عروبة الإخباري –
تمتلك إسرائيل أهدافًا عسكرية وسياسية واقتصادية في الحرب على قطاع غزة. ويبدو أن هدفها الاستراتيجي النهائي هو جعل قطاع غزة غير صالح للعيش اقتصاديًا ونفسيًا. يُظهر ذلك من خلال التصريحات المتعددة لحكومة الاحتلال كوزير الدفاع ومستشار الأمن الوطني السابق وأعضاء في الكنيست. فقد بات واضحاً أن هذه الحرب ليست مجرد تدمير عسكري، بل هي عمليات تدمير اقتصادي واجتماعي يمكن أن تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء العمليات العسكرية وهو ما يسعى الاحتلال لتنفيذه والقيام به. ووفقًا للقانون الدولي الإنساني، يجب على إسرائيل تحمل مسؤوليتها عن تعويض الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن انتهاكاتها لهذا القانون.
إن أحد اهم الابعاد الاقتصادية للحرب على قطاع غزة، هو جعل قطاع غزة غير قادر على الاستمرار اقتصادياً وذلك من خلال:
أولاً: تدمير الممتلكات والبنية التحتية، فبناءً على المعلومات الأولية في قطاع غزة، تم تدمير أكثر من 10,500 وحدة سكنية بالكامل، و7,000 وحدة سكنية تم تدميرها جزئيًا ولا يمكن استخدامها في وضعها الحالي. كما تم تدمير مئات الأماكن التعليمية والصناعية أيضًا. طبعاً يمثل هذا انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي الذي يمنع تدمير الممتلكات بدون مبرر عسكري.
ثانياً: العقوبة الاقتصادية، تشير تصريحات مسؤولي الاحتلال إلى نيات متعمدة لفرض “عقوبة اقتصادية جماعية” على سكان قطاع غزة. ذلك يشمل قطع الكهرباء وإيقاف توفير المواد الغذائية والمساعدات الطبية والمياه. هذه الإجراءات تنتهك القانون الدولي الذي يلزم السلطة الاحتلالية بتوفير الإمدادات الأساسية للسكان في المناطق المحتلة.
ثالثاً: الأثرعلى الاقتصاد الكلي والبطالة، فالحرب تسببت في توقف الأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات وخاصة الصناعية. وهذا سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقرالمرتفعه أصلاً بصورة قياسية في القطاع. بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2022 تشير إلى ارتفاع كبير في نسب البطالة في صفوف الخريجين الجامعيين، حيث بلغت 74% في قطاع غزة قبل الحرب.
من المهم أن يلتزم المجتمع الدولي (الذي يقف متفرجاً للان) بتقديم المساعدة الإنسانية والتنمية للسكان في قطاع غزة من أجل إعادة بناء البنية التحتية ودعم الحاجات الأساسية، ويجب أن تكون هذه الجهود جزءًا من التزام المجتمع الدولي لتحقيق العدالة والإنصاف بعد انتهاء العمليات العسكرية في المنطقة.
إن الحرب على قطاع غزة تتجاوز الأبعاد العسكرية، لتشمل تدميرًا اقتصاديًا واجتماعيًا يهدد بجعل القطاع غير صالح للعيش أبداً، وهذا إنتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي ويستدعي متابعة ومحاسبة المسؤولين عنه، وعلى المجتمع الدولي يجب أن يلعب دورًا مهمًا في دعم إعادة الإعمار ومساعدة السكان على التعامل مع تداعيات الحرب.
- د. التـل
رئيس قسم الاقتصاد الجامعة الاردنية