عروبة الإخباري – أكد العين، ووزير الداخلية الأسبق حسين هزاع المجالي، أن تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الجديدة بقيادة نتنياهو يعد اليوم “تحديا رئيسيا للأمن والمصالح الأردنية العليا”.
وقال المجالي، إن من اهم التهديدات للأمن الوطني الأردني هو استمرار القضية الفلسطينية بدون حل يرضي الشعب الفلسطيني وينسجم مع الشرعية الدولية.
وأوضح المجالي، خلال حديثه في محاضرة ألقاها مساء أمس السبت في مركز الحسين الثقافي في راس العين ضمن امسيات صالون السبت بأمانة عمان، أن هذا اليمين الإسرائيلي لا يخفي مخططاته في الضغط على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية باتجاه طرده وتهجيره، والمس بالوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. مشددا على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ارض الشعب الفلسطيني الشقيق هي مصلحة أردنية عليا.
وأشار المجالي إلى تصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني الأخيرة في لقائه مع قناة “سي ان ان”، حول الخطر القادم بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وتأكيد جلالته على الدفاع عن الخطوط الحمراء في القدس الشريف.
وأكد المجالي ان ذلك “يحتم علينا جميعا كأردنيين الوقوف خلف جلالة الملك، الوصي الشرعي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف بمواجهة ما هو قادم”. وشدد على أهمية “تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة أي خطر يهدد الأردن من الخارج”.
وفيما شدد المجالي على الروابط المصيرية بين الشعبين الأردني والفلسطيني وتعرضهما سويا للخطر الإسرائيلي، فانه، وردا على سؤال، لم يؤيد إلغاء المعاهدة بين الأردن وإسرائيل ردا على المواقف المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الجديدة ضد فلسطين والأردن، وقال “إن المعاهدة هي سلاح في يد الأردن لخدمة الشعب الفلسطيني، ودعمه بكل الإمكانيات” وأن الغاءها “يعني خنق الإخوة الفلسطينيين أكثر”.
واكد المجالي أن الأردن “يملك أوراقاً عديدة” في مواجهة هذه الحكومة المتطرفة، لافتا الى التحرك الدبلوماسي الاردني القوي خلال اليومين الماضيين، مضيفاً أن “الأردن قدم الكثير للقضية الفلسطينية وأن الأردنيين هم مشاريع شهادة لأجل القدس”.
كما لفت الى الإنجاز المهم على مستوى قرار الأمم المتحدة قبل أسبوعين الذي قادته الدبلوماسية الأردنية والفلسطينية، في إشارة الى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإحالة ملف الاحتلال الإسرائيلي الى محكمة العدل الدولية لتاكيد وجود احتلال غير قانوني للأراضي الفلسطينية.
الى ذلك، قال المجالي، في محاضرته التي عنونت بـ”تحديات الأمن الوطني الأردني” ونظمتها دائرة المرافق والبرامج الثقافية بامانة عمان ضمن صالون السبت، ان مفهوم الأمن الوطني “يشمل كافة المصالح المرتبطة بالدولة الأردنية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”
وراى المجالي، الذي سبق أن شغل منصب مدير الأمن العام، أن “الامن الوطني يتحقق من خلال الدمج المتوازن لأربعة عناصر أساسية، وهي الحاجة لنظام سياسي مستقر، والحاجة ألى قدرة دفاعية عامة للدولة لردع التهديدات، وحاجة المواطن ألى الاستقرار الداخلي وحاجة المجتمع الى النمو والتنمية الشاملة” .
واكد المجالي ان النظام السياسي الاردني بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وروح التسامح والاعتدال والوسطية والحكمة التي اتصف بها هذا النظام “له الفضل الأكبر في استقرار وأمن البلاد، وفي ترسيخ القانون والنظام على أساس فكري مقبول يجعل الاهداف الوطنية منسجمة مع الاهداف القومية”.
وشدد المجالي على أهمية الاحترام والثقة التي يوليها الأردنيون لقواتهم المسلحة وأجهزتهم الأمنية، لافتا في هذا السياق إلى ان استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الأخير أظهر أن االقوات المسلحة والأجهزة الأمنية تحظى بثقة الغالبية العظمى من الاردنيين.
وأشار ألى ان الاردن “لم يصل الى مرحلة الاستقرار منذ استقلاله إلا بتبني استراتيجية لامنه الوطني، الذي عبر عن حماية قيمه ومصالحه وحماية استقلاله السياسي وامن وطنه ومواطنه في الداخل والخارج”.
وشدد على أن الأمن “هو الاستراتيجية العليا للبلاد، وهو يدور حول مصالح او غايات وقيم يجب الدفاع عنها، وتهديدات واخطار ينبغي الوقوف ضدها” وقال “لم يكن الامن في بلدنا مهمة وظيفية في اي وقت من الاوقات، انه بالنسبة لنا قضية وطنية”.
واستعرض المجالي ابرز وأهم التحديات والازمات الداخلية التي تواجه الأمن الوطني، مشيرا إلى الازمة الاقتصادية وقلة الموارد المالية، وشح المياه، واللجوء السوري وتبعاته، والبطالة بصفوف الشباب (…)”.
وراى المجالي ان التحدي الداخلي والاكبر هو الازمة الاقتصادية بسبب الاحداث الاقليمية والدولية، ما يؤدي الى اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة على المواطنين. وعبر في هذا السياق عن اعتقاده بأن “هناك تقصيرا حكوميا في التواصل مع المواطنين”، وقال: “هنا يجب على الحكومة ان تطلع الشعب الاردني على اي قرار مستقبلي تريد إتخاذه وما سبب اتخاذه او عدم اتخاذه، ففي علم الادارة الاهم من اتخاذ القرار هو تهيئة البيئة المناسبة لاتخاذ القرار”.
وقال “الازمات الداخلية يمكن حلها اذا صلحت الادارة في المؤسسات الحكومية، فمهما قمنا بوضع تشريعات وقوانين دون ان ترافقها إدارة ناجحة لتطبيق هذه القوانين فإنها ستفشل حتما”.
اما فيما يتعلق بالازمات الخارجية، فاكد المجالي ان “جلالة الملك يسعى جاهدا لان يكون الاردن وسطيا في التعامل مع كل الازمات المحيطة بالاردن”.
واستعرض المجالي ابرز واهم التحديات الخارجية التي تواجه الامن الوطني الاردني، ومنها الحرب على الارهاب، عدم الاستقرار الامني والسياسي في الدول المجاورة، في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وغيرها من تحديات”.
وتطرق المجالي الى تعاظم الخطر الأمني الذي تتصدى له القوات المسلحة الاردنية والاجهزة الامنية، في حماية الحدود الملتهبة للدول المجاورة غير المستقرة، حيث ينشط تهريب السلاح والمخدرات من سورية دون نسيان الخلايا الارهابية، فيما ينشط من العراق تهريب المخدرات.
وتطرق المجالي الى دور الامن العام والاجهزة الامنية في الاحداث الاخيرة التي رافقت اضراب الشاحنات والاحتجاج على اسعار المحروقات، وقال ان استشهاد العميد عبد الرزاق الدلابيح رحمه الله “يمثل استهدافا مباشرا للامن المجتمعي، حيث استغل اصحاب الفكر التكفيري حالة عدم الاستقرار في مناطق الجنوب لفعل فعلتهم” . واستدرك قائلا “لكن بحكمة الاردنيين والقيادة الهاشمية استطعنا تخطي هذا المصاب الجلل وكنا على قلب رجل واحد في مواجهة هذا الخطر”.
واستغرب المجالي في حديثه بعض التحليلات التي تبعت استشهاد ثلاثة من رجال الامن العام في المداهمة الاخيرة ببلدة الحسينية التي جرت لالقاء القبض على قاتل الشهيد الدلابيح، وقال “كثرت التحليلات حولها (المداهمة) وعن وجود اخطاء في المداهمة ونظرية المؤامرة”، مؤكدا ان رجال الامن العام يحملون ارواحهم على اكفهم في سبيل الدفاع عن امن الاردنيين والاردن.
وشدد على ان الامن العام ينفذ مهامه الامنية بكل حرفية ومهنية، ووفق منظومة اخلاقية وقانوينة لا يحيد عنها، مستذكرا عظم التضحيات التي يقدمها منتسبو القوات المسلحة والاجهزة الامنية.
وبين ان رجال الامن العام عند اي مداهمة “ياخذون دائما بعين الاعتبار وجود نساء او اطفال او مدنيين داخل المنزل المستهدف”، وقال “للعلم لا يصعب على جهاز الامن العام ان يقصف البيت ويقضي على القاتل، ولكنه يراعي ويخشى من الحاق الضرر بأي شخص لا علاقة له بالحادث وهذا الأمر الانساني هو نهج الأمن العام ويحسب له لا عليه، رغم فداحة الخسارة باستشهاد ثلاثة من ابنائنا خلال المداهمة”.
وردا على سؤال، اعتبر المجالي أن اللجوء ألى الحل الأمني في أية قضية داخلية “يجب ان يكون دائما هو الحل الاخير”، مؤكدا ان الحل للازمات الداخلية يكون بالحوار والتواصل والتفاف الجميع حول المصالح العليا للوطن وان تقدم الحكومات تبريراتها لاي قرار صعب يمكن ان تتخذه.