محافظة: ما نعيشه اليوم في منطقتنا هو امتحان للقيم الإنسانية والأخلاقية

عروبة الإخباري –

شارك وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي / رئيس اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم الدكتور عزمي محافظة في أعمال الدورة (42) للمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو المنعقدة في باريس.

وبين الدكتور محافظة في كلمة ألقاها اليوم الجمعة خلال جلسة مناقشة السياسة العامة في الجلسة الصباحية للمؤتمر ، أن ما نعيشه اليوم في منطقتنا هو امتحان للقيم الإنسانية والأخلاقية والمبادئ التي تكرّست في كنف هذه المنظمة العريقة، مشيرًا إلى أن ما يعيشه الفلسطينيون من عنف وبؤس وقهر ومآسٍ هو نتيجة لاحتلال طال أمده ضارباً بعرض الحائط كل القوانين الدولية التي ينتهكها منذ أكثر من خمسة وسبعين عاماً بلا رادع ودون تحرك دولي فعّال، ولا يزال المجتمع الدولي يتّخذ من ازدواجية المعايير بوصلته للتعامل مع القضايا في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وبين، أن الأردن قدّم، بصفته رئيس المجموعة العربية في الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، مشروع قرار يتبنى هدنة إنسانية فورية ودائمة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية بموجب القانون الدولي، وتسهيل وصول الإمدادات الإنسانية لقطاع غزة، حيث صوتت ١٢١ دولة لصالح هذا القرار، ومع ذلك استمرت إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بقصفها المستمر للمدنيين متخذةً استراتيجية العقاب الجماعي.

وأضاف أن عدد ضحايا العدوان الغاشم على قطاع غزة في تزايد مضطرد، ويكفي أن تشاهدوا هواتفكم الذكية لمعرفة كم طفل قُتل، كم امرأة قُتلت، وكم صحفي تم قتله، كم من المدارس والمنشآت التعليمية والمستشفيات تعرضت للتدمير الكامل أو أخرجت عن نطاق الخدمة، وكم من الممتلكات الثقافية والمساجد والكنائس التاريخية في القطاع دُمّرت بالكامل.

وأكد الدكتور محافظة أن الأردن اتسم في خطاباته بالإدراك والاستباقية لما يحدث على الأراضي الفلسطينية المحتلة على مدى العقود الماضية، ومن هذا المنبر يؤكد الأردن ويكرر ، بلا كلل أو ملل، على أن لا بديل للعمل متعدد الأطراف، فالتعددية والتسامح والحوار وفهم التنوع الديني والثقافي ضرورة لتحقيق السلام والوئام بين مختلف المجتمعات على كافة الأصعدة، ولا تقدم الإجراءات الأُحادية حلولاً ولا تصنع تغييراً إيجابياً مستداماً، ومن هذا المنبر يكرر الأردن بأن الحل الأوحد لكي تنعم المنطقة بالأمن والسلام يتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967.

كما يدعو الأردن جميع الدول الأعضاء إلى اعتماد مشروع القرار الخاص (بغزة)، ويشكر جميع الدول التي تواصلت معنا وعبّرت عن دعمها لمشروع القرار الذي سيناقش بعد ظهر هذا اليوم في لجنة العلاقات الخارجية، والذي يتسم بالاعتدال ويأتي ضمن نطاق عمل واختصاص اليونسكو.

وأشار إلى أن الأردن يؤكد على ضرورة قيام اليونسكو بمهامها ضمن نطاق اختصاصها، مما سيساعد على إعادة الحياة إلى المؤسسات التعليمية، وترميم الممتلكات الثقافية، والحد من الخطر الذي يلاحق الصحفيين في القطاع.

كما يؤكد الأردن أيضاً على أهمية قيام اليونسكو بعملها في مجال الحفاظ على المواقع التراثية العالمية المدرجة على قوائمها، بناء على التوافق على اعتماد قرار القدس وقرار المؤسسات التعليمية والثقافية في الأراضي العربية المحتلة، وحيث أن مدينة القدس القديمة وأسوارها جزء لا يتجزأ من هذه المواقع، وبحكم أنها مدينة مقدّسة عند المسلمين والمسيحيين واليهود، يتوجب أن تكون مدينة سلام، لا ساحة للاحتلال والظلم والحرمان، وتقع مسؤولية حماية هويتها وطابعها، والوضع القانوني والتاريخي القائم فيها على عاتقنا جميعاً.

وأضاف أن الوفد الأردني يؤكد على أن مدينة القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية تعتبر من أهم أولويات صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بصفته صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.

وبين الدكتور محافظة أن وزارة التربية والتعليم تعمل بالتعاون مع كافة الوزارات والمؤسسات العاملة في قطاع التعليم على متابعة وتنفيذ الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030 وغاياته والذي يهدف إلى ضمان توفير تعليم جيد وعادل وشامل، لافتًا إلى أنه وعلى الرغم من الانجازات المتحققة خلال الخمس السنوات الأولى لانطلاقة أهداف التنمية المستدامة، إلا أن ما تعرض له العالم كله ونظامه التعليمي من تراجع ملموس يدعو إلى التكاتف العالمي كضرورة ملحة لاسترداد خسائر التعلم، وإعادة تجديد الالتزام السياسي والمالي الدولي بالتعليم باعتباره منفعة عامة عالمية، وتسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، ولهذا جاءت قمة تحويل التعليم التي عُقدت في نيويورك استجابةً للأزمة العالمية في التعليم، من أجل الارتقاء بالتعليم وحشد العمل والطموح والتضامن وايجاد الحلول لتجاوز آثار خسائر التعلم المرتبطة بجائحة كورونا.

كما بين أن للهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة دوراً محورياً وفعّالاً للوصول إلى أفضل النتائج التي من خلالها نستطيع قراءة الوضع التعليمي وتشخيصه في الأردن، وقد استندت التقارير التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم عن واقع التعليم في الأردن إلى الاستبانات متضمنة البيانات والمعلومات التي من شأنها إثراء هذا القطاع، حيث كانت معظم الاستبانات تستند الى مؤشرات معيارية وطنية تم التوافق عليها من خلال اللجان المشكلة لإدارة الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وركزت تلك المعايير على العديد من القضايا التربوية مثل: مستوى كفاءة الطلبة في مهارات الرياضيات والقراءة، مدى تأثير جائحة كورونا على تحصيل الطلبة خصوصاً في مرحلة التعلم عن بعد، ورصد مشاركة الطلبة في التعلم المنتظم في مختلف مراحله.

وأشار إلى أن الأردن وعلى أثر تقديمه لالتزاماته في التعليم إلى اليونسكو، فقد عقدت اللجنة الوطنية الأردنية للتربية والثقافة والعلوم مؤتمر ما بعد قمة تحويل التعليم في الشهر الأول من هذا العام بهدف تسريع التحول والتقدم نحو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وكذلك حشد المزيد من الدعم والشراكات لترجمة تلك الالتزامات إلى أفعال.

وأضاف أن الأردن واستجابةً لتنفيذ إطار العمل الخاص بالتعليم من أجل التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في دورته الأربعين، عمل من خلال وزارة التربية والتعليم على تشكيل فريق وطني خاص بالمبادرة القُطرية للتعليم من أجل التنمية المستدامة من جميع الوزارات والمؤسسات الوطنية لحشد الجهود الوطنية لتنفيذ البرامج والمشاريع التي من شأنها تسريع العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030.

وبين الدكتور محافظة أن قطاع الثقافة في الأردن يمتاز بالرعاية والمأسسة سواء كان التراث الثقافي الطبيعي أو المادي أو غير المادي أو الوثائقي والرقمي، وترتبط جميعها ببعضها البعض لتشكل صورة حضارية وهوية ثقافية متكاملة، وتسعى المؤسسات لحمايتها، والمحافظة عليها، واستدامتها، والترويج لها من خلال سن القوانين والتشريعات ووضع الخطط والاستراتيجيات، ومراعاة المواثيق والاتفاقيات الدولية ضمن رؤى وطنية تعظم من قيمة هويتها الوطنية لتغني الإرث العالمي بمكوناته الثقافية، فالأردن بلد منفتح على العالم والثقافات المحيطة، ويتميز بالتنوع الثقافي وتمازج جميع أطيافه، ويعمل الأردن من خلال مؤسساته وبفضل رؤية القيادة الهاشمية الحكيمة كل ما بوسعه للحفاظ على الهوية الثقافية ونقلها للأجيال القادمة لإخراج هذا التراث إلى الحيز الذي يليق به على المستوى العالمي بما يتوافق والأجندات الوطنية والدولية، مشيرًا إلى أن الجهات الرسمية الأردنية المعنية بالتراث المادي وغير المادي بذلت خلال السنوات الأخيرة جهوداً كبيرةً في إعداد ملفات الترشيح للعناصر التراثية التي يزخر بها الأردن.

وأضاف أن قضايا الشباب والمرأة والمساواة بين الجنسين وأخلاقيات العلوم والتقانة والقضايا البيئية تعد أولوية وطنية، لما لها من انعكاسات على تحقيق التنمية المستدامة لمواردنا البشرية والطبيعية، حيث تولي الحكومة الأردنية اهتمامًا كبيراً لهذه القضايا من خلال عقد اللقاءات مع فئات المجتمع كافة ودعم المشاريع والمبادرات الريادية، كما تتظافر جهود القطاع العام والخاص في سبيل التمكين من الوصول للمعلومات وتسهيل سبل الاتصال واكتساب المعرفة ومواكبة التغيرات العالمية ضمن الالتزام بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

وفي ختام كلمته أعرب الدكتور محافظة عن شكره لمنظمة اليونسكو على الدور الهام الذي تقوم به في مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال، ودعمها المتواصل للمشاريع المختلفة وللمبادرات والجوائز العديدة التي تساعد المنظمة في تحقيق أهدافها ورسالتها النبيلة التي نؤمن بها، داعيًا إياها إلى استكمال مسيرتها نحو مستقبل مشرق لمجتمعات العالم كافة في عالم يسوده السلام وتعزيز فرص الأمن وسبل العيش المشترك والمستدام.

Related posts

الداود: هنالك من يتعمد الحديث عن انتزاع مواضيع من المناهج الواقع غير صحيح وتحديدا بالمواد المرتبطة بالجهاد

بعد 19 عامًا على تفجيرات فنادق عمان الإرهابية… الأردن أقوى

تركيب 120 طرفا صناعيا لـ 116 فلسطينيا منذ بداية إطلاق مبادرة “استعادة الأمل” منتصف أيلول الماضي