عروبة الإخباري –
بعدما اجتاح الإعصار «دانيال» مناطق في شرق ليبيا هذا الشهر، خصوصاً مدينة درنة، ما أدّى إلى انهيار سدَّين وحصول فيضانات جرفت كلّ شيء في طريقها مخلّفةً آلاف القتلى ومتسبّبة في نزوح أكثر من 43 ألف شخص، بحسب آخر إحصاء للمنظمة الدولية للهجرة، أصدر النائب العام الليبي أمس أمراً بتوقيف 8 مسؤولين بشبهة سوء الإدارة والإهمال، وهم كانوا يعملون حاليّاً أو عملوا سابقاً في مكاتب مسؤولة عن الموارد المائية وإدارة السدود، من بينهم رئيس بلدية درنة عبد المنعم الغيثي، الذي أُقيل مع سائر أعضاء المجلس البلدي بعد الكارثة، الأمر الذي اعتبره مراقبون أنّه من التداعيات السياسية والقانونية للفيضانات التي يبدو أنّها «جرفت» في طريقها أيضاً هؤلاء المقصّرين.
وفي هذا الإطار، اعتبر النائب العام أن الموقوفين لم يدفعوا عنهم «مسؤولية إساءة إدارة المهمات الإدارية والمالية المنوطة بهم، وإسهام أخطائهم في وقوع كارثة بشرية، وإهمالهم اتّخاذ وسائل الحيطة من الكوارث، وتسبّبهم في خسائر اقتصادية لحقت البلاد». أمّا بالنسبة إلى رئيس بلدية درنة، فاعتبر النائب العام أنه لم يستحضر «ما يدفع عنه واقع إساءة استعمال سلطة وظيفته، وانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصّصة لإعادة إعمار مدينة درنة، وتنميتها».
ويأتي ذلك بعدما كان النائب العام قد أكّد قبل أكثر من أسبوع أن تشقّقات ظهرت منذ عام 1998 في السدَّين اللذين انهارا في مدينة درنة جرّاء الفيضانات، لافتاً إلى أن الهدف من بناء السدَّين اللذين شيّدتهما شركة يوغوسلافية في السبعينات لم يكن تجميع المياه وإنما حماية درنة من الفيضانات. وفي عام 2010، بدأت شركة تركية بأعمال لإصلاح السدَّين لكن جرى تعليقها بعد بضعة أشهر عندما اندلعت الثورة الليبية العام التالي.
وبعد إسقاط نظام معمّر القذافي، خُصّصت كلّ سنة ميزانية لإصلاح السدَّين، لكن لم تُبادر أي من الحكومات المتعاقبة إلى بدء الأعمال، بحسب أحد المسؤولين. وفي تقرير صدر عام 2021 عن ديوان المحاسبة الليبي، انتقد المسؤولون «المماطلة» في استئناف أعمال الإصلاح في السدَّين. وفي تشرين الثاني 2022، حذّر المهندس والأكاديمي عبد الونيس عاشور في دراسة من أن «كارثة» تُهدّد درنة إذا لم تُباشر السلطات بصيانة السدَّين.
يُذكر أن سد أبو منصور الواقع على بُعد 13 كيلومتراً من درنة هو أوّل سدّ انهار جرّاء الإعصار ويحوي خزانه 22.5 مليون متر مكعّب من المياه، ثمّ حطّمت الفيضانات المنبثقة منه السدّ الثاني الذي تبلغ سعته 1.5 مليون متر مكعّب ويقع على بُعد كيلومتر واحد فقط من درنة. واجتاحت السيول الجارفة المحمّلة بالحطام الوادي الجاف الذي يفصل شطري المدينة.