عروبة الإخباري –
منذ اللحظة الأولى للقراءة، يأخذنا كتاب «ألميرا» في رحلة عاطفية مذهلة تعبق بالرأفة والتعاطف، حيث يستند هذا العمل الأدبي إلى فكرة أنّ لدى كل إنسان القدرة الطبيعية على التعاطف مع معاناة الآخرين منذ ولادته. وتظهر الكاتبة «أول ماغنت» ببراعة كيف يمكن أن تؤثر الرأفة بشكل عميق على سلوك الإنسان، وكيف تحدد دوره وموقفه تجاه العالم المحيط به، كما تكشف الرواية عن مدى تأثير الرأفة على تفاعل الإنسان مع الآخرين، وكيف تنبع هذه الحساسية من قلب خالٍ من الأنانية.
بشكل فريد، تتناول الكاتبة في”ألميرا» كيف يمكن لطاقة الإنسان أن تؤثر على الأحداث الاجتماعية، ويصبح الكاتب وسيطًا لفكرة مهمة وهي أنّ أيّ ظاهرة اجتماعية لها وجوه متعددة وتتجاوز السرد الواحد. وبالتحديد، يوضح الكتاب أن الرأفة ليست مجرد لطف أو حب، بل هي تكون في كثير من الأحيان مزيجًا معقدًا من الاهتمام والحزن.
سرد الكتاب ينقل القارئ إلى الأردن، حيث تتقاطع الحداثة والعصور القديمة، وحيث يتواجد الناس بكثافة وتتمتع الصحراء بشموخها الواسع، فبعد زيارتها لمجمع الهياكل القديمة في بترا، تبدأ فيفيان، امرأة فرنسية، في رحلة بحث عن الوحدة في صحراء وادي رم، ومع ذلك، تتعرض للعديد من المفاجآت واللحظات المثيرة التي تثير فيها روح التعاطف داخل قلبها.
الرواية تروي القصة ببراعة، مشددة على المشاعر والصراعات الداخلية للشخصيات، وتؤكد الكاتبة أنّ المعجزات ممكنة حيثما كان الإيمان قويًا، وتكشف أنه من خلال الرغبات الصادقة يمكن للإنسان أن يحقق السكينة الداخلية.
من خلال لوحة الشخصيات المتعددة التي تواجه تحديات الحياة، تصور الكاتبة «أول ماغنت» كيف يمكن أن يغير منعطف واحد في المصير مصائر متعددة في وقت واحد، والرواية تدمج براعة اللحن والعاطفة في سردها، وتجعل قصة «ألميرا» تجد طريقها إلى قلوب القراء جميعًا، موجهة رسالة عميقة تتمثل بأن الخير ليس شعورًا سلبيًّا في الإنسان، بل هو قوة قادرة على تحفيز الأفعال، وأفعال تعود بالنفع على الآخرين وترفع الأرواح، مما يقود نحو التوازن الداخلي.
رواية «ألميرا» للكتابة الروسية «أول ماغنت» عمل أدبي استثنائي يسلط الضوء على القوة المحورية للرأفة والإنسانية، وكيف يمكن أن تكون القصص الشخصية وسيلة لنقل هذه الرسالة إلى العالم. إنه كتاب يلقي نظرة عميقة على كيفية تحقيق التوازن الداخلي والتأثير الإيجابي على الآخرين، وهو إضافة قيمة إلى عالم الأدب، وإلى مجموعة الكتب التي كانت الأردن مسرحاً لها بما تملكه من جمال وسحر بين جبالها وصحرائها.