عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
يقول محمود درويش ” سرق الثعلب من برجي حمامة، سوف أرثيها، وسأحمي البرج، لكن: لست أستعجل ميلاد القيامة!”
ماذا يعني التضامن مع الشعب الفلسطيني وكيف يجب ان يفهم ومن اين جاء هذا اليوم؟
هذا اليوم 29/11 هو يوم اعلان الامم المتحدة لتقسيم فلسطين الى دولتين اسرائيلية وعربية فلسطينية عام 1947 ، وقد جاء التقسيم كفكرة وممارسة بعد صراع طويل تتوج بالنكبة عام 1948 وكان ثمرة لمناورات عديدة ومحاولات من جانب العديد من دول العالم ومن الامم المتحدة نفسها التي ضحت بمبعوثها الى فلسطين والذي اغتالته العصابات الصهيونية وهو الكونت برنادوت.
التقسيم الذي كان جائرا جرى القبول به دوليا وعربيا وقامت الدولة الاسرائيلية التي اشترط القرار لقيامها قيام دولة فلسطينية نص عليها قرار التقسيم، ولكن اسرائيل وحلفائها عطلوا ذلك واستانفوا العدوان الذي افضى الى النكبة وتهجير غالبية الفلسطينيين من ديارهم والاستيلاء على ارضهم وبيوتهم..
ذهب الفلسطينيون وقد اقتلعوا من وطنهم وبددوا الى المنافي في اكبر موجات لجوء، وغابوا لسنوات وما زالوا لم يعودوا رغم قرارات للامم المتحدة بذلك، ولذا سمّي هذا اليوم 29/11/1947 بعد كل تلك السنوات ومن خلال الامم المتحدة نفسها بـ”يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني”..
لكن كيف فهمت عديد من دول العالم وخاصة العرب مفهوم التضامن ذلك؟ وهل كان الفهم صائبا ام انه اخطا الدلالة؟
لابد من التذكير بان الحركة الصهيونية التي زورت تاريخ الصراع بالاسرلة والتهويد والقتل والنفي والاحتلال ارادت في غمرة عدوانها المستمر حتى اليوم ان لا يعني التضامن مع فلسطين التضامن مع الشعب الفلسطيني، بل تبقى الكلمة ذات مضمون فارغ ومجرد، فالحركة الصهيونية ومن التزموا مقاصدها علموا ام لم يعلموا رفضت ان يكون التضامن مع فلسطين هو التضامن مع الشعب الفلسطيني، ولذا لابد من اعادة النظر في الفهم وتصحيحه والتنبيه اليه، فالقضية الفلسطينية تعني في الدرجة الاولى في دلالاتها ما اصاب الشعب الفلسطيني اذ تعني التضامن مع الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المادية والمعنوية والسياسية والانتصار لقضيته والوقوف في وجه العدوان وادانته..
الحركة الصهيونية ارادت اذن ان لا يعني التضامن مع فلسطين التضامن مع الشعب الفلسطيني.. كما ارادت ان لا تكون قيادة الشعب الفلسطيني منه بل من خارجه ومفروضة عليه، وان لا يختارها بنفسه، ولذا كانت الحركة الصهيونية تسعى لتزوير تمثيل الشعب الفلسطيني وتطرح البدائل وتعمد الى ان تمارس الضغط على العرب وانظمتهم ليقبلوا بتمثيل باسم فلسطين، لكن لا يمثل الشعب الفلسطيني حقيقة وفي هذا المجال فرضت الحركة الصهيونية نماذج واشكال ووضعت فلسطين تحت الوصاية البريطانية وجعلت الضفه الغربية في الادارة الاردنية كما وقعت قطاع غزة تحت الادارة المصرية..
وحين ادرك الشعب الفلسطيني الخذلان من الانظمة العربية عام 1948 وسوء التمثيل ناضل ليسترد حقه في اختيار قيادته، خاصة حين انطلقت ثورته عام 1965 ممثلة في فتح وقيادتها وفي منظمة التحرير الفلسطيني التي اصبحت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولهذا قاتل الشعب الفلسطيني وناضل من اجل تمثيل حقيقي ودفع ثمنا باهظا وما زال حتى يبقى الفلسطينيون ممثلون قضيتهم ووطنهم، فكان الدفاع عن منظمة التحرير مكلفا وصعبا في العديد من المواقع والمراحل الزمنية حتى استقرت عملية التمثيل، ولكن الحركة الصهيونية ومن يعتقدون برؤيتها ظلت تحارب القيادة الفلسطينية، تعمل ليل نهار من اجل ان يكون التمثيل الفلسطيني كاملا وناجزا، ولعل الحسم كان بعد مؤتمر مدريد وبقيام اتفاق اوسلو الذي جعل الفلسطينيين يتكلمون باسم قضيتهم ويدعون الى حق تقرير المصير والى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس..
اذن في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني لابد من مواصلة النضال لازالة الاحتلال ودحره، وتأكيد ان القضية هي قضية الشعب الفلسطيني كله في الداخل والخارج، وانه امتلك ناصية اختيار قيادته وانه لابد من تأييد هذه القيادة والالتفاف حولها ، لان ذلك انجازاً ظل يحلم به الفلسطينيون، فالمسالة ليست شكلية وانما جوهرية ويجب فهمها بعمق..
اليوم يعيش بعض الفلسطينيين على ارض وطنهم وهم صامدون ولهم قيادتهم التي تعمل من اجل استمرار التمثيل، ومن اجل ازالة الاحتلال..
اليوم يجب تذكير النظام العربي ان التضامن مع الشعب الفلسطيني هو في مساعدته ليتوفر له الصمود والبقاء على ارضه، ويظل قادرا على ان يقود الصراع حتى لو تأخر النظام العربي او تخاذل بعضه او ذهب ليفهمم ما تفهمه الحركة الصهيونية في الصراع حول التمثيل والتضامن..
والدعوة متصلة للانظمة العربية ان تعيد النظر في مواقفها لجهة مزيد من التضامن العملي والفاعل مع الشعب الفلسطيني باساليب ووتائر مختلفة، حتى عن الفهم الدولي والتضامن النظري الشكلي البعيد عن الواقع..
التضامن مع القضية هو تضامن مع الشعب الفلسطيني مع اهدافه لاقامة دولته ومع قيادته التي تحاول اسرائيل دائما شيطنتها والالتفاف عليها..
في هذا اليوم المميز لابد من وقف كل اشكال التطبيع مع اسرائيل التي لبست لبوس اليمين الفاشي، واستمرت في العدوان والارهاب وانكار الحقوق الفلسطينية، ولابد من العمل على ازالة الاحتلال وتمجيد المقاومة الشعبية التي يراها العالم الحرّ حيّا لابد من الحفاظ عليه..
تحية للشعب الفلسطيني الصامد في الداخل والخارج.. وتحية لقيادته التي تدرك معنى التمثيل ومعنى التضامن مع الشعوب، مع الصامدين والشهداء والاسرى والمعتقلين والامساك بذلك..
وتحية للشعب المناضلة التي تدعم حرية الشعب الفلسطيني ونضاله وتقف بحزم وصلابة وتضحية الى جانبه.. والعار لكل الذين خذلوا القدس وفلسطين ونكصوا ووهنوا او ضعفوا وانقلبوا..