عروبة الإخباري –
توافد قادة وزعماء ومسؤولي دول العالم إلى الكويت للتعزية في وفاة أميرها الراحل نواف الأحمد الجابر الصباح، وقدم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واجب العزاء في وفاة نواف الأحمد، وفق ما نقلته وكالة “واس”، حيث استقبله أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
كما استقبل الشيخ مشعل الأحمد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، وكذلك ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
واستقبل أيضاً رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس التونسي قيس سعيد، إضافة إلى حاكم إمارة الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي ممثلاً عن رئيس الإمارات، لتقديم العزاء.
وحضر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لتقديم التعازي نيابة عن رئيس بلاده، وقالت وزارة الخارجية الإيرانية قبل وصوله إنه سيشدد على أهمية تطوير العلاقات الثنائية في اجتماعات مع كبار المسؤولين الكويتيين.
ومن المقر أن يصل أيضاً وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ممثلاً عن الرئيس جو بايدن، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتقديم العزاء.
وودعت الكويت أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي ووري الثرى صباح اليوم الأحد في مقبرة الصلبيخات بشمال غرب العاصمة.
وحمل نعش الأمير الذي رحل السبت عن 86 سنة، على الأكتاف وقد لفّ بعلم الكويت في مراسم تقدّمها خلفه الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (83 عاماً).
واقتصرت المراسم على أفراد الأسرة الحاكمة، وجرت بعد إقامة صلاة الجنازة في مسجد بلال بن رباح. ونقلت المراسم عبر التلفزيون الكويتي ووقف خلالها أفراد الأسرة في خشوع.
وأعلنت الكويت الحداد أربعين يومًا ونكست الأعلام، كما أغلقت المؤسسات الحكومية ثلاثة أيام. وعمّ الهدوء أرجاء البلاد مع تلاوة آيات من القرآن، وخيم عليها الحزن فيما علت في الشوارع شاشات أشادت بمناقب الأمير الراحل كُتب على بعضها “رحم الله أمير الحكمة والتسامح والسلام”.
وخُصص يوما الإثنين والثلاثاء لتلقي التعازي رسمياً بالأمير الذي عُرف بتواضعه ونال لقب “أمير العفو” لأنه أصدر العديد من قرارات العفو خلال سنوات حكمه الثلاث، آخرها مرسوم أقره مجلس الوزراء أواخر الشهر الماضي للإفراج عن عشرات السجناء السياسيين.
ونادى مجلس الوزراء الكويتي، أمس السبت 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أميراً لدولة الكويت، وذلك بعد الإعلان عن وفاة أمير الكويت الـ16 ببيان رسمي من الديوان الأميري بثه التلفزيون الرسمي لدولة الكويت، ونعى فيه الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح. وأعلنت الكويت الحداد ثلاثة أيام بتعطيل الدوائر الرسمية في البلاد، وتنكيس الأعلام 40 يوماً حداداً. وكان الديوان الأميري أعلن عن قبول الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح التعازي في قصر بيان.
وفي وقت لاحق اجتمع مجلس الوزراء الكويتي ونادى أيضاً بالشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميراً لدولة الكويت خلفاً لسلفه نواف الأحمد الجابر الصباح.
من هو أمير الكويت الجديد؟
ولد أمير الكويت الـ17، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الجمعة 27 سبتمبر (أيلول) 1940، وهو الابن السابع للشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت الأسبق، تلقى تعليمه للسنوات الأولى في مدرسة المباركية.
درس الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في كلية “هندن” للشرطة في بريطانيا وتخرج فيها عام 1960، التحق بوزارة الداخلية وتدرج في المناصب حتى أصبح رئيساً للمباحث العامة آنذاك (والتي تحولت في عهده إلى جهاز أمن الدولة) وهو جهاز عسكري مستقل عن قوات الجيش والشرطة، ويهدف إلى مساعدة القوات المسلحة وهيئات الأمن العام والمساهمة في أغراض الدفاع الوطني.
تولى الشيخ مشعل عديداً من المناصب الفخرية، من بينها الرئيس الفخري لجمعية الطيارين ومهندسي الطيران الكويتية خلال الفترة (1973 – 2017).
كما عينه أمير البلاد السابق، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في عام 1977 رئيساً لديوانية شعراء النبط. وهو أحد مؤسسي الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكي والرئيس الفخري لها عام 1979.
وعلى صعيد حياته الشخصية، فالشيخ مشعل تزوج من سيدتين هما: الشيخة نورية صباح السالم الصباح، ومنيرة بداح المطيري، وله منهما خمسة أبناء ذكور، و7 إناث.
وفي 13 يناير (كانون الثاني) 2004 أصدر الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، مرسوماً أميرياً بتعيينه نائباً لرئيس الحرس الوطني بدرجة وزير وشغل المنصب بين عامي 2004 و2020. ودخل الشيخ مشعل، أمير الكويت الحالي، من خلال المنظومة والبوابة الأمنية (وزارتي الداخلية والدفاع) وتدرج فيهما بعدة مناصب قيادية على مدى أكثر من خمسة عقود، معترك السياسة وصل إلى ولاية العهد في عام 2020 بتزكية من الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
ونجح الشيخ مشعل في منصب نائب رئيس الحرس الوطني، وتمكنت المؤسسة العسكرية في عهده من إقرار ثلاث خطط استراتيجية خمسية: “الأمن أساس التنمية” (2010 – 2015)، و”الأمن أولاً” (2015 – 2020) ، و”حماية وسند” (2020 – 2025).
في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 أصدر الراحل الشيخ نواف الأحمد أمراً أميرياً بالاستعانة بولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الصباح لممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية، ونص الأمر الأميري على تفويض ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد بصلاحيات الأمير ومنها إجراء المشاورات التقليدية لتعيين رئيس مجلس الوزراء، وتعيين رئيس مجلس الوزراء، والوزراء وإعفائهم وقبول استقالتهم.
ومن الصلاحيات التي فوضها الأمير الراحل، التصديق على المراسيم الأميرية المرفوعة من مجلس الوزراء وإصدارها، واقتراح القوانين والتصديق عليها بعد موافقة مجلس الأمة وإصدار المراسيم بقوانين وإبرام المعاهدات الدولية. إضافة إلى جميع اختصاصات الأمير في شؤون مجلس الأمة، إضافة إلى إعلان الأحكام العرفية، وتعيين السفراء وقبول أوراق اعتمادهم.
وفي ظل الغياب الصحي للأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، أدار الشيخ مشعل العلاقات المتعثرة بين الحكومة ومجلس الأمة، التي أدت إلى حلّ المجلس حلاً دستورياً مرتين وإبطاله بقرار من المحكمة الدستورية، وإجراء انتخابات برلمانية مرتين. وذلك استناداً إلى المادة السابعة من الدستور التي تنص على أنه “ينوب ولي العهد عن الأمير في ممارسة صلاحياته الدستورية في حالة تغيبه خارج الدولة وفقاً للشروط والأوضاع المبينة في المواد 61 و62 و63 و64 من الدستور، وللأمير أن يستعين بولي العهد في أي أمر من الأمور الداخلة في صلاحيات رئيس الدولة الدستورية”.
وبحسب مذكرة توضيحية لمشروع قانون توارث الإمارة، فإن المادة السابعة قررت قاعدة “نيابة ولي العهد عن الأمير عند تغيبه خارج الدولة، وأباحت أن يستعين به الأمير في أي أمر من الأمور الداخلة في صلاحياته”.
وكان أمير الكويت الحالي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح افتتح الدورين الأول والثاني من الفصل التشريعي الـ17 لمجلس الأمة الكويتي 2023 نيابة عن الأمير الراحل، وأكد ضرورة التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ملوحاً بأن القيادة السياسية تعمل وفق الدستور إلى حين إعادة المنظومة السياسية لمسارها عبر “الإصلاح السياسي والتنمية”.
يُذكر أنه في أول خطاب له بعد أدائه القسم ولياً للعهد، تعهّد الشيخ مشعل الحفاظ على المسيرة التي اختطها أخوه الراحل الشيخ صباح الأحمد مع الحفاظ على النهج الديمقراطي وتوسيع المشاركة الشعبية.
وقال الشيخ مشعل في كلمة في البرلمان بعد أداء القسم، “نحن على يقين بأن الكويت بقيادة الأمير الشيخ نواف الأحمد ستواصل مسيرتها الريادية، دولة دستور ونهج ديمقراطي ومشاركة شعبية ومصداقية في الأفعال قبل الأقوال، داعية إلى الخير والسلام ومنبراً للخير والعمل الإنساني”، مؤكداً أن “الكويت باقية على التزاماتها الخليجية والإقليمية والدولية وأن المواطن المخلص الذي يعمل لازدهار وطنه الراعي لمصالحه المحافظ على وحدته الوطنية الساعي إلى رفعته وتقدمه المتمسك بالدين الحنيف والثوابت الوطنية الراسخة الحريص كل الحرص على تلبية طموحات وآمال الوطن والمواطنين… رافعاً شعار المشاركة الشعبية عاملاً على إشاعة روح المحبة والتسامح ونبذ الفرقة”.
وتلقت الكويت فور إعلان النبأ تعازي القادة والزعماء الخليجيين والعرب، وخصوصاً السعودية، التي سارعت إلى التضامن مع الشعب الكويتي، وأعربت قيادتها عن “بالغ التعازي وصادق المواساة لعائلة آل صباح الكريمة، وللشعب الكويتي الشقيق، وللأمتين العربية والإسلامية في وفاة صاحب السمو الشيخ نواف رحمه الله الذي رحل بعد مسيرة حافلة بالإنجاز والعطاء”.
وأكد الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد أن “المملكة العربية السعودية وشعبها يشاركون الأشقاء في دولة الكويت أحزانهم، ويسألون الله العلي القدير أن يلهم الأسرة الكريمة والشعب الكويتي الشقيق الصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل، وأن يديم على دولة الكويت وشعبها الشقيق الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار”.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال وفد رئاسي إلى دولة الكويت لتقديم العزاء في وفاة أمير البلاد.
ونعى زعماء عالميون الشيخ نواف وقدموا تعازيهم لخليفته الشيخ مشعل وأسرة الصباح وشعب الكويت. وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في بيان عبر منصة التواصل الاجتماعي إكس إنه شعر بالحزن لسماع نبأ وفاة الشيخ نواف، الذي وصفه بالصديق العظيم للمملكة المتحدة والذي “سيظل في الذاكرة بإعزاز”. وكتب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد على منصة إكس “لقد كان الراحل الكبير قائداً حكيماً قام بدور كبير في تعزيز العلاقات الإماراتية الكويتية ودعم العمل الخليجي المشترك”، فيما أعرب رئيس قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن تعازيه في الفقيد، وأنه “يشاطر الكويت وأهلها أحزانهم في هذا المصاب الأليم”.
وأعلن مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية الحداد الرسمي لمدة 40 يوماً وإغلاق الدوائر الرسمية لمدة 3 أيام تنتهي مساء الثلاثاء المقبل.
وتوفي الراحل عن 86 سنة، تنقل فيها بين عديد من المناصب الحكومية، قبل أن يسميه سلفه الشيخ صباح ولياً للعهد في 2006، ويصبح في وقت لاحق أمير البلاد في الـ29 من سبتمبر (أيلول) 2020 إثر وفاة أميرها.
وألقى الراحل حينها خطاباً أمام مجلس الأمة أكد فيه أن بلاده “تعرضت خلال تاريخها الطويل إلى تحديات جادة ومحن قاسية نجحنا بتجاوزها متعاونين متكاتفين وعبرنا بسفينة الكويت إلى بر الأمان”، مؤكداً أنها تواجه في ذلك الوقت وحتى اليوم كما يؤكد زعماؤها “ظروفاً دقيقة وتحديات خطيرة لا سبيل لتجاوزها والنجاة من عواقبها إلا بوحدة الصف وتضافر جهودنا جميعاً، مخلصين العمل الجاد لخير ورفعة الكويت وأهلها الأوفياء”.
وتنص المادة الرابعة من الدستور والمادة الأولى من قانون توارث الإمارة على أن “الكويت إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح”، فيما تنص المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة على “أنه إذا خلا منصب الأمير نودي بولي العهد أميراً”، ولذلك سمي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (مواليد الـ27 من سبتمبر 1940) أميراً للبلاد فيما سيبايعه مجلس الأمة في وقت لاحق، وبذلك يكون السابع بين الأسرة الحاكمة في الكويت، منذ استقلال الإمارة الخليجية عن بريطانيا عام 1961.