عروبة الإخباري –
أكثر من 700 شخصية التأمت في البحر الميت يومي الجمعة والسبت لمناقشة خطة التحديث الاقتصادي، التي مضى عام على إطلاقها من نفس الموقع.
فماذا يا ترى استفاد المشاركون أو المتابعون لهذا الحدث؟ وهل كان له تأثيرات إيجابية على الاقتصاد الوطني أم لا؟
في الحقيقة، هو تساؤل مشروع في الشارع العام، إذ إن الناس يشاهدون تلك الجلسات والحوارات القطاعية على مدى يومين، يستمعون للآراء والتوجهات، ويطلعون على الإجراءات المختلفة، سواء التي تم اتخاذها أو المُخطط لها.
أهمية هذا الملتقى تكمن في أنه في البداية يساهم في تعزيز الإيجابية وخلق انطباعات متفائلة، خصوصاً في ظل الأوضاع السوداوية الشعبية التي تسود في الشارع العام منذ سنوات، والتي لها مسببات ومبررات منطقية لا يمكن إنكارها. النشاط الاقتصادي يولّد انطباعًا إيجابيًا، وهذا جزء مهم في تشكيل النظرة الكلية للاقتصاد، ويساهم في تعزيز روح التفاؤل والأمل.
ملتقى “عام على التحديث” كان فرصة للمرجعيات العليا للاطلاع على أداء الوزراء عن كثب هذه المرة، والتأكد من مدى التزامهم بسير العمل التنفيذي في خطة التحديث.
الملاحظ في هذا الملتقى هو أن عددًا من الوزراء كان لهم حضور مميز في أعماله ومشاركة فاعلة في جلساته المختلفة، وأظهروا أمام المشاركين تمكنهم في الأداء والإنجاز والتعاطي الإيجابي مع معطيات خطة التحديث.
في المقابل، كان لبعض الوزراء حضور خجول في الملتقى، وظهروا باتفاق في الجلسات الحوارية القطاعية، وكان واضحًا أنه “حافظ مش فاهم”.
طبعا، الملتقى بهذا الشكل قدم صورة واضحة عن أداء الحكومة ومدى قدرة وزرائها على السير في تنفيذ الخطط وفقًا لما اعتمده، وبالشكل المستهدف. لذلك، بات واضحًا اليوم أن هناك تصورًا نوعيًا عن كيفية أداء الوزراء على عدة مستويات، مما يوفر أرضية خصبة للمرجعية العليا في اتخاذ القرارات الصائبة في حال التعديل الوزاري الذي من المرجح أنه بات قريبًا.
لا شك في أن الملتقى بحد ذاته، وبهذا الشكل والحضور، يؤسس لشكل جديد من الحوار البناء مع فعاليات مختلفة من قوى المجتمع. وبالتالي، يساهم في انتشار وتعزيز ثقافة المساءلة والمحاسبة والتقييم من جانب أطراف أهلية وفعاليات مجتمع مدني متنوع، وهنا تخرج الرقابة للشارع بشكل منهجي ورشيد يوصل المعلومة الحقيقية للمعنيين وأصحاب العلاقة.
حتى العملية الرقابية تتطور في إطار هذا الملتقى بشكل مؤسسي، إذ إن الحكومة باتت على اتصال مع الشارع منذ اليوم الأول لإطلاق خطة التحديث، بل حتى قبل ذلك بمشاركة فاعلة من جهات مختلفة في الإعداد لها. وبالتالي، سيكون أمام الحكومة مسؤولية كبيرة في مواصلة إطلاع الشارع والمعنيين وأصحاب العلاقة على سير العمل في خطة التحديث، وبالتالي باتت الحكومة تحت مجهر الجمهور في متابعة تفاصيل أعمالها.
الحكومة ووزراؤها باتوا اليوم هدفًا للرقابة الشعبية المباشرة، فبرنامج الإنجاز متاح للجمهور عبر الموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء، وبالتالي بإمكان أي شخص مهتم الاطلاع على ما يشاء منه ومقارنته بالتعهدات الأولية للحكومة عند إطلاق الخطة، والقياس عليه. وبناءً على ذلك، يتشكل رأي حصيف وسليم حول ما يدور، سواء كان إنجازًا حقيقيًا على أرض الواقع أم مجرد تنظير وتظاهرة إعلامية لا أكثر.
في النهاية، لا يمكن لأعمال الملتقى أن تستمر بهذا الشكل في السنوات القادمة، لأن متطلبات التأسيس والانطباع لتنفيذ الخطة وُضعت في العام الأول. بعد ذلك، سيركز الجميع في تقييمه ومساءلته على النتائج المباشرة في كافة القطاعات المستهدفة في خطة التحديث الاقتصادي.