عروبة الإخباري –
قتل 46 شخصا على الأقل وأصيب العشرات الأحد جراء غارات جوية على سوق في الخرطوم، وفق ما أفادت مصادر محلية، في هجوم يعد الأكثر دموية في السودان خلال الحرب المستمرة هناك منذ قرابة خمسة أشهر.
وجاء القصف الذي استهدف جنوب العاصمة السودانية بعد نحو أسبوع من غارة جوية أخرى، أيضا في جنوب الخرطوم، أسفرت في 2 أيلول/سبتمبر عن مقتل 20 مدنيا، وفقا لناشطين.
وقالت لجنة المقاومة المحلية إن عدد ضحايا “مذبحة سوق قورو” الأحد ارتفع إلى 46 بحلول المساء.
وتوقعت اللجنة أن يرتفع العدد إذ “لا تزال الحالات تتوافد إلى مستشفى بشائر (في العاصمة). وكانت حصيلة سابقة للجنة أفادت عن سقوط 30 قتيلا على الأقل.
ولجان المقاومة هي مجموعات شعبية كانت تنظّم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح نظام عمر البشير عام 2019، وتنشط منذ بدء الحرب في تقديم الدعم للسكّان.
وأطلق مستشفى بشائر “نداء عاجلا” الى الكوادر الطبية للحضور “مع تزايد أعداد المصابين الواصلين اليه”.
ومنذ اندلاعه في 15 نيسان/أبريل، حصد النزاع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، نحو 7500 قتيل وفق أحدث أرقام لمنظمة “أكليد” غير الحكومية التي ترجح، كما غيرها من المصادر الطبية والميدانية، أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى، خصوصا في ظل انقطاع الاتصالات في مناطق عدة، ورفض طرفي القتال إعلان خسائرهما.
– نزوح الملايين
واضطر نحو خمسة ملايين شخص من إجمالي عدد سكان البلاد المقدّر بنحو 48 مليون نسمة، الى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد، وفق الأمم المتحدة.
وتسبب النزاع بمزيد من التأزم في الوضع الصحي في السودان الذي كان يعدّ أحد أفقر بلدان العالم. وتكرر الأمم المتحدة باستمرار حاجتها إلى مزيد من الدعم المالي إذ لم تتلقّ سوى ربع التمويل اللازم لتلبية احتياجات 25 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الانسانية للبقاء على قيد الحياة.
وتتركز المعارك في الخرطوم ومحيطها، وإقليم دارفور في غرب البلاد، مع تواصل النزاع بين الحليفين السابقين البرهان ودقلو من دون أفق للحل.
ومنذ بدء الاشتباكات، لم يحقق أي من الطرفين تقدما ميدانيا مهما على حساب الآخر. وتسيطر قوات الدعم على أحياء سكنية في العاصمة، ويلجأ الجيش في مواجهتها الى سلاح الطيران والقصف المدفعي. وأفاد شهود في الآونة الأخيرة أن القصف الجوي يزداد حدة، ومعه حصيلة الضحايا المدنيين، مع محاولة الجيش استعادة مواقع في العاصمة.
والأربعاء، أفاد ناشطون وسكان فرانس برس عن نزوح مئات العائلات من إحدى ضواحي الخرطوم غداة مقتل 19 مدنياً فيها بقصف نفّذه الجيش على مواقع لقوات الدعم السريع لكّنه أخطأ هدفه.
وقد اتُهم الجيش بالقصف العشوائي المتكرر للمناطق السكنية التي تمركزت فيها قوات الدعم السريع، وايضا بإجلاء العائلات والاستيلاء على المنازل.
وقال مرصد النزاع في السودان الذي تدعمه الولايات المتحدة إن التمركز في أحياء ومبان يسكنها مدنيون يمثل “انتهاكا محتملا لاتفاقيات جنيف”.
وأضاف المرصد أن القوات المسلحة السودانية “ستظل مطالبة بضمان تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى الحد الأدنى بغض النظر إن كان الهدف قد أصبح هدفا عسكريا مشروعا”.
واتهمت قوات الدعم السريع الأحد الجيش بشن “غارات جوية ضد المدنيين في جنوب الخرطوم”.
ونفى الجيش السوداني مهاجمة السوق، قائلا إنه “يوجه ضرباته على تجمعات وحشود ومواقع وارتكازات الدعم السريع كأهداف عسكرية مشروعة، مع تقيده التام بالقانون الدولي الإنساني وقواعد الاشتباك كجيش محترف وبمنأى عن مواطنينا الأبرياء”.
-انتقاد الدور الإفريقي –
وفي ظل محاصرة قوات الدعم السريع لمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، انتقل البرهان منذ أواخر آب/أغسطس الى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد، والتي بقيت بمنأى عن أعمال العنف.
ومن هذه المدينة، أجرى البرهان في الفترة الماضية ثلاث زيارات خارجية الى مصر وجنوب السودان وقطر، ما ألمح الى احتمال تعزيز الجهود الدبلوماسية بحثا عن حل للنزاع، على رغم غياب أي مبادرات ملموسة في العلن.
وكانت وساطات سعودية أميركية أثمرت في السابق عن اتفاقات لوقف إطلاق النار بدون أن تصمد سوى لأيام أو ساعات معدودة فقط. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر حالها كحال جهود الاتحاد الإفريقي.