عروبة الإخباري –
كشفت شهادات لجنود وحرس حدود الاحتلال الإسرائيليي عن بعض تفاصيل اللحظات الأولى للهجوم الذي شنه مسلحون من حركة حماس على مناطق إسرائيلية السبت الماضي، بعد أن اخترقوا “الجدار الحديدي” الإسرائيلي حول قطاع غزة في مواقع متعددة.
وشنت حماس هجومها، فجر السبت، تحت غطاء وابل من الصواريخ الموجهة نحو إسرائيل ونيران القناصة ومتفجرات ألقتها مسيرات، بينما اخترقت الجرافات السياج المزدوج الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، ليقتحم مسلحو حماس بلدات عدة.
وبالإضافة إلى اقتحام مقار عسكرية، هاجم مسلحو حماس موقعا كان يقام به حفلا موسيقيا وبلدات ومدن إسرائيلية، وقتلوا مئات المدنيين بينهم نساء وأطفال، كما خطفوا العشرات، قبل أن تبدأ إسرائيل بالرد عبر قصف مكثف لقطاع غزة، ما أسفر عن أكثر من 1000 شخص.
ونقلت فرانس برس، الأربعاء، شهادات جنود الاحتلال كانوا في مهمة حراسة اللحظات الصادمة التي عاشوها عندما أطلقت حماس الهجوم، الذي وصفه الميجر نير دينار في حديث لرويترز، وهو متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بأنه “هذا هو الحادي عشر من سبتمبر بالنسبة لنا… لقد تمكنوا منا”، في إشارة لهجمات 11 سبتمبر.
وتدفّق أكثر من 1500 مقاتل بسرعة على متن شاحنات صغيرة ودراجات نارية عبر السياج، وتبعهم آخرون باستخدام طائرات شراعية وزوارق سريعة، قبل أن يشنوا هجمات بأسلحة نارية أودت بحياة المئات في تجمعات سكنية قريبة من قطاع غزة.
خيارنا الوحيد هو… الركض
وقالت جندية، كانت متمركزة في مهمة مراقبة في ناحال عوز في الجانب المقابل لمدينة غزة في مقابلة تلفزيونية من سريرها في المستشفى، نقلت مقتطفات منها فرانس برس، “انطلقت الصواريخ الساعة السادسة والنصف (03,30 ت غ)”.
وأضافت الجندية، التي فضلت أن تعرف باسم “ي” فقط للقناة 12 الإسرائيلية، إن “نحو 30 مسلحا” احتلوا بسرعة قاعدة الجيش وسيطروا عليها لمدة سبع ساعات. واستذكرت المشهد قائلة “ركضت حافية القدمين إلى الملجأ، وبعد ساعة، بدأنا نسمع أصواتا بالعربية، وبدأوا بإطلاق النار عند المدخل”.
وقالت الجندية إن قاعدة الجيش “تحوّلت لساعات إلى معسكر لهم”، إلى أن استعادتها وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي.
وكان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال لوكالة فرانس برس إن قناصة “أطلقوا النار على نقاط المراقبة” المنتشرة على طول السياج الذي يبلغ طوله 65 كيلومترا، في اللحظات الأولى للهجوم.
وقال جندي، كان متمركزا في نقطة مراقبة، إن المسلحين الفلسطينيين “بدأوا بإطلاق النار على كاميرات المراقبة، ووصل الأمر إلى نقطة لم يعد بإمكاننا فيها مراقبة” الحدود.
وفي تعليقات نشرت عبر موقع “هماكوم” الإخباري الإسرائيلي المستقل، قالت جندية لم تذكر اسمها إنه عندما تعرضت قاعدتها العسكرية للهجوم، “قيل لنا إن خيارنا الوحيد هو… الركض إلى غرفة العمليات للنجاة بحياتنا”.
وشارك جنود آخرون روايات مماثلة في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ومقابلات إعلامية، تشير جميعها إلى هجوم أولي واسع لشلّ أنظمة المراقبة والاتصالات في السياج.
ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي شائعات عن هجوم إلكتروني استهدف أنظمة عسكرية وعطّل المراقبة والرصد.
وتظهر لقطات فيديو نشرتها حركة حماس مسلحين يطلقون النار على مراكز مراقبة، بما في ذلك على أنظمة يتم تشغيلها عن بعد وقادرة على تفعيل إطلاق النار.
والتقطت كاميرات لمسيرات حلقت فوق أبراج المراقبة لقطات أخرى نشرت عبر الإنترنت لأبراج المراقبة وإلقاء متفجرات عليها، بينما شوهد مسلحون يستخدمون الجرافات أو يفجرون السياج الحدودي لفتج فجوات، ما سمح لمقاتلين بالاندفاع عبره.
كابوس
وكانت تلك اللحظات الأولى لهجوم وصف بأنه الأسوأ في تاريخ إسرائيل، وتلاها ردّ إسرائيلي عبر قصف مكثف على غزة واشتعال حرب أودت حتى الآن بحياة الآلاف، بينما لا نهاية قريبة تلوح في الأفق.
وقال الجنرال المتقاعد ياكوف عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق، إنه “فشل كبير لأنظمة المخابرات والجهاز العسكري في الجنوب”.
وروى جنود إسرائيليون كانوا منتشرين على طول الحدود رعب الساعات الأولى للهجوم الذي قتل خلاله مقاتلو حماس أو أسروا إسرائيليين، ودمّروا أو استولوا على دبابات وغيرها من المعدات العسكرية.
وفي شهادة نشرت على موقع إنستغرام، قالت جندية مراقبة إن الهجوم الذي وقع في ساعات الصباح الباكر “لم يكن من الممكن أن أتخيله في أسوأ كوابيسي”.
وأضافت “لم أعتقد أبداً أنني سأرى شيئا كهذا خلال المراقبة. لقد بذلت قصارى جهدي حتى أصاب قناص” نظام المراقبة.
وعبرت الجندية عن صدمتها “لقد فاجأونا ولم نكن مستعدين لذلك… لم تكن هناك أي معلومات استخباراتية على الإطلاق”.
وعبّر ناجون من التجمعات السكانية المجاورة لقطاع غزة عن صدمتهم بعد فشل الأنظمة التي كان من المفترض أنها تضمن أمنهم.
وقالت عنبال رايخ ألون (58 عاما) من كيبوتس بئيري القريب من قطاع غزة والذي عثر فيه على 100 جثة، “عندما أقاموا الجدار، اعتقدنا أننا آمنون”، مضيفة “كان ذلك مجرد وهم”.