم عموماً والتصميم الداخلي على وجه الخصوص، فتدخل العام الجديد محملة بأدوات أكثر لتندمج وتتكامل بسلاسة أكبر من المحيط من حولنا، معززة وسائل الراحة والرفاهية أكثر من أي وقت مضى، بدءاً من اتجاهات تصميم الإضاءة التي تفعل بالصوت والزجاج الذكي، وصولاً إلى إدارة المنزل بواسطة الذكاء الاصطناعي، عالم ستحمله بأكمله في جهازك المحمول وتتحكم به تماماً، هذه الابتكارات ستجعل الحياة اليومية أسهل وأكثر كفاءة وروعة. كما أن التطوير في ركن الإنتاجية، الذي بدأ الاهتمام به بداية عام 2021، سيستمر معنا بثبات أكبر ليصبح المكتب المنزلي، هذه السنة، عنصراً أساساً مع تطور منهج العمل من بعد، لذا من المنطقي أن يستثمر الناس أكثر في الأثاث الذي يخدم كلاً من الكفاءة والراحة في بيئة العمل المنزلي، ومن هنا، بدأت مستلزمات الديكور تتفرع لخدمة هذا النوع من المساحات، لنرى كراسي مكتبية بميزات ذات درجة أعلى من الراحة، وإضاءة مخصصة مع خيارات كبيرة مع التنبه لأهمية وسائل أخرى مثل عزل الصوت، للوصول إلى تصميم أنيق يجعل مساحات العمل أكثر تميزاً ودعماً للوظيفة والحصول على نتائج أكثر فاعلية وإلهاماً.
النوستالجيا والمعاصرة
أما بالنسبة إلى الألوان فسيكون للألوان الترابية النصيب الأكبر على خريطة ألوان 2024، إذ يمكن للمسات من بعض الألوان الترابية المرتبطة بالحنين إلى الماضي كلون الخردل والزيتون على سبيل المثال أن تعكس إحساساً دافئاً وتوفر مزيجاً مثالياً من أجواء النوستالجيا والتصميم المعاصر معاً. وكما كان اللونان البيج والعاجي حاضرين على مر العصور وسيستمران بالتأكيد يعودان بقوة هذا العام، ولكن مع لمسة جديدة لتحيط بالأقمشة العصرية والدرجات اللونية الجريئة، مما يوفر أناقة كلاسيكية مع مظهر جديد ومعاصر، وكذلك يعد اللون الرمادي الفاتح من أهم اتجاهات ألوان الديكور هذا العام، لقدرته على التناغم بشكل جميل وسلس مع مختلف الألوان والمواد والأقمشة، مما يخلق أجواء من الفخامة الراقية.
واللافت أن الألوان المرحة والجريئة المستوحاة من اتجاه باربي Barbiecore المشرق والنابض بالحياة مثل اللونين الوردي والفيروزي الزاهيين، ستكون رائجة بصورة كبيرة في اتجاهات التصميم الداخلي هذا العام، لقدرتها العالية على فرض إحساس بالمرح والطاقة في التصميمات الداخلية ولخلق مساحات تشع بالإيجابية. وستكون الأنظمة الثنائية أو الثلاثية الألوان من بين أفضل اتجاهات ألوان التصميم الداخلي لعام 2024، لتميزها في إضفاء عمق ونوع من التعقيد المدروس للمساحات، إضافة إلى ذلك، تخلق الدرجات اللونية الناعمة والمتناغمة إحساساً بالتوازن والانجذاب البصري من دون أن ترهق العين.
والأكيد أن اللون الخوخي المخملي سيفرض حضوره بشتى الطرق، لون العام الجذاب الذي يأخذ مكانه بين اللونين الوردي والبرتقالي، ويلهم الانتماء ويقدم فرصة للرعاية واستحضار جو من الهدوء واللطف، مما يوفر مساحة للشفاء والازدهار، ويغمر عوالمنا الأكثر خصوصية بالحضور المريح، وتخلق إضافته في الديكورات الداخلية للمنزل، أجواء ترحيبية احتفائية، وتعزز مشاعر الدفء، سواء طبق على الجدران أو في قطع الديكور أو بمثابة لمسة ثانوية جمالية داخل نمط ما.