عروبة الإخباري –
اندبندنت عربية – نورة النعيمي –
رمز للأصالة وانتماء للموروث العربي، سمعة طيبة اشتهر بها “البشت” وحافظ عليها مع انتشاره في دول الخليج العربي والشام والعراق، باعتباره جزءاً من تراث العرب وعنصراً مميزاً في زيهم التقليدي، لا سيما في المناسبات الرسمية والاحتفالات، ويصنع عادة من الصوف أو الوبر، ويتميز بألوانه المختلفة مثل الرمادي والأسود والبني والبيج والأبيض.
تطورت صناعة “البشت” مع إدخال الخيوط المنسوجة من الحرير والقطن في تكوينه لكن هذه الصناعة متشبثة بالطرق اليدوية التقليدية، ولعل ما استجد في هذا الشأن تطوير أسلوب النسيج وابتكار نقشات ترتبط في بعض الأحيان بالمستويات الاجتماعية لمن يرتدونه وجغرافية المكان.
ولا يزال “البشت” رمزاً عربياً يباع في الأسواق العصرية والشعبية في محافظة الأحساء شرق السعودية، ويمثل ارتداؤه تعبيراً عن المحافظة على تراث الآباء والأجداد، كما مثلت حياكته اليدوية رافداً لاقتصاد المحافظة التي تكاد تنفرد بفنونها وتقنياتها على مستوى المناطق في البلاد، نظراً إلى عمل كثير من الأسر في هذه الحرفة التي يصعب الاستغناء عنها.
عوامل تميز
هيبة “البشت” العربي تجلت في أحد أركان سوق الحرفيين في الأحساء، إذ بدا الحرفي حبيب بوخضر مشغولاً بغرز إبرته في قماش “البشت”، مطرزاً إياه بخيوط ذهبية وأخرى فضية ليقدم تصاميم أصيلة صارت مع مرور السنين زينة “البشت” وجماله.
يقول بوخضر “حياكة البشت” أو البشوت قديمة جداً في محافظة الأحساء وامتدت حتى يومنا الحالي، وقماش “البشت” يصنع من الوبر والصوف، وكانت الخيوط تغزل يدوياً على النول سابقاً، مضيفاً “هذه الأيام اختلفت الصناعة ودخلت الحداثة وأصبحنا نستخدم الخيوط المصنعة حتى الأقمشة تعددت أنواعها لكن يظل القماش الوبري أغلاها لكونه لا يزال محافظاً على طريقة صنعه اليدوية”.
وبحسب حبيب فإن لكل “بشت” اسماً خاصاً له علاقة بالمواد الخام المستخدمة فيه، فهناك مثلاً “بشت صيفي ياباني”، و”بشت وبر ثقيل”، الذي يستخدم في أوقات الشتاء، و”بشت نجفي” مخصص لفترة الصيف أيضاً.
مراحل الحياكة
تستغرق عملية استكمال “البشت” الواحد ما بين 15 و20 يوماً أو أكثر، بحسب نوعية التطريز المطلوبة، وخامات القماش المستخدمة، مما يجعلها معقدة بعض الشيء وتحتاج إلى معرفة وخبرة، وفق بوخضر، الذي أوضح أن “صناعة البشت الواحد تحتاج إلى ثمانية حرفيين، يتولى كل واحد منهم إنجاز مرحلة من مراحل العمل عليه المختلفة، منها المكسر والتركيب والهينة والطوق والبروج”.
ومضى في حديثه “صناعة البشوت تمر بسبع مراحل، كل واحدة منها تعد تخصصاً قائماً بذاته، ثم تأتي مرحلة التجميع، وهي المرحلة الأخيرة التي يكون بعدها البشت جاهزاً للبيع”.
ثقافة وثراء
بدوره يرى الباحث في تراث الأحساء عبدالله الشايب أن “البشت الحساوي حافظ على حضوره وقيمته في المجتمع السعودي، وتميز بطريقة صناعته وامتاز بخصائص عديدة بحسب جودته ودقة صناعته، وتسعى جمعية الحفاظ على التراث إلى تسجيل البشت الحساوي في اليونيسكو ضمن الثقافة المادية”.
وقال الشايب إن “البشت” يحمل دلالة رمزية، وقيمة ثقافية على التمسك بالعادات والتقاليد المتوارثة في اللباس، وقد ارتبط بالإنسان العربي والخليجي وأصبح سمة من سماته، مختتماً حديثه بالقول “حياكة البشت وفن تطريزه بخيوط الفضة المطلية بالذهب حرفة تحفظ تاريخ البشت الحساوي، بوصفه موروثاً ثقافياً أصيلاً بفضل جودته العالية، ويعتبر مكملاً للوجاهة والهيبة الاجتماعية”.