عروبة الإخباري – ندين صموئيل شلهوب –
واهٍ ذاتي، كما كنتِ، كوني، لا قدرة لأحد أن يخذلكِ، يقمعكِ، أو يخفّف من عزيمتكِ. كوني كما عرفتكِ، قوية، شجاعة، جريئة، على الرغم من الحزن والأسى والمرارة، والوجع والقهر والخسارة.
واهٍ ذاتي، يا من كنتِ، كلّ ما كنتِ. كم من المرّات جرحتِ، وفي الصميم طُعنتِ وانتُحِبتِ، انكسرتِ مرارًا وتكرارًا، خُذلتِ ملايين الأضعاف.
واهٍ ذاتي، بأي حالٍ أنتِ صبرتِ، ومضيتِ وتحديتِ واستمريتِ. كنتِ شريكة أحلام ورفيقة أوهام، كنتِ عشيقة جمال وعاشقة اهتمام، ومعبودة غنجٍ ودلال.
وماذا بعد؟! في كلّ ما كنتِ، قصّرتِ شعركِ وتغيّرتِ، ربما في الشكل أجل – تغيّرتِ – وماذا عن المضمون؟! العطر عينه، والابتسامة المذبوحة تختال من الكذب على ضفتين، والدمع المترّبص بينهما يساوي محيطات ملح لم يعد صالحًا للتمليح.
وطعم السكر المُكرّر، الغير مجدٍ له بأن يحلّي كلّ ما هو قبيح، ومعامل تلزيق عجيب لا مفعول له لكلّ ما تكسّر وتحطّم.
عدتِ أدراجكِ ذليلةٌ ومدّججةٌ بالصراخ،
عدتِ عبثية بالذكاء المعهود بعنوان غباء، طالبة حقّ وعدالة من ميزانٍ مبتور الهوية يتسكّع على دفّةٍ واحدةٍ لا يعرف الاتزان.
عموده الفقري مكفوف، معطّل الحواس والإحساس، زئبقه منتهي الصلاحية، فاقد الشرع والشرعية، صمّام أمانٍ معطّل، عقيم من يوم الولادة، باطل المعنى والمعاني.
كلّ شيء ممّزق مبعثر، تأخذه الريح ولا تعيده.
مثقوبٌ في الجوهر، مخرومٌ في المنطق، وجافٌ في العمق، لا بل في الأعماق،
بكلّ تلك الحدّة، بجبروت فرعون، وفتك سليمان، وديكتاتورية نابليون، وكلّ من أتى عبر التأريخ لينصف هذا العذاب – ولم ينصفه –
لم يجد حبّة خردل تفي هذا الإنصاف.
قيثارة جحود، وعرّاب خوفٍ من دون حدود.
وغضبك أيتها المرآة في ازدياد، لا ترضى بأن تعفي، ولا ترضى بأن تظلم، لا تقبل الإعدام المبرّر، ولا تقبل البراءة المكتسبة على هامش مسيرةٍ مجعّدةٍ،
وفي اللاكيّ عذابٌ، أكثر من الكيّ.
كيفكِ وأنتِ منهارةٌ، معذبةٌ، مهمومة، ممتلئة بحذافير الجنون.
مشتعلةٌ بنيرانٍ لا كلام يقال فيها، كافٍ على الورق.
أثلج قلبي يا الله، حرّرني، وارحمني، اجعل مني إنسانًة جديدًة، لا تعرف ذاتها السابقة، لا تجعلها بطموحات حاذقة.
فلا أغتسل في الوهم مرتين، ولا أعاود التقاط الدهشة إلا على جبين السماء بتنهيدةٍ وقبلتين.