مؤتمر بغداد 2…ملفات َََ… وجهة نظر ؟ د فوزي علي السمهوري

مؤتمر بغداد 2…ملفات َََ… وجهة نظر ؟
د فوزي علي السمهوري
لإنعقاد مؤتمر بغداد 2 في الأردن معان ودلالات من حيث :
— المكان
— التوقيت
— الأهداف
من حيث المكان :
يأتي إنعقاد مؤتمر بغداد 2 في البحر الميت بمشاركة واسعة عربية وإقليمية ودولية دلالة وتأكيد على مكانة ودور الأردن الجيوسياسي الإستراتيجي وقدرة الاردن على المساهمة الفاعلة في تحقيق الأهداف المتوخى تحقيقها في تعزيز الأمن والتنمية المستدامة إقليميا .
من حيث التوقيت :
جاءت النسخة الثانية من مؤتمر بغداد في ظل توقيت وظروف مختلفة عن النسخة الأولى التي إلتئمت في بغداد عام 2021 من حيث :
أولا : كان الإستقرار القطري في دول الإقليم السمة الغالبة في النسخة الأولى بينما تسود معظم دول الإقليم زعزعات وعدم إستقرار داخلية وخارجية في إشارة على إمكانية إحداث إختراق في مواقف بعض الدول الإقليمية كتركيا وإيران لدفعها نحو إتخاذ إجراءات جادة وملموسة تؤدي إلى نزع فتيل ومسببات التوترات والأزمات الإقليمية بعناوينها المختلفة .
ثانيا : يأتي المؤتمر في خضم الحرب الدائرة في اوكرانيا وما ستسفر عن نتائج وتفاهمات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وروسيا والصين وحلفائمهما تفضي إلى ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ومن هنا تنبع أهمية الإجتماع والمشاركة الواسعة للقوى الدولية في مسعى منها لبناء محور أو تحالف يكفل مستقبلا نفوذهم ومصالحهم المختلفة .
ثالثا : كما يأتي إنعقاد مؤتمر بغداد 2 مع تشكيل حكومة إسرائيلية يتبجح رئيسها وشركاءه عن عزمهم إنتهاج سياسة عدوانية وعنصرية ودموية بحق الشعب الفلسطيني وبرفض قاطع لتنفيذ القرارات الدولية بالإنسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 ناهيك عن رفض الإعتراف من حيث المبدأ بكافة القرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية وبحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على المساحة المعترف بها دوليا وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 أو حتى بموجب قرار الجمعية العامة رقم 67 / 19 / 2012 في رسالة تهدف إلى تاجيج الصراع بما يؤدي إلى تهديد حقيقي للأمن الإقليمي وخاصة على الجبهة الأردنية في إنتهاك صارخ لكل من المعاهدة الأردنية الإسرائيلية ولإتفاق المرحلة الإنتقالية ” اوسلو ” المبرم مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني برعاية أمريكية .
من حيث الأهداف :
تشير الأطراف المشاركة بمؤتمر بغداد 2 إلى أن محور الإجتماع أوسع وأشمل من العنوان الرئيس بدعم العراق على مختلف الأصعدة الذي تضمنه البيان الختامي من التعاون مع العراق دعما لأمنه وإستقراره وسيادته وبناء المؤسسات القادرة على مواصلة التقدم وإعادة الإعمار وحماية مقدراته وتلبية طموحات شعبه وتحقيق التنمية الشاملة والوقوف إلى جانبه في مواجهة جميع التحديات بما في ذلك تحدي الإرهاب .
أما إلى جانب ذلك فهناك ملفات تكتسب أهمية كبرى ترتبط إرتباطا مباشرا بمكانة ومستقبل الإقليم في النظام العالمي الجديد قيد الترسيم شغلت حيزا خاصا في الإجتماعات الثنائية والجانبية تمثلت في :
أولا : الملف النووي الإيراني ومحاولة دفع أو مساومة إيران للقبول بتوقيع على الإتفاق وفق الرؤية الأمريكية .
ثانيا : العلاقات الإيرانية في الإقليم :
تتسم علاقات إيران الإقليمية وخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي بالتوتر فالمملكة العربية السعودية ترى انها لما تحتله من مكانة ريادية وموقع مركزي إستراتيجي جيوسياسي المستهدفة والأكثر تضررا من السياسة الإيرانية بدعمها للحوثيين وإنعكاس ذلك على أمن السعودية خاصة ومجلس التعاون الخليجي عامة مما يستدعي حل هذا الخلاف لإنجاح أهداف المؤتمر باطنه وظاهره .
ثالثا : العلاقة الإيرانية الروسية :
دفعت السياسية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي خاصة إتجاه إيران وسوريا العامل الأهم في العلاقة المتميزة بين روسيا وإيران وتعمقها سياسيا وإقتصاديا وعسكريا إنسحب ذلك على الموقف الإيراني من الحرب الدائرة في اوكرانيا وعليها مما أربك حسابات المحور الأمريكي في مستقبل إستمرار هيمنتها ونفوذها في إقليم يمثل جزءا من أمنها القومي لصالح محور روسي صيني يشاركها نفوذها وقيادتها للعالم ومن هنا يمكن لنا فهم المطالبات الأمريكية والغربية لإيران بوقف تزويدها لروسيا بالطائرات المسيرة وقد يكون هذا الملف الأهم .
رابعا : الملف الفلسطيني :
مثل الملف الفلسطيني الغائب رسميا الحاضر عمليا كما صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرارا بأن حيثما حضر الأردن تكن فلسطين حاضرة فبدون تمكين الشعب الفلسطيني من حقه بتقرير المصير ولجم جرائم حكومة سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية برئاسة مجرم الحرب نتنياهو الذي ينكر اساسا وجود الشعب الفلسطيني والذي يشكل برنامجها وممارساتها السابقة من إنتهاك لمعاهدة وادي عربة ولإتفاق أوسلو وللقرارات الدولية ولقرار مجلس الأمن رقم 2334 مصدرا للتوتر وعدم الإستقرار للأردن عموما فالموقف الأردني الإستراتيجي النابع أيضا من مصالحه الوطنية بالتأكيد خلال اللقاءات الثنائية على ثوابته الإستراتيجية بضرورة واهمية إنهاء ” إسرائيل ” لإحتلالها الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة كأساس لتجسيد وترسيخ الأمن والسلم الإقليمي وما دعمه وتبنيه لحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة إلا رسالة بالغة الأهمية للعالم بأن السلم والأمن الإقليمي لن يكتب له النجاح في ظل إستمرار رفض ” إسرائيل ” الإلتزام بالقانون الدولي وبمبادئ وأهداف الأمم المتحدة .
هذه الملفات تضمنها ضمنا وليس تصريحا البيان الختامي لمؤتمر بغداد 2 في إشارته ” وأكد المشاركون أن تحقيق التنمية الاقتصادية ونجاح مشاريع التعاون الإقليمي يتطلبان علاقات إقليمية بناءة قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية الداخلية وإحترام القانون الدولي و إعتماد الحوار سبيلا لحل الخلافات وعلى التعاون في تكريس الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وتحقيق الرخاء ” .
كما اكد البيان على أن تجاوز الأزمات الإقليمية والدولية يستوجب تعاونا إقليميا شاملا…. ” .
هل نجح المؤتمر :
من الناحية النظرية ووفق البيان المشترك حقق المؤتمر نجاحا من حيث مضمونه ومن حيث جمعه الأطراف الإقليمية الفاعلة والمتضررة من عدم الإستقرار الإقليمي وعلى أرض الواقع أرسى القاعدة لبدء أو إستمرار الحوار بين الاطراف المعنية للوصول إلى تفاهمات تؤدي إلى نزع فتيل ومسببات التوترات والأزمات الإقليمية بعناوينها السياسية والإقتصادية والعسكرية … فالعبرة والحكم بنجاح المؤتمر بالتنفيذ. .؟!
اما فلسطين وإستقلالها وحرية شعبها كانت وستظل محور التحدي والصراع وستبقى مركزا وعاملا رئيسا في إستتباب الأمن الإقليمي وإن رأى البعض خلاف ذلك. ..؟
السؤال الأهم هل الإقليم العربي يسير نحو فرض تعزيز مصالحه وسيادته في خضم مولد نظام عالمي متعدد الأقطاب كلاعب فاعل..؟

Related posts

توجهات إيجابية في ميدان الشراكة بين القطاعين العام والخاص* د. محمد أبو حمور

قمة الرياض… قمة فاصلة، فهل تنجح وكيف؟

قمة الرياض وتحولات جيواستراتيجة* الدكتور أحمد الشناق