يَوْم الفاتح من شهر حزيران( يونيو) القادم، سيزف صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلى خطيبته الآنسة الفاضلة رجوة بنت خالد بن مساعد بن سيف بن عبدالعزيز آل سيف في قصر الحسينية بعمان العاصمة الأردنية. وقد بُديء بالعمل على تسوية الطرق، ووضع الزينات استعداداً لذلك الحدث السعيد.
ولو عدنا بالذاكرة إلى ما تواتر من أخبار وقصص عن أفراح الأمراء لرأينا أنها تشكل جزءاً أساسياً من ذاكرة الأطفال في كل أنحاء العالم، وعندما يصبح الطفل منهم أباً للرجل الذي أصبحوه، انسجاماً مع سطر الشعر الذي كتبه الشاعر البريطاني ” وليم ووردزورث” في قصيدته ” قلبي يقفز إلى الأعلى” تبقى ذكرى زواج الأمراء معهم.
والطفل الأمير الحسين بن عبدالله هو ابن الحسين بن طلال بن عبدالله وهكذا نعود جيلاً بعد جيلٍ إلى الوراء حتى نصل إلى الجد الأغظم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة. وقد تربى الأمير الحسين على هذا التراث في بيت وفَّر له المعرفة، والأدب في التعامل، وسمح له بقليل من شقاوة الأطفال، وعوده روح المنافسة والقراءة والفكر المتفتح، والذهن التواق للمعرفة.
فأبوه الذي غلبت على تربيته الروح العسكرية وانضباطها، والولع بالمغامرة والتحدي، ورغبته الجامحة في التعلم، قد زرع تلك الروح في ابنه الذي سيرت العرش من بعده كابراً عن كابر. والعرش في الأردن ليس مقعداً مفروشاً بالورود دائماً، بل أنه يتطلب رجلاً صلباً في ارادته، مرناً في فكره، لماحاً في بصيرته، مغواراً إن تطلب الأمر ذلك، ولقد رأينا ملوك بني هاشم يتحدون الصعب، ويمرون في الظروف الخشنة مرورهم في الأيام السلسة، ويقودون سفينة الأردن عبر الأهوال إلى شواطئ الأمن والأمان. هكذا كان جد الأمير الحسين المرحوم الراحل العظيم الحسين بن طلال، ومن قبله جده الملك المؤسس عبدالله الأول.
وأما والدته جلالة الملكة رانيا العبدالله، الذكية المُجدة، المفوهة والمحدثة الأريبة. ابدعت في دراستها الثانوية، وتفوقت على زملائها في الدراسة الجامعية، وابدعت في عملها بعد التخرج، حتى التقت بتؤام روحها الأمير عبدالله بن الحسين، فتزوجها وكانت له نعم الرصيد، ونعم الرسول، ونعم الداعم، ومنجبة لأطفال نجباء، يتفوقون بدون ادعاء، ويبدعون بدون افتراء، ويعاملون كل من لقيهم بالخلق الهاشمي العظيم.
من كان هذان والِدَيْه، وتلك روحه وهمته فهو يستحق أن نفرح له ونطرب بيوم زفافه ضارعين للمولى أن يحفظه. أما عروسه الأميرة القادمة رجوة الحسين فهي ذات خلق رفيع ونسب مشرف، وبيت عز وكرم. وهي لذلك ستكون نعم الرفيق والقرينة للأمير زوجها، وملك الأردن القادم بعد عمر طويل لوالده الملك عبدالله الثاني.
نحن في الأردن لا نطرب أو نفرح فقط لأنه زواج ولي العهد، ولكن لأننا نعلم أن الأمير الحسين سيكون حادي المملكة الخامسة وقائدها، ومن بعده سيكون ابنه عبدالله الثالث عنوان المملكة السادسة. وهكذا كابراً على كابر. واستقرار العرش الهاشمي يعني أن الأردن سينعم بحكم هاشمي عطوف كريم، يتقيد بأخلاق الرسول محمد بن عبدالله سيد الخلق، وما قاله فيه من أبيات شعر أحمد شوقي في قصيدة ” ولد الهدى”
وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً
لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ هِزَّةٌ
تعرو الندى وللقلوب بكاء
الحرب في حق لديك شريعة ومن السموم الناقعات دواء
وإذا أخذت العهد أو اعطيته فجميع عهدك ذِمة ووفاء
وهناك صفات أخرى حميده. نرجو أن يكون يوم زفاف الأمير مناسبة يحتفي بها العمر كله، وأن يرزق الأميران العريسان بالأبناء والحفدة، وأن يمد الله في عمريهما وأن يظفرا بحب الله والناس، وأن يعيشا في كنف آل هاشم الأبرار ذخراً وسنداً.
وألف ألف مبروك