عروبة الإخباري –
شكلت مشاركة القوات المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي في حرب تشرين 1973 علامة فارقة وحدثاً مجيداً في تاريخ النضال العربي، وتاريخ الحروب العربية – الإسرائيلية، ما كان له الأثر في تحقيق النصر العربي على القوات الإسرائيلية.
وكان اللواء (المدرَّع أربعين) له السَّبق في القتال بفلسطين، ثم انتقل إلى حرب تشرين عام 73، حيث كلف هذا اللواء بالقتال في الجولان بالتعاون مع قوات صلاح الدِّين العراقية، وتمكن من صدِّ الهجوم الإسرائيلي على محور درعا دمشق وقدم 21 شهيدًا، منهم ضباط وأفراد و110 جرحى، منهم من بقيت إصابته سنوات طويلة.
وما أن بدأت العمليات العسكرية يوم السادس من تشرين الأول عام 1973 بين مصر وسوريا من جهة والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى، حتى وضع الأردن قواته المسلحة الباسلة على أهبة الاستعداد، وسطرت قواته أروع صور التضحيات والفداء، وتمكنت من تقديم الأنموذج الأمثل للتعاون العربي العسكري المشترك في الدفاع عن الأراضي العربية.
وقال العميد الركن المتقاعد مفلح فلاح الزغول والمقدَّم ملوح نزَّال العيسى أبو طلال، ركن استخبارات اللواء 40، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أنه وبعد 6 أيام من بدء المعارك، وبعد تدهور الوضع على الجبهة السورية نتيجة قيام القوات الإسرائيلية بهجومها المعاكس يوم 11-10 بقواتها الجوية والبرية، بعد أن نقلت هذه القوات من الجبهة المصرية وأكملت دعوة الاحتياط وزجتها في معركتها مع الجيش السوري، أمر جلالة الملك الحسين بن طلال- طيب الله ثراه- بتحريك أقوى لواء مدرع في الجيش الأردني، اللواء المدرع (40) بقيادة العميد الركن خالد هجهوج المجالي، وهو من صفوة القادة الأردنيين البواسل، كما صدرت الأوامر لجميع الوحدات والتشكيلات بأخذ مواقعها حسب خطة الدفاع المقررة، وكان على القوات الأردنية أن تؤمن الحماية ضد أي اختراق للقوات الإسرائيلية.
وأشارا إلى أن تلك الإجراءات أدت إلى مشاغلة قوات العدو الإسرائيلي، فالجبهة الأردنية من أخطر الجبهات وأقربها إلى العمق الإسرائيلي، هذا الأمر دفع إسرائيل إلى الإبقاء على جانب كبير من قواتها تحسباً لتطور الموقف على الواجهة الأردنية.
واكدا، أنه ورغم عدم إعلام الأردن بالحرب قبل وقوعها، فقد تحرك اللواء المدرع 40 إلى الجبهة السورية، واكتمل وصوله يوم 13 تشرين الأول عام 1973، ووضع تحت إمرة الفرقة المدرعة العراقية والتي وصلت إلى الجبهة السورية قبل وصوله بيومين، وتموضع اللواء 40 على يسار الفرقة العراقية، وتم التخطيط للقيام بهجوم معاكس على القوات الإسرائيلية في قاطع ( سعسع وتل عنتر وجباتا الخشب وخان أرينبة)، حيث بدأ الهجوم فجر يوم 16-10-1973، ما أجبر القوات الإسرائيلية على التراجع 10 كم.
ويروي المقدَّم ملوح نزَّال العيسى أبو طلال، ركن استخبارات اللواء 40، كيف ودَّع هو ورفاقه 21 شهيدًا من الذين قدموا أروع البطولات وجسدوا على أرض المعركة بنجيع دمائهم أعظم التضحيات على تخوم العاصمة السورية دمشق خلال حرب تشرين عام 1973.
ويضيف أبو طلال، أنَّ اللواء أربعين، هو قصة من عمر الأردن وصفحة من تاريخ الدَّولة، شارك في كل معارك الأردن والأمة العربية والتي من بينها معركة حرب 67، حيث دافع فيها عن جنين ونابلس ويَعْبَد وبلاط الشهداء وقدَّم العديد من الشهداء الذين كانوا يرون أنَّ لا تراجع ولا استسلام، والهدف صد ودحر المحتل حتى لو فارقت الروح الجسد.
وأكد، أنَّ اللواء المدرَّع أربعين كان له السَّبق في القتال بفلسطين، ثم انتقل إلى حرب تشرين عام 73، وهي الحرب التي يعتبرها غائبة عن ذاكرة الكثير من أبناء الجيل الجديد، وذكر أنَّ هذا اللواء كُلِّف بالقتال في الجولان والدِّفاع عن مدينة دمشق بالتعاون مع قوات صلاح الدِّين العراقية، وتمكن من صدِّ الهجوم الإسرائيلي على محور درعا دمشق وقدم 21 شهيدًا، منهم ضباط وأفراد و110 جرحى، منهم من بقيت إصابته سنوات طويلة.
وبين أبو طلال، أنَّ قائد اللواء أربعين في ذلك الوقت، العميد خالد هجهوج المجالي، وقادة الكتائب، هم المقدم محمود حماد، والمقدم حامد أبو جاموس، والمقدم مفرّح حمود المعايطة، والمقدم صالح محمود، والمقدم عبد الحليم شاكر قائد مدفعية اللواء.
وأشار إلى أنَّ اللواء أربعين جرى تكريمه من قِبل جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، وأطلق عليه أسماء، من بينها لواء النخبة ولواء الله لبطولة جنوده وضباطه وبسالتهم على جبهات القتال في الأردن وفلسطين وسوريا والجولان.
وأشار إلى أنَّ اللواء تحرك من مدينة الزَّرقاء إلى الجولان السورية على جنزير الدَّبابات، رغم أنَّ من الطبيعي أن يجري حملها على الجرارات الثقيلة، لكن كانت القرارات الإدارية ليس لها حساب كبير ولم تكن عائقاً، كان الهدف الأسمى هو الدفاع عن أرض الوطن العربي في أي موقع كان.
كما تحرك اللواء أيضا من الزرقاء إلى المدن الفلسطينية وكان أيضًا على الجنزير واستغرقت الرحلة يوما كاملا، حيث كانت الدبابة تسير بسرعة 50 كيلو مترا في السَّاعة، واستطاع الضباط والجنود الوصول إلى مدن جنين ونابلس تحت القصف الإسرائيلي.
وأكد أنَّه على امتداد هذا الوطن يشكل شهداء الأردن فسيفساء جميلة يذكرها التاريخ بكل فخر وتشرفت كل البوادي والقرى والمدن الأردنية بهم.
بدوره، قدم العميد الركن المتقاعد مفلح فلاح الزغول، سرداً واقعياً لمجريات المعركة وعرضاً من بداية التحضيرات العسكرية الأردنية والدور الأردني الكبير في نجدة الأهل والأشقاء، وقرار جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بمشاركة الأردن في حرب 73 ممثلاً باللواء المدرع / 40،المشهود له محلياً وخارجياً بسمعته القتالية الاحترافية.
كما استعرض الزغول سير العمليات القتالية واستبسال الجيش الأردني في الدفاع عن الأرض العربية وإقدامه على الشهادة في سبيل الله وصونا لكرامة الأشقاء العرب، مبيناً أن الوحدات الأردنية تقدمت للأمام بشكل كبير وملحوظ واستطاعت أن تحتل عدداً من المواقع، وأثناء هذا التقدم استشهد وأصيب عدد من الضباط والجنود إضافة إلى إصابة عدد من الآليات.
وروى العميد الزغول قصصا بطولية لاستشهاد الضباط والجنود دلت على استبسال الجيش المصطفوي الباسل وحبهم للشهادة.
واستذكر العميد الزغول انه أثناء تقدم اللواء الأربعين لاحتلال مواقعه، رُصدت مكالمة من الجنود الإسرائيليين إلى ضباطهم يقولون فيها: أوقفوا تقدم اللواء المدرع /40 الأردني إنه يتقدم نحونا ولا يعرف التراجع”.
وتابع، أن المشاركة الأردنية في حرب 1973، كانت إيجابية وفاعلة على المستويات الاستراتيجية والمعنوية، من خلال إشغال جزء من القوات الإسرائيلية على طول امتداد الجبهة الأردنية وحرصها على تعزيز قواتها على الجبهتين السورية والمصرية وحرمان العدو الإسرائيلي من الالتفاف على الجزء الأيسر للقوات السورية من خلال تأمين القوات الأردنية الحماية لمحور درعا ودمشق والجناح الأيسر للقوات السورية وتثبيت القوات الإسرائيلية في الجولان بمساعدة القوات العراقية ومنعها من تطوير عملياتها الهجومية وإجبارها على التحول إلى وضعية الدفاع وتعميق مفهوم العمل العربي المشترك وتفعيله وتطبيقه على أرض الواقع.
ويواصل الجيش العربي المصطفوي دوره القوي المنيع في حماية الثغور والأرض والإنسان، والتنمية، والتصدي للإرهاب وإدارة الأزمات، مكرساً ركائز النهضة والتطوير والإنجاز، والوطن يدخل مئويته الثانية بمشهد الواثق من استكمال مسيرة راية الثورة العربية الكبرى، وحمل شرف قضايا الأمة والإنسانية معاً، في ظل القيادة الهاشمية المظفرة.
“إن الشعار الذي على جباهكم مكتوب عليه الجيش العربي، وهذا الاسم لم يكن صدفة أو مجرد شعار، وإنما هو تأكيد على التزام هذا الجيش بالدفاع عن قضايا الأمة العربية وترابها وأمنها من أي خطر”، هكذا يبرز جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية الملك عبدالله الثاني صورة من صور رفاق السلاح في احد أقواله، واضعا هذه المؤسسة الفذة على رأس اولويات اهتمام جلالته، ليبقى الجيش، القلعة الحصينة الشامخة بتاج وُشّح ب”الجيش العربي”، وبسيف يحمي الوطن وخيراته.