عروبة الإخباري –
قطع أكبر حزبين في إقليم كردستان العراق، الاتّحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني خطوة جديدة باتّجاه تجاوز الخلافات العميقة التي ميّزت العلاقة بينهما خلال الفترة السابقة، وتنشيط التنسيق المشترك في مواجهة الظروف الصعبة التي تواجه الإقليم والاستعداد لمحطّات سياسية مهمّة من ضمنها الانتخابات المحلية في العراق والانتخابات النيابية في الإقليم.
وعقد الحزبان، الثلاثاء، في أربيل مركز الإقليم اجتماعا حضره عن الاتّحاد الوطني رئيس الحزب بافل طالباني، إلى جانب كل من قوباد طالباني عضو المكتب السياسي مسؤول مكتب سكرتارية جلال طالباني، وعماد أحمد عضو المكتب السياسي للحزب، وسعدي بيره المتحدّث باسم الاتحاد الوطني، ورفعت عبدالله مقرر الهيئة العاملة للمكتب السياسي، والعضو في الهيئة شالاو علي عسكري.
واعتبر مراقبون أن علوّ مستوى التمثيل في الاجتماع يؤشّر على انتقال الحزبين من مرحلة المصالحة إلى مرحلة التنسيق وتوحيد السياسات في مواجهة تحديات أخذت منحى أكثر خطرا على تماسك الإقليم واستقراره.
وتمت خلال الاجتماع مناقشة عدّة قضايا تتصل بالعلاقات بين الحزبين والاستحقاقات الانتخابية القادمة والمسألة المالية المختلف بشأنها مع الحكومة العراقية، وقضايا التعليم والنفط، والعلاقات بين الإقليم والحكومة الاتّحادية.
وقال متابعون للشأن السياسي في إقليم كردستان العراق إنّ الاجتماع اكتسى أهمية خاصّة كونه انعقد في مرحلة حساسة محليّا وإقليميا تتميّز بتعاظم التحديات المالية والاقتصادية، وبالتالي الاجتماعية، جرّاء خلافات سلطات الإقليم مع الحكومة العراقية بشأن رواتب موظفي الإقليم وحصته من الموازنة الاتحادية، وكذلك التحديات الأمنية بسبب التصعيد التركي ضدّ عناصر حزب العمال الكردستاني المتواجدين في كردستان العراق، وبسبب تداعيات الحرب في غزّة والتي تتخذها ميليشيات شيعية سببا لاستهداف نقطة تمركز القوات الأميركية في مطار أربيل.
واعتبر هؤلاء أنّ الأرضية باتت مهيّأة لمستوى أعلى من التنسيق بين الحزبين على أساس من التكافؤ، بسبب حالة الاستقرار التي وصل إليها حزب الاتّحاد الوطني بعد أنّ نجح في توحيد قيادته وفض الشراكة التي كانت قائمة على رأس الحزب وتسليم زمام القيادة للسياسي المحنّك بافل طالباني الذي ظهرت بصمته في تبريد الخلافات ونسج شبكة علاقات واسعة داخل العراق وخارجه.
وأكّدوا أن رئيس الاتحاد الوطني وضع الحزب على سكّة استعادة مكانته وإشعاعه السياسي، بما يؤهّله ليكون شريكا فاعلا للحزب الديمقراطي في مواجهة الظروف الاستثنائية التي يواجهها إقليم كردستان العراق.
وكان الحزبان قد التقيا آخر شهر يوليو الماضي في السليمانية إثر فترة تدهورت فيها العلاقات بين الطرفين ووصلت حدّ مقاطعة الاتحاد الوطني لجلسات حكومة الإقليم.
ودارت الخلافات حول مسائل أمنية على رأسها اغتيال رجل الاستخبارات هاوكار الجاف واتهام عناصر محسوبة على حزب الاتّحاد في العملية، وكذلك مسائل سياسية تمثّلت في دخول الحزب الديمقراطي على المنافسة على منصب رئاسة الجمهورية الذي جرى العرف بأن يكون من نصيب الاتّحاد الوطني.
كما دارت الخلافات حول مسائل مادية بعد اتهام حكومة الإقليم لحزب الاتّحاد بعدم تسليم إيرادات المنافذ الحدودية الواقعة في حيّزه الجغرافي، واتهامات مضادة من حزب الاتّحاد الوطني لحكومة مسرور بارزاني بعدم الإنصاف في توزيع الرواتب والعائدات بين مختلف مناطق الإقليم بما في ذلك محافظة السليمانية.
وصدر عن اجتماع قيادات الاتّحاد الوطني والحزب الديمقراطي بيان ختامي مشترك تضمن التأكيد على ضرورة التنسيق والتعاون وحشد جهود كافة القوى والأحزاب السياسية لحماية كيان إقليم كردستان.
كما نصّ البيان على تعزيز النقاط المشتركة وحل الأزمات والمشاكل بما يتوافق مع المصالح القومية الكردستانية، وصياغة إستراتيجية مشتركة تتلاءم مع مجريات الأحداث ومتغيراتها، ومواجهة كافة التحديات.
وأشار أيضا إلى ضرورة دعم خطوات حكومة الإقليم الرامية لتوفير المستحقات المالية ورواتب موظفي حكومة كردستان العراق وفق ما ينص عليه الدستور العراقي.
وقال نيجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريحات صحفية إثر الاجتماع إنّ اللقاء مع الاتحاد الوطني “كان إيجابيا ومثمرا”، مؤكدا على استمرار تلك اللقاءات.
وبشأن الانتخابات التشريعية القادمة في الإقليم والمقررة لشهر فبراير المقبل قال بارزاني “نحن كرئاسة الإقليم حددنا موعد إجراء الانتخابات ونتمنى أن تجرى في موعدها المحدد”.