عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
للأماكن شخصياً كما الأفراد، (فندق الفورمنت ومطعمه نور) إذ أن التفاصيل تشكل في نهاية الأمر مكونا لا تخطئه العين وقد تدركه بعض الحواس أو كلها.
كنت أبحث عن مكان أجد فيه متعة الأكل الطيب والجلسة الرائعة والإحساس بالهدوء والسكينة، وتذكرت قول جدتي: يا بني العين هي التي تأكل، فلا يغرنك الكم او أشياء أخرى، فإن راقت لعينك الاشياء فذلك بداية الى ان يروق لك الذوق او ما يقدم لك من طعام أو شراب.
كان دائما يهمني نظافة المكان ونظافة المأكول. وكان عليّ أن أقر بذلك، وأن انتبه اليه، فالمتنبي الشاعر الكبير ظل يرى في أن المصائب والأمراض تأتي على الطعام أو الشراب كما يأتي العديد من الأصدقاء، ولذا قال:
عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه يحول من الطعام أو الشراب
قصدت فندقاً لأحمل اليه عائلتي بعد دعوتي له.. حتى وجدت أن المكان الانسب من هذا الفندق “الفورمنت” هو “مطعم نور” وهو مطعم لبناني انشغلوا بالعمل فيه وعليه من تأسيسه.
ليكون الأعلى مستوى مطعم (نور) وهو مطعم في الدور الارضي لا تخطئه العين وسهل الوصول اليه.
إخترنا مكان الجلوس إذ أن الوقت ما زال مبكراً عن الازدحام، كان الجو ساحراً ودرجة الحرارة في العشرينات وقد دخل على نفوسنا بالهدوء صوت الموسيقى ومغنية جميلة الصوت تعمل معظم أيام الأسبوع مع فرقتها تشدو باغاني عربية – لبنانية وغيرها.
تأملنا المكان المتعوب عليه تنظيماً وترتيباً وماذ نطلب ونصحنا مقدم الطعام أن يخدمنا بمعرفته فوافقنا وبدأت الصحون ذات الأشكال المختلفة…الكبة والمقبلات وهناك مقبلات المتبل الذي يميل فيه طعم الشوي ونكهة الدخان وهناك أشكال اخرى من البوريك والأجبان (الشنكليش على أحدث الطرق مختلطاً بالفاكهة وأشكال من السلطة والتبولة على أحدث الأساليب اللبنانية وانواع أخرى عديدة طيبة ومتميزة ومنفردة.
كنت اعتقد أيضاً أن تناولنا للمازات اللذيذة لن تتجاوز الوجبة الرئيسية فهذه المقبلات كفيلة بأن تبقيك في إطار اختيارها، ولكن فضول التجربة دعاني الى استكمال المنيو الذي أخذنا فيه مشاوي من اللحم الذي أجاد الشيف أعداده من شقف وكباب والشيش طاووق تميّر بنكهته وطراوته.
كان مقدم الخدمة يحرص على سماع رأينا عن كل شيء يسكبه أمامنا او تذوقه ليبرهن في ذلك خياره.
ورغم أنني لم أكن أحس بجوع مفرط، إلا انني انهمكت بالأكل لطيب المذاق وروعة الرائحة التي تجذب.
كان صوت المطربة في أغانيها المنوعة ينساب رقيقاً ليضفي على المكان إيقاعاً جميلاً.. ويعزز توافد القادمين للحجز، وحتى اولئك الذين دلتهم أقدامهم للمكان دون حجز مسبق.
تميّز الطعام دفعني للسؤال عن الشيف، فوجدت الإجابة أن الشيف هو فرنسي وأن الشيف الذي يشرف على المطعم “نور” هو لبناني وانه يرغب أن يسمع لرأي الزبائن دائماً… فلم نتردد الإبلاغ عن أننا نريد الكباب أن يكون أكثر طراوة وهذا ما أتفق معي عليه مجالسيني في العشاء، وقد كان ذلك وكان استمتاعاً بما جرى تقديمه لا حدود له.
كان عليّ أن أشكر صاحب الفكرة في القدوم للمكان وهو الرجل الخبير في العلاقات والتسويق في الفندق شريف الحايك، راغباً في الكتابة عنه او ذكر أسمه ولكنني وجدت ذلك لازماً من جانبي لأن الرجل حين دعاني للمكان كان واثقاً انه يقدم شيئاً مميزاً، وأن الفندق ذو المرافق المتعددة يتميز بهذا المطعم وأن التسويق في الفندق يراهن على تطور هذا المطعم.
ليس مألوفاً أن أكتب عن مطعم أكلنا فيه والإطلاع على خبرة الشيف فيه وأن أقيّم المستوى كتابة للجمهور.
ولكني أحببت ان أشرك القراء والزبائن الذين يدفعون اموالهم وهم يبحثون علن شيء لائق، فتركنا هذا الإنطباع وارجو أن أكون قد اصبت التقييم والتزكية.