مدير “الحسين للسرطان” يحذر في “السبت الثقافي” من التشكيك باللقاحات
منصور: ترامب الأكثر مسؤولية عن نظرية المؤامرة
حول كورونا.. وجيلنا سيشهد جائحة أخرى
– الاقتصاد العالمي يخسر 10 ترليونات دولار جراء وباء كوفيد 19 خلال سنتين
عمان- اكد مدير عام مركز الحسين للسرطان د. عاصم منصور ان العلماء يتوقعون أن يحتفظ فيروس كورونا، الذي ضربت جائحته العالم بقوة خلال العامين الماضين، بقدرته على التحور المستمر. غير مستبعدين ان يعود للظهور في كل موسم كما هو الأمر مع فيروس الإنفلونزا.
وقال حول مستقبل كورونا وغيرها من الأوبئة، أن “العلماء يتوقعون أن يحذو هذا الفيروس حذو ابن عمه أي فيروس الانفلونزا الذي تسبب بجائحة 1918 (الإنفلونزا الإسبانية) والذي ما لبث أن ضعف وخفت صوته لكنه احتفظ بقدرته على التحور المستمر ليطل برأسه علينا كل موسم يحصد عددا من الأرواح ويغادر، وكل الدلائل حتى اللحظة تشير الى أن فيروس كورونا سيحذو حذوه”.
وأضاف منصور، في أمسية لصالون السبت الثقافي نظمتها دائرة المرافق والبرامج الثقافية بأمانة عمان الكبرى في مركز الحسين الثقافي وأدارها الزميل ماجد توبه مساء أمس السبت، أن “تفشّي الأمراض المعدية في المستقبل أمر لا مناص منه، لكن بامكاننا أن نحول دون تحول هذا التفشي الى جائحة مدمرة”.
وأوضح ان “التحضير للجوائح القادمة يحتم علينا تعزيز قدراتنا على الاستجابة لسلسلة انتشار المرض، بدءاً من التعرف على مسبب العدوى مبكرا وعلى شيفرته الجينية وحاضنه الطبيعي وطرق انتقاله وصولا إلى تحصين المجتمع من خلال المطاعيم الفعالة”.
وبين منصورخ، الذي استعرض في الأمسية كتابه “عامان من العزلة- مآلات الجائحة” ورؤية استشرافية لمستقبل الأوبئة، أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بزمان ومكان حدوث الجوائح القادمة؛ “فالجوائح عادة ما تكون أحداثاً عشوائية ويمكن أن تحدث في أي مكان في العالم يعيش فيه الإنسان والحيوان متقاربين، فمعظم الجوائح تحدث عندما ينتقل المسبب من الحيوان الذي يستوطنه إلى الإنسان الذي لم يصب به من قبل”.
وأشار منصور إلى أن العلماء “حاولوا بناء نماذج استقراء لتوقع زمان ومكان حصول الجوائح القادمة؛ لكنهم فشلوا في بناء هذه النماذج، فالجوائح يمكن أن تحصل في أي مكان وزمان دون وجود نماذج تمكننا من استقرائها”.
لذلك؛ رأى أنه وللتقليل من احتمالية حدوث الجوائح “لابد لنا من الإهتمام بالعوامل الثلاثة التي تساعد على حصولها: المناخ، وصحة الإنسان وصحة الحيوان وأن نستثمر في جهوزية أنظمتنا الصحية والاجتماعية، وأن نحسن من تبادل المعلومات بين الدول وأن نعزز من قيم العدالة الاجتماعية والرفاه الاقتصادي”.
وردا على سؤال، اكد منصور انه “لا يمكن بحال توقع لا مكان ولا زمان الجائحة”، لكنه قال ان ما يعتقده العلماء هو ان “الفترة التي ستفصل بين كل جائحة والأخرى التي تليها ستكون أقصر وأقصر”.
وزاد موضحا “وحسب المعطيات فإن الجالسين في هذه القاعة مع مراعاة فرق الاعمار سيشهدون حدوث جائحة جديدة في حياتهم”. ولفت إلى أن العلماء يقدرون ان احتمالية حدوث جائحة كل عام هي بنسبة ما بين 3% الى 7% ، وهذه النسب تراكمية.
وحذر من أن التغيرات المناخية “أسهمت في زيادة حصول الجوائح وقلة الوقت ما بين الجائحة والاخرى”. وقال “في حال استمرار هذه التغيرات المناخية فسنشهد المزيد من الجوائح”.
وحمل منصور سياسيين وحكومات على مستوى العالم مسؤولية ضرب ثقة الناس بالعلم والعلماء، وبالإعلام وحتى ببعضهم بعضا من خلال خلط ممنهج للأوراق خلال جائحة كورونا، أدى إلى اختلاط المعلومة الموثوقة بالاشاعة، والحقيقة العلمية بالخرافة، مما خلق حالة غير مسبوقة من انعدام الثقة كما أدى استغلال الحكومات للوباء لتنفيذ أجنداتها السياسية والاقتصادية والأمنية إلى تبني نظرية المؤامرة من قبل شريحة واسعة من الناس في تفسير أي تطور في سياق المرض.
وخصّ منصور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتحمل المسؤولية الأولى في رواج وتمكن “نظرية المؤامرة” التي رافقت وباء كورونا واللقاحات “عبر خطاباته الشعبوية والسخرية من العلماء”، مفسرا أيضا رواج هذه النظرية بالانتشار الواسع لوسائل التواصل الإجتماعي وسهولة الخروج عبرها لبث الإشاعات والمعلومات غير الدقيقة.
وفند منصور الشائعات والتشكيك الذي رافق ويرافق لقاحات كورونا، معتبرا إياها من “أهم الإنجازات العلمية والتي قللت من خطورة الإصابة بالفيروس”، مشيرا إلى أن الفيروس ما يزال منتشرا حتى اليوم “لكن تأثيراته المرضية على الناس باتت أقل بكثير بفضل اللقاحات”.
ورأى منصور ان السنتين الماضيتين أثبتتا أننا لم نع بعد دروس التاريخ، وقال “لا أظن أن مرضاً أو شأناً صحياً قد تم تسييسه وتطويعه لخدمة السياسة كما حدث مع هذا الوباء (..)”.
ونوه منصور إلى اتفاق الأطباء والإقتصاديين والسياسيين على أن أزمة وباء كوفيد 19 “تسببت بأوضاع لم تشهدها البشرية منذ قرن من الزمان”، وقال “لقد أودت تطورات الأزمة بكافة الإستراتيجيات وخطط النمو التي وضعها السياسيون والاقتصاديون”.
ولفت الى ان الاقتصاد العالمي “انكمش” جراء الجائحة في 2020 ، بنسبة 4.3% عن 2019 و6.6% عن المتوقع، أي أن الخسارة حوالي 5.6 ترليون دولار، وفي عام 2021 ورغم بدء حملات التطعيم إلا أن النمو الاقتصادي “كان دون التوقعات بـ 5.3 % أي بخسارة 4.7 ترليون دولار لترتفع الخسارة الاجمالية خلال هذين العامين إلى حوالي 10.3 ترليون”.