من الواضح تراجع الإهتمام الشعبي على إمتداد الوطن العربي باهمية عقد القمة العربية أو الرهان عليها في إحداث تغيير حقيقي على الواقع العربي الراهن على الأصعدة المختلفة .
ولكن يبقى السؤال كيف تنظر القيادات العربية لقمة الجزائر ؟ هل هي قمة روتينية كسابقاتها ؟ أم أن توقيت إنعقادها يستدعي مواجهة تحديات المرحلة القادمة موحدين ؟ وما المطلوب منها ؟
القمة ليست روتينية :
الحرب في اوكرانيا ونتائجها على العالم عامة و الدول العربية خاصة تتطلب من القادة العرب وخاصة من قادة الأردن وفلسطين و مصر والسعودية والأردن والجزائر أن تعمل جاهدة للخروج بالمؤتمر من حال الروتين إلى التأسيس العملي لمرحلة مواجهة والتعامل موحدين وفق خطة عمل فاعلة لفرض مكانة التكتل العربي كلاعب فاعل على الساحة العالمية مع مرحلة النظام العالمي الجديد التي ستفرزه الحرب الدائرة في اوكرانيا بغض النظر عن النتائج التي تفرضها ساحة المعركة عسكريا أو التي قد تدفع أقطاب الصراع الوصول إلى تفاهمات لتقاسم النفوذ عالميا في خضم الصراع العسكري وبالتالي ولوج مرحلة نظام عالمي متعدد الأقطاب وما لذلك من تداعيات وإنعكاسات عالميا وعلى الدول العربية التي تحتل موقعا هاما لموقعها الإستراتيجي جيوسياسيا وإقتصاديا .
ما المطلوب من القمة :
حال الوطن العربي الكبير من إنقسام وفرقة وتشرذم السائد مرده إلى نتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية التي جعلت من منطقتنا العربية ساحة غير قادرة بل وغير مؤهلة للدور الفاعل مما حولها إلى مفعول بها دون سيادة حقيقية على قراراتها وإن بدا بالظاهر خلاف ذلك .
لذلك المطلوب من قمة الجزائر أن تشكل محطة فاصلة بين الماضي الذي فرضته بداية نتائج الحرب العالمية الأولى التي قوضت وحدة الوطن العربي ونتائج الحرب العالمية الثانية التي نعيش تداعياتها حتى الآن وبين الحاضر الذي تمتلك فيه الدول العربية مجتمعة موحدة أو متوافقة ادوات وعناصر القوة في حال توفر إرادة سياسية عليا جمعية يؤهلها بلا شك للخروج من مربع المفعول به إلى مربع الفاعل الذي يحتاج إلى إستراتيجية عمل قوامها :
أولا : التوافق على الأهداف المشتركة التي تجمع بين المصالح القطرية والقومية على حد سواء .
ثانيا : ترسيخ وتجسيد مفهوم الأمن العربي القومي الشامل من خلال تمكين وحماية الأمن والإستقرار القطري والإقليمي ووحدة أراضيه .
ثالثا : المبادرة دون تردد عبر موقف سياسي عربي موحد الإعلان عن رؤية عربية وفق خطة عمل للتعامل مع النظام العالمي الجديد من منطلق المصالح المشتركة وموقع الشريك في صناعة القرار العالمي وما يتطلبه ذلك من العمل بالتعاون مع تكتلات صديقة كمنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي ودول الإتحاد الإفريقي على إصلاح جوهري لنظام الأمم المتحدة بما يضع حدا لهيمنة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن .
رابعا : إرسال رسالة بالغة الوضوح بالتصدي بكافة الوسائل المتاحة والمكفولة دوليا للدفاع عن أمن وإستقرار أي دولة عربية أمام أي تحد أو تهديد خارجي إقليمي أو دولي أو بالوكالة .
خامسا : إيلاء التنمية والإنماء العربي الشامل أهمية عظمى لما له من تأثير إيجابي على أمن ثروات رؤوس الأموال العامة وعلى النهوض الإقتصادي الذي سينعكس على معيشة وأمن المواطن العربي مما بالتالي سيعزز وحدة وقوة ومنعة الجبهات الداخلية لكافة الأقطار العربية في مواجهة التحديات .
هذا لا يمكن تحقيقه دون تجميد إن تعذر طي صفحة الخلافات البينية السائدة بين بعض الدول و في ظل غياب تعزيز الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان .
رسائل عاجلة من قمة الجزائر :
رسائل هامة عاجلة لا بد من إرسالها عن القمة :
الأولى : رسالة إلى دول مجلس الأمن الدولي دائمة العضوية برفض إزدواجيتها بالتعامل مع ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة والقرارات الدولية والتأكيد على أن إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدول العربية وخاصة لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة يمثل الهدف المشترك ذا الاولوية العاجلة الذي يتطلب من مجلس الأمن إلزام الكيان الإستعماري الإسرائيلي تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وإنهاء إحتلاله المناقض للشرعة الدولية وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفق جدول زمني قصير محدد المدة .
ثانيا : تعزيز وحماية القرار المستقل لأي دولة عربية والتأكيد على رفض التهديدات الأمريكية الأخيرة للملكة العربية السعودية إثر قرار أوبك بلس بتخفيض إنتاجها من النفط .
ثالثا : ربط طبيعة ومستوى العلاقات مع دول العالم بمدى تحقيق المصالح العربية العليا وعزل أي دولة تمعن في تحديها ورفضها الإلتزام وإحترام ميثاق الأمم المتحدة بعنجهية وصلافة بدعم أمريكي والكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري عنوان ذلك .
قمة الجزائر وفلسطين :
* بات من الأهمية تشكيل لجنة قيادية عليا تتولى الإتصال عالميا للإعتراف بالدولة الفلسطينية ومن أجل الضغط على أمريكا لعدم إستخدام الفيتو حماية ” لإسرائيل ” وتمكينها الإفلات من المساءلة أو للحيلولة دون قبول دولة فلسطين عضوا عاملا بكامل الحقوق في الأمم المتحدة .
* دعم قوة الشعب الفلسطيني وصموده سياسيا وإقتصاديا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بات ضرورة ملحة في ظل تصاعد العدوان والجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وسياساته الرامية لتأبيد إحتلاله الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وفق قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .
المطلوب أن تكن قمة الجزائر منصة الإنطلاق نحو تثبيت مكانة النظام العربي وتجسيد الأمن القومي العربي والتكامل الإقتصادي واقعا وإلا فالأمن والإستقرار العربي في خطر….. ؟!