عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
نعم عاشت جنوب افريقيا شعلة للحرية وهي تستحق أن يقبل رؤوس قادتها، فقد تشرفت أن كنت في مجموعة من الشخصيات قادها رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري “أبو ربيح” الى زيارة سفارة جنوب افريقيا، حيث استقبلتنا السفيرة تسجيلاتي موكوينا، وحمل المصري للسفيرة رسالة شكر تليت على مسامعها وفيها شكر لموقف جمهورية جنوب افريقيا على موقفها من فلسطين وقضيتها وعلى مبادرتها لرفع شكوى ضد الجرائم الاسرائيلية التي ارتكبت وما زالت ترتكب في غزة وعلى الشعب الفلسطيني وفي عموم الأرض الفلسطينية وبشكل وحشي لم يسبق له مثيل على المستوى العالمي.
تحركت جنوب افريقيا ذات التجربة المشتركة، ولم يتحرك في دول العرب للأسف من يقوم بهذا العمل
فلا يدرك معنى الحرية الا من اصبح حراً ولا يعرف معنى الكرامة الا من أحس بها.
تحدث منيب المصري أمام السفيرة عن مضمون الرسالة وعن معاناة الشعب الفلسطيني، فدخلت السفيرة في موجة شديدة من البكاء والنحيب، واستذكرت معاناة شعبها وتضحياته وظلت تبكي وقد انكفأت على طاولة الجلوس، وقام منيب المصري، بمساعدتها لتتوقف عن النحيب، الذي جعل الحاضرين ينخرطون في البكاء جميعاً… لقد أحسست بالألم أكثر من أي لحظة في حياتي وأنا ارى هذه السيدة العظيمة تبكي على أطفال فلسطين بصوت عالِ ونشيج.
كان معظم الحضور هم عائلة منيب المصري من اولاده وأحفاده وفي مقدمتهم حفيده الذي يحمل اسمه (منيب) والذي أصيب برصاصة اسرائيلية في جنوب لبنان، اقعدته، ومع ذلك جاء للمشاركة في تسليم الرسالة على عربة.
وقد تحدث الحاضرون أمام السفيرة التي شاركت في متابعة جلسات المحكمة عبر الهاتف الخلوي، حيث كانت الجلسة قد عقدت في محكمة العدل لمحاكمة الجرائم الاسرائيلية.
كان يوماً مميزاً من أيام تضامن جنوب افريقيا مع شعبنا الذي يعتبر مانديلا رمزاً للحرية ولاستقلال، وقد إقيم له تمثال في رام الله، وهو مرسوم في صدور الأحرار والمناضلين، وكان منيب المصري يحتفظ معه بذكريات فيها صور أظهرها منيب للسفيرة حين التقى مع مانديلا في لندن.
وما زلت أذكر زيارة الرئيس عرفات للزعيم مانديلا والاحتضان الشديد لفلسطين وقضيتها ، ومما قاله مانديلا “سيبقى استقلال وحرية جنوب افريقيا منقوصة الى ان تنال فلسطين حريتها”.
لا يعادل عظمة هذه السيدة المناضلة ابنة ثورة جنوب افريقيا التي تخلصت من حكم العنصرية والتمييز، وكان اولادها وبناتها معها في منزلها وقد تحدثوا هم ايضاً عن تضامنهم وعن دورهم وذويهم في معركة الاستقلال العظيمة.
وإذا كنا نرصد حركة شعبنا من أجل حريته وحجم التضحيات الكبيرة التي يقدمها كل يوم، فلا بد أن نذكر أيضاً فضل هذا الرجل، منيب المصري، الذي ما زال يطارد بلفور صاحب الوعد
المشؤؤم الذي بقي مسؤولاً عن كل ما أصاب فلسطين وقضيتها ومن ظلم ، وعدوان، وهو نفس الكلام الذي قاله منيب، وكررته السفيرة التي ذكرت أيضاً أن أصل البلاء هو وعد بلفور وموقف الحكومة البريطانية آنذاك.
ولأنه لا يضيع حق وراءه مطالب، فإن المطلوب كما يرى المصري، تنظيم المطالبين وزيادة أعدادهم وتمكينهم ليصلوا الى الحق بادانة الدولة الاستعمارية بريطانيا، التي نرى شوارعها اليوم تتظاهر بالملايين، تكفير عن دورها الاستعماري ضد الشعب الفلسطيني وإدانة للحكومات البريطانية المتعاقبة الواقعة تحت النفوذ والتبعية الصهيونية والأمريكية.
التحية لجنوب افريقيا كدولة حرة مستقلة، امهرت استقلالها بالدماء والمجد لمؤسسها، نيلسون مانديلا، ورفاقه وللدولة الجنوب افريقية وحكومة جنوب افريقيا، وشعبها الذي ما زال يوقد شعلة الحرية بوقوفه الى جانب الشعب الفلسطيني.
المجد لكل المناضلين من جنوب افريقيا عبر أجيالهم، سواء من رحل أو بقي، فقد ألهموا شعوب الأرض معاني الحرية والكرامة والاستقلال، رأيناها اليوم في دموع السفيرة موكوينا.
والمجد للشعب الفلسطيني العظيم الذي ما زال يخوض معركة حركة تحريره بتضحيات جسيمة وقدره وصبر وتضحيات.
والتحية لمنيب المصري الذي جاء باحفاده للقاء ولتظل شعلة الكفاح حية مستقلة من يد الرجل الذي دخل التسعينيات والشباب والشابات الذين ترشحوا الى جانب علم فلسطين والأردن بشعارات جنوب افريقيا حين قلدت السفيرة الحاضرين بقلادة جنوب افريقية التي تحمل لون العلم الذي ارتداه ابنها وابنتها وأشاروا الى فلسطين وصفقوا لها