عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
اربعون عاما على رحيلك وما زلت حياّ في كل من علمتهم المقاومة..
ايّها الشهيد الراقد في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك بدمشق، ها هم عادوا.. اولئك الذين صددتهم في بيروت فحملتك المدنية لقب الماريشال وانت تقود المقاتلين وتدافع عنها، اعتقدوا انك رحلت كمن ارتحلوا عن بيروت ولكنك كنت متحرفا لقتال ولم تنحز الى فئة بل بقيت تمسك بجمر المقاومة ووضعت خطة تجميع المقاتلين مرة اخرى في البقاع.. كنت خططت لذلك والقيادة على علم وكنت تريد قواعد مجهزة لكل انواع السلاح وخاصة الصواريخ لتواجه العدو (الاحتلال) الجاثم على لبنان وخاصة في جنوبه.. واليوم في ذكرى رحيلك الاربعين ها هم عادوا لتدنيس المسجد الأقصى..
كانت ليلة عيد الاضحى من العام الميلادي 1982 ثقيلة وانت لم تنم، كنت تعود من تفقد قوات فتح في البقاع، وكنت تنهي اجتماعا مع ابو جهاد قبل ليلتين، كنت قد عيّدت على المقاتلين ووعدتهم بمزيد من السلاح والمنعة، كنت متفائلا كما انت طوال عمرك، حملت الخمسين سنة على كتفك ولكنك كنت قويا شابا ذو لياقة عالية..
اتصلت انك تريد التوجه الى دمشق وانت تعلم ان الطريق كانت خطرة ومليئة بمن يتربصون وبمن شق قادتهم الصفوف وورطوا دمشق في مقاتلة الفلسطينيين في لبنان..
كان العدو على علم ببطولاتك وخططك، وكانوا قد نقلوا اليه انك تخرج من الشباك من بيروت لتدخل من الباب من البقاع لتشن هجومك ..
كان القرار بتصفيتك كقائد متفرد..
لم يكن سعد صايل قائدا عسكريا عاديا بل كان مميزا، فقد اجتاز 23 دورة عسكرية متخصصة حين كان ضابطا في الجيش العربي الاردني قبل عام 1970 وفي عديد من الدول، وقد قال عنه الجنرال الراحل العميد حمدي الحباشنة “”ابو عمر الذي زامله في الجيش وكان قائدا في الحرس الملكي : “لم اجد انبغ من سعد صايل ابو الوليد في العسكرية في الجيش العربي، فلم يترك دورة عسكرية الا وطلب الانتساب لها واجتازها وتفوق فيها ، وكان ترتيبه الاول دائما، وقد لفت انتباه القادة العرب والأجانب، كان عسكريا باحتراف احب الحياة العسكرية واخلص لها، وكان وطنيا احبه الجنود ورفاق السلاح”..
سعد صايل ولد في قرية من قرى نابلس “كفر قليل” عام 1932 وكان منزل والده على الحد مع مخيم بلاطة يمر ليرى معاناة سكان المخيم في كل يوم يذهب فيه للمدرسة، فقد كانت بلاطة البلدة والمخيم شعله وطنية ولا زالت..
كان الشهيد التحق بالكلية العسكرية الاردنية بعد تخرجه من مدرسة بلاطة من نابلس بالثانوية، وتخرج من الكلية العسكرية وترقى ليصبح قائد لواء الحسين بن علي، وقبلها آمر مدرسة المهندسين..
تحدث عنه الفريق الباشا عبد الهادي المجالي ووصفه ايضا بأنه من افضل القادة العسكريين، وقد حزن لاستشهاده وتحدث عنه في المناسبة وقال كان اغتياله خسار كبيرة..
استشهد في اليوم الاول من ايام عيد الاضحى 27/09/1982 في طريقه الى دمشق، وقد هاجمه قتله اصابوا موكبه وقتلوا رفاقه ومنهم سائقه وقد اصيب هواصابة بليغة في ساقه، وظل ينزف وقد تأخر نقله الى مستشفى المواساة الى دمشق، فقد كانت طريق دمشق غير سالكة للفدائيين والفلسطينيين آنذاك، فقد اوقفوا سيارة الاسعاف كثيرا على الحواجز..
بكاه ابو جهاد وابو اياد وعرفات الذي اطلق عليه لقب ماريشال، بكته اللجنة المركزية لفتح والتي كان احد أعضائها..
اليوم الذكرى الاربعين لرحيله.. ادعوا الى اعادة احياء ذكراه والى بناء مقام في بلاطة حيث ولد الشهيد، وان يكون هذا المقام جاهزا ليكون ضريحا حين ينقل جثمانه الى الوطن، وان تكون هذه السنة للقادة الذين استشهدوا بعيدا عن ثرى فلسطين والذي ما زالت لأرواحهم تحلق فوق سمائها ..
اناشد الرئيس محمود عباس الذي مازال يمسك بذكر الشهداء والأسرى كالإمساك على الجمر ان يكرم الشهيد القائد سعد صايل بما يستحق، وان يقيم له في بلاطة مقاما ينعش فيه اسمه، ليتحول الى مزار توضع عليه اكاليل الورد وتقرأ عليه الفاتحة..
لقد كان الشهيد وفيا لفلسطين ولعائلته ولزوجته ام الوليد التي عانت الحل والترحال، فكان لها اسرة من تسعة افراد احسنت تربيتهم، فهي ابنه الحاج عبد الجبار وجيه القرية..
وما زالت منطقة الريان في البقاع حيث اصيب الشهيد شاهدا على دمائه الزكية ، وما زالت مقبرة مخيم اليرموك التي تضم شهداء تحتضن جثمانه وقبره ، وما زالت الكلمات التي لفظها امام زوجته وهو يوصيها بأبنائه حيّة في الذاكرة، فقد قال لام الوليد التي كانت تبكي بحرقة في لحظاته الأخيرة، وقد شحب نتيجة النزيف الطويل:” نموت ليعيش شعبنا وتحيا فلسطين”.. هذه الكلمات اتمنى ان توضع على النصب الذي على بلاطه ان تقيمه فيها وان تتقاسم ذكره مع بلدته كفر قليل..
رحمك الله يا سعد صايل فقد زرعت في فلسطين اشتالا واشجارا قوية للمقاومة ما زالت تثمر بجهدك وتذكرك، وما زال أبو مازن يحدو الركب ويحيي الشهداء وانت في طليعتهم فقد سمعناه من على منبر الامم المتحدة يشهد العالم على التزامه..