نساء المنطقة أدركن فوائده وحاولن الاستفادة منه في أغراض صحية
عروبة الإخباري –
اندبندنت عربية – نورة النعيمي –
على مر العصور اهتمت المرأة العربية بجمالها وزينتها، وحتى في المجتمعات التقليدية لجأت إلى بيئتها المحيطة لتستفيد مما حولها في إنتاج ما تحتاج إليه.
والنساء في كل الثقافات كان لهن تراث خاص في ما يتعلق بأدوات الزينة، وفي المجتمعات العربية أبرزت تلك الأدوات هوية المرأة العربية، لا سيما الخليجية والتقاليد التي توارثتها، ولا تزال بعض طقوسها تمارس حتى وقتنا الحاضر.
وراثة الصنعة
يعد الحناء أيقونة الزينة لدى النساء، إذ حرصن عليه منذ أكثر من 5 آلاف عام في باكستان والهند وأفريقيا والشرق الأوسط، ويقال إن للحناء خصائص طبيعية تساعد في خفض درجات حرارة الجسم، كما كان وسيلة للزينة بالنسبة إلى البسطاء الذين لا يملكون شراء المجوهرات الثمينة، لكنه بات من أبرز العادات المتبعة في المناسبات السعيدة.
وتفننت النساء في رسم الحناء ونقوشه وأشكاله الزخرفية على رغم ضآلة الأشكال التي عرفنها قديماً، إلا أنها كانت ذات دلالات كثيرة من حيث الجودة والإتقان والدقة في استخدامها، ولا تستطيع أي امرأة أن تقوم بعملية الحناء إن لم تكن أتقنت الصنعة عن والدتها أو إحدى قريباتها.
ويبرز النقش والتخضيب بالحناء في الدول العربية كمظهر من مظاهر زينة المرأة تقبل عليه النساء في مناسبات الفرح وفي الاحتفالات بالأعياد الدينية، وللأعراس العربية طقوس وعادات وموروثات مختلفة ميزتها عن غيرها من بلدان العالم، ومن أبرزها ليلة الحناء.
وتحتل ليلة الحناء والخضاب موقعها المميز في نفوس النساء العربيات وفي كل عرس، فللحناء الذي تخضب به الأيدي والأقدام طقوسه المتفردة ويومه الخاص، ويعد حناء العروس من العادات العربية المتأصلة، إذ تخصص ليلة كاملة خلال احتفالات الزواج للحناء قبل ليلة الزفاف.
وتردد النساء خلال وضع الحناء للعروس أغنيات من التراث الشعبي وسط زغاريد الحاضرات، بينما الإناء الواسع يشمل الخضاب وأنواعاً من العطور وماء الورد والشموع والأعشاب العطرية.
وأوضحت النقاشة السعودية وضحى الصندوق أنها تمرست على تطبيق رسوم مختلفة وفق طلب الزبونة، فهي معتادة على هذا الأمر منذ أن دخلت هذا المجال قبل أعوام، ولخبرتها الطويلة ترى أن الزبونات يطلبن في العادة رسوماً ناعمة لأزهار ونقوش زخرفية تزين الأصابع وظاهر اليد، ومنهن من لا يتوانين عن طلب زخارف ذات أشكال هندية وسودانية وخليجية.
أغراض صحية
وتضيف الصندوق أن أدوات النقش كانت لا تتعدى عود الثقاب، إذ كانت المرأة تستخدمه لنقش الحناء فتغمسه داخل عجينة الحناء السائلة ثم ترفعه بحيث يكون قد أخذ كثافة من العجينة لتوضع على الجزء المرغوب في نقشه، أما بعد حدوث الطفرة الاقتصادية فقد ابتكرت النساء ما يساعدهن في إنجاز عملهن، فظهر “القمع” وهو كيس بلاستيكي سميك ذو فوهة صغيرة جداً لرسم خطوط دقيقة على صورة لوحات تشكيلية جميلة.
وتؤكد النقاشة أن النساء في منطقة الخليج أدركن فوائد الحناء وحاولن الاستفادة منه في أغراض صحية، فكانت المرأة تضعه في باطن اليد ليكون بمثابة وسيلة لامتصاص التعب من جسدها، نظراً إلى احتوائه على مواد طبيعية معجونة بالماء.
وتشير أستاذة الأزياء والمنسوجات التقليدية الباحثة الأكاديمية ليلى البسام إلى أن الحناء والخضاب من أهم الأساليب والمواد التي استخدمتها المرأة النجدية في زينتها، أما بالنسبة إلى الأواني التي كانت تحفظ بها المواد فهي من النوع الشائع والمفضل لهذا الغرض، وهي العلبة الخشبية المسماة “حق العاج” أو” طابوق العاج”، وتتكون من قطعة من الخشب مفرغة من الداخل ولها غطاء محكم، وهي مزينة من الخارج بزخارف مطلية بألوان جذابة ومغلقة بالمسامير النحاسية، وتتميز هذه الأوعية بالمحافظة على رائحة المواد المحفوظة فيها، أما المواد السائلة فتحفظ في القناني الزجاجية وتعرف في نجد باسم “الغراش”.
ولا تزال المجتمعات العربية تحافظ على هذه العادات جيلاً بعد آخر حتى وإن اختلفت طقوس الحناء في الدول العربية بحسب العادات والتقاليد، لكنها تبقى من أساسات الزواج.