دور المثبتات التلقائية في تحسين الوضع الاقتصادي رعد محمود التل

تواجه الدول النامية، مثل الأردن، تحديات اقتصادية عديدة تؤثر على استقرارها الاقتصادي ونموها المستدام. من بين هذه التحديات الاضطرابات الاقتصادية العالمية، والتي قد تؤدي إلى تقلبات في النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة.

للتصدي لهذه التحديات، تلعب المثبتات التلقائية (وهي الترجمة للمصطلح Automatic Stabilizer) دورا حيويا في تحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي في الأردن.

تُعَدُّ المثبتات التلقائية آليات اقتصادية تستجيب تلقائيا للتغيرات في الاقتصاد، ما يحقق التوازن ويقلل التذبذبات الاقتصادية. في الأردن، ويفترض أن تساهم هذه المثبتات في تحقيق توازن مؤقت للموزانة والنمو الاقتصادي أثناء فترات الاضطرابات الاقتصادية.
أحد أهم المثبتات التلقائية هو نظام الضرائب والإنفاق الحكومي، فخلال فترات الركود، ينخفض الإنتاج الاقتصادي ويتراجع الإيراد الضريبي، مما يؤثر على موازنة الحكومة. ولكن “نظام الضرائب التلقائي” يفترض أن يعمل على تقليل الضغط عن الموازنة، حيث تنخفض المداخيل الضريبية للأفراد والشركات. وبالتالي، يتم زيادة الإنفاق الحكومي على السلع والخدمات الأساسية وبرامج الرفاهية الاجتماعية، ما يخفف من تأثيرات الركود على السكان والمواطنين.
تعتمد فعالية المثبتات التلقائية على قدرة الاقتصاد على التكيف تلقائيا مع التغيرات التي تحدث في الدورة الاقتصادية. عندما يكون الاقتصاد في مرحلة نمو قوي ونشاط اقتصادي عالٍ، تكون الإيرادات الضريبية أعلى والإنفاق الحكومي أقل، مما يعمل على تقليل التضخم وحماية الاقتصاد من التفاوت الكبير في النمو. بالمقابل، عندما يحدث تباطؤ في النمو الاقتصادي أو ركود، ينخفض الإنتاج ويزداد عدد البطالة. تتمثل المثبتات التلقائية في هذه المرحلة في زيادة الإنفاق الحكومي وتخفيض الضرائب تلقائيا. فعندما تكون إيرادات الشركات والأفراد منخفضة بسبب الركود، تنخفض الضرائب المفروضة على الدخل والأرباح، مما يزيد من القدرة التنافسية ويشجع الاستهلاك والاستثمار.
تتيح المثبتات التلقائية أيضا للحكومة أداء دورها التنظيمي والمساهمة في تحقيق التوازن الاقتصادي دون الحاجة إلى تدخل مباشر. وفي الوقت نفسه، تعمل المثبتات التلقائية على تخفيف آثار الأزمات الاقتصادية والحد من تأثيرها السلبي على المجتمع والاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك، تلعب المثبتات التلقائية دورا في تحسين حالة البطالة. فعندما تتفاقم البطالة خلال فترات الركود، تعمل المثبتات التلقائية على توفير الدعم المالي والاجتماعي للأفراد الذين فقدوا وظائفهم، حيث تشمل هذه المثبتات زيادة إعانات البطالة والدعم المالي للأسر ذات الدخل المحدود.
كما تُسهم المثبتات التلقائية في تقليل حدة التقلبات الاقتصادية ومساهمة مباشرة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. ومع ذلك، يجب أن يتم تنسيق هذه المثبتات بشكل جيد وضبطها بعناية لضمان تحقيق أقصى استفادة منها في ظل التحديات الاقتصادية المتغيرة.
أخيرا، تعد المثبتات التلقائية (Automatic Stabilizer) أداة أساسية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وهي أداة إقتصادية مهمه وفاعله ممكن أن تساهم في تحسين الواقع الاقتصادي في الأردن، من خلال تقليل التباينات في الأداء الاقتصادي وتحسين حالة البطالة، وتحسين الإجراءات التي من شأنها أن توجه الموارد بفاعلية لتحقيق أكبر فائدة ممكنة في تعزيز الاقتصاد وتحسين معيشة الأردنيين.

Related posts

تجربة النضال الفلسطيني: خصوصية مقاومة تقاوم التعميم* هاني ابو عمرة

كلفة الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي* جواد العناني

هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟* د. سنية الحسيني