عروبة الإخباري –
تواجه المملكة تحديات اقتصادية عديدة، ومن أبرزها التضخم والتباطؤ الاقتصادي، حيث يعاني الأردن من معدلات تضخم مرتفعة نسبيا ومن تباطؤ في النمو الاقتصادي، ويعزى ذلك جزئيا إلى الزيادة في تكاليف الطاقة والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى الأزمات الإقليمية.
والحقيقة أن الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات للحد من معدلات التضخم المرتفعة، ونجحت في ذلك إلى حد كبير، خاصة إذا ما قورنت معدلات التضخم في الأردن بمعدلات التضخم في دول المنطقة، ففي أسوأ الأحوال لم يتجاوز التضخم الـ5 % في الأردن، بينما تجاوز الـ70 % في بعض الدول المجاورة. ومع ذلك، يظل ارتفاع الأسعار في الأردن قضية مزمنة في ظل نمو محدود جدا في الدخل، وهو ما ينعكس سلبا على الأمن المعيشي للأسر الأردنية.
البطالة هي الكابوس الأكبر الذي يحيط بالاقتصاد الوطني، إذ يعاني الأردن من معدلات بطالة عالية وصلت في بعض الفترات إلى أكثر من 24 %. والمشكلة الأكبر في هذا السياق هي انتشار البطالة بين الشباب، حيث يعزى هذا التحدي إلى ضعف النمو الاقتصادي وتراجع التدفقات الاستثمارية الواردة إلى المملكة، بالإضافة إلى نمو سكاني سريع في ظل قلة الفرص الاقتصادية المتاحة.
الدين العام، الذي وصلت نسبته هذا العام إلى 114 % وبقيمة تقدر بـ39.65 مليار دينار، حيث تواجه الحكومة تحديات في إدارته، إذ أن سداد هذا الدين يتطلب جزءا كبيرا من الموازنة العامة يصل إلى 16 % من إجمالي نفقاتها، مما أثر سلبا على النمو الاقتصادي.
الاعتماد على المساعدات الخارجية يعد واحدا من أبرز التحديات المزمنة التي يواجهها الاقتصاد الوطني، الذي يحصل سنويا على ما يقارب 3.2 مليار دولار كمساعدات، تتوزع بين قروض ومنح. وتساهم المساعدات في سداد جزء من العجز، وتلبية خدمة الدين وأقساطه، وتمويل جزء كبير من احتياجات الحكومة التمويلية، إذ تعتمد الحكومة بشكل كبير على المساعدات الخارجية لتمويل عجز ميزان المدفوعات وتحسين الاقتصاد، ويتطلب الاعتماد المفرط على هذه المساعدات تحديات في ضمان استدامة وتنويع مصادر التمويل.
ضعف التنافسية هو واحد من أبرز الاختلالات المزمنة التي تواجه الاقتصاد الوطني، إذ تواجه المملكة تحديا في تعزيز التنافسية الاقتصادية وجذب الاستثمارات، وهذا يتطلب من الحكومات تحسين بيئة الأعمال، وتقليل البيروقراطية، وتعزيز الابتكار، وتطوير الموارد البشرية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام. ولمواجهة القضايا والتحديات الاقتصادية المزمنة في المملكة، يجب أن تكون محور السياسات الاقتصادية للدولة مركزة على إصلاحات هيكلية، لتبسيط الإجراءات التنظيمية وتحسين المناخ الاستثماري، تعزيز الشفافية، وتطوير البنية التحتية، وتقوية الابتكار وتحسين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولتقليل الاعتماد على قطاعات معينة كالسياحة والاتصالات، يمكن التركيز على تنمية القطاعات الزراعية والصناعية والتكنولوجية وتعزيز الصادرات، مع تعزيز التوظيف وتطوير الموارد البشرية.
وعلى الحكومة أن تعزز سياسات تحسين إدارة الدين العام، وتعمل على الشفافية والمساءلة في إدارته، مع التركيز على استخدام الدين بكفاءة، وتطوير استراتيجية لإعادة هيكلة الدين وتحسين التمويل الداخلي. تنفيذ هذه الإجراءات يتطلب تعاون الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية، ويجب أن تكون هذه الإجراءات مدروسة ومتوازنة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحسين معيشة المواطنين.