عروبة الإخباري –
في منتصف الخمسينيّات، من القرن المنصرم، حاربت الآلة الإعلاميّة الصهيونيّة، المؤرّخ البريطانيّ أرنولد توينبي، بسبب مقولاته عن دولة الكيان الصهيونيّ “إسرائيل”، لدرجة وصلت أن قامت الجامعات البريطانيّة بمنعه من العمل فيها.
للمؤرّخ البريطانيّ توينبي مقولتان:
الأولى: أنّ دولة “إسرائيل ” لن يكتب لها العيش أكثر من عمر المستعمرات البريطانيّة في الشرق الأدنى.
الثانية: أن سبب تفوّق اليهود في العالم هو تشتّتهم، وإذا اجتمعوا في دولة واحدة زال سبب التفوّق.
إنّ دولة الكيان، دولة غريبة جدّاً عن محيطها؛ لغة وعادات وتقاليداً وكلّ شيء، وهذا إثبات أساسيّ عن عدم شرعيّتها في المنطقة، يضاف إلى الإثباتات الأخرى، الّتي قرأناها في الجامعات والمدارس، ويعرفها الكبير والصغير.
لا يمكن أن يكتب لدولة، مثل دولة الكيان الصهيونيّ، الحياة في محيط لا يقبّلها، ولا ينسجم معها، ووحدهم – فقط- المرتجفون- هم من يرونها وينظرون إليها، باعتبارها، دولة قويّة قابلة للعيش والحياة في محيط من الشعوب الرافضة لها.
أثبتت عمليّة المقاومة الفلسطينيّة يوم السابع من أكتوبر الحاليّ هشاشة الوضع الداخليّ للكيان الصهيونيّ؛ عسكريّاً وأمنيّاً واستخباراتيّاً وكمجتمع هلاميّ غير متماسك، مثلما أثبتت قبلها معركة الكرامة الخالدة 1968 بين الجيش العربيّ الأردنيّ وجيش العدوان تحطيم فكرة “الجيش الّذي لا يقهر”.
لعلّ أكثر الدروس استفادة من عمليّة المقاوم الفلسطينيّة؛ سقوط نظريّة الحروب التقليديّة، الّتي تتفوّق فيها “إسرائيل” في الطيران والقوّات البرّيّة، وأثبتت أنّ مجموعات قتاليّة من عدّة أشخاص، مسلّحين تسليحاً قويّاً، قادرة على ردع هذا الجيش وإيقاع الخسائر الكبيرة فيه وتعطيل كلّ مقوّمات صموده وتفوّقه.
لن يكتب لهذه الدولة اللقيطة، مهما أوتيت من قوّة عسكريّة، ومن دعم أمريكيّ وغربيّ، ماليّاً ولوجستيّا وعسكريّاً، وعلى الصعد كافّة، العيش ما لم تعترف اعترافاً كاملاً بالحقوق الوطنيّة المشروعة للشعب الفلسطينيّة؛ وأوّلها حقّه في إقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الّذين شرّدوا من ديارهم.
ولا يغرنكم كلّ الاتّفاقيّات والمعاهدات بينها وبين الحكومات العربيّة. فالشعوب ما زالت على موقفها الرافض لها ما دامت تحتلّ أراض عربيّة وفلسطينيّة، وما دام السلام الشامل والعادل بعيد المنال.