عروبة الإخباري –
أحد أبرز الفرضيات الأساسية لتقدير النفقات العامة في مشروع قانون الموازنة لعام 2024 هو رصد المخصصات المالية لتغطية فوائد الدين العام الداخلي والخارجي.
التطور السلبي في هذا البند في “الموازنة” هو النمو الكبير الحاصل في خدمة الدين العام، لترتفع من 1.703 مليار دينار، بعد إعادة التقدير للعام الحالي، إلى ما يقارب 1.98 مليار دينار للعام المقبل، أي بزيادة مقدارها 277 مليون دينار أو بارتفاع نسبته 16.3 %.
لا شك بأن هذه الأرقام كبيرة جدًا، والنمو الحاصل في خدمة الدين أيضًا كبير، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، والتي ارتفعت خلال العامين الأخيرين حوالي 10 مرات متتالية وبمقدار 500 نقطة، وهو ما انعكس مباشرة على قروض الأردن الخارجية التي غالبيتها مقومة بالدولار.
ارتفاع فوائد الدين، التي تشكل وحدها 18.6 % من إجمالي النفقات الجارية بهذا الشكل، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الإصلاح المالي في الأردن، ويكون أداة ضغط واستنزاف حقيقي لإيرادات الدولة وعملية التنمية بشكل عام.
ارتفاع فوائد الدين بهذه النسبة، نتيجة لظروف خارجية، حتمًا سيؤدي إلى زيادة الدين العام الذي من المقدر أن يبلغ في السنة المقبلة ما يقارب 33.5 مليار دينار تقريبًا، مع استثناء ديون الضمان الاجتماعي التي تناهز الـ 8 مليارات دينار.
وبالتالي، سيؤثر الدين العام المرتفع على الموازنة، ويؤدي إلى تقييد النمو الاقتصادي، إذ ان ارتفاع فوائد الدين يمكن أن يزيد الأعباء المالية على الموازنة الحكومية، وبما أن الحكومة قد تحتاج إلى دفع مبالغ أكبر لسداد فوائد الدين، فإن هذا يمكن أن يقلص الموارد المتاحة للاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة الأخرى.
أيضًا، فإن ارتفاع فوائد الدين يمكن أن يؤدي إلى تقييد القدرة على الاستثمار في المملكة، حيث يكون على الشركات والأفراد دفع مبالغ أكبر كفوائد على القروض والائتمان، مما يقلل من القدرة على النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
من أجل التغلب على هذه التحديات وتعزيز الإصلاح المالي في المملكة، هناك حاجة إلى استراتيجيات متعددة المستويات، خاصة في تعزيز الشفافية في إدارة الدين العام والتعامل مع الفساد المالي والإداري، إذ ان هذا يمكن أن يساعد على تقليل تكاليف الديون وزيادة الثقة بالقطاع المالي، مع ضرورة البحث عن مصادر تمويل بديلة تقلل من الاعتماد على الدين بفوائد عالية، مثل الاستثمارات الخارجية وتعزيز القطاع الخاص، مع الحرص على مواصلة تحسين إدارة الدين من خلال تحسين استخدام الائتمان وتفعيل سياسات تقلل من مخاطر الدين وتعزيز الاستثمار وتحسين المناخ الاستثماري وتحفيز تنفيذ سياسات تحفيزية لتعزيز النمو الاقتصادي من أجل تقليل الدين العام نسبيًا.
لا بد من تحسين البنية التحتية وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني من خلال تطوير المهارات ورفع مستوى التكنولوجيا، وكلها ضمن إطار تنويع مصادر التنوع الاقتصادي.
الإصلاح المالي يتطلب جهودًا مستمرة ومتكاملة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بتنفيذ إستراتيجيات متعددة المستويات، ويمكن للحكومة تحقيق تحسين في الإصلاح المالي وتقليل تأثير ارتفاع فوائد الدين على الاقتصاد والمواطنين بتنويع أدواتها المالية والاستثمارية وزيادة قدرة الاقتصاد التنافسية وزيادة الدخل القومي للمملكة.