النشرة الدولية –
عادت فكرة سيطرة التيار المتشدد على القطاع التعليمي مجدداً إلى الواجهة، في مشهد كشف رضوخاً حكومياً للتطرف والتشدد ووأد الحريات، الأمر الذي يتطلب إنقاذاً فورياً لقطاع التعليم، والنأي به عن أي تدخل إسلامي، أو تدخل تنظيمي تابع لأي تيار سياسي.
ورغم أننا استبشرنا خيراً بتعيين د. عادل المانع وزيراً للتربية وزيراً التعليم العالي، فإن ما لمسناه منه خلال أول أيام وزارته، كان مخيباً للآمال لدرجة كبيرة، بل جعلنا نتساءل: هل كانت الخطوات ممنهجة للتسليم أمام الفكر المتشدد؟!
فبداية، فوجئنا بمدارس ثانوية ومتوسطة للبنات تطرح لوائح الزي المدرسي، وتلزم الطالبات، سواء كن محجبات أم لا، بزي طويل، يغطي حتى أسفل القدم! في خطوة بدت كأنها تقييد لحرية الطالبة، وبرغم أن الأعراف جرت أن الوزارة تكتفي بمريول «تحت الركبة»! فمن أين أتت المدارس هذه وإداراتها ببدعة ضرورة ارتداء مريول طويل؟!
ورغم أننا نبهنا في حسابنا على شبكة إكس، ونبه زملاء آخرون أيضاً، وشكا أولياء أمور من ذلك، فإن الوزارة لم تلتفت ولم تبد أي ردة فعل، ولا المدارس تراجعت، فصمت الوزارة ووزيرها المانع لا يمكن تفسيره سوى رضوخ للفكر المتشدد المسيطر على هذه المدارس.
وعلى بعد يوم واحد فقط، صدمنا من جديد برضوخ حكومي للتيار المتشدد، عندما أعلن النائب هايف المطيري نقلاً عن وزير التربية وزير التعليم العالي د. عادل المانع تعهده بإلغاء كل الشعب المختلطة بجامعة الكويت، وعودة تطبيق منع الاختلاط في القاعات!
وبداية، يجب التنبيه الى أن مسماه الدقيق تعليم مشترك وليس تعليماً مختلطاً. ومع ذلك، فإن هناك حكم محكمة دستورية واضحا، فسّر قانون منع الاختلاط بأنه يكفي لتطبيقه تخصيص مقاعد للطلاب وأخرى للطالبات بقاعات الدراسة ذاتها، فإذاً لماذا أربك المانع عملية تسجيل الطلبة، وأمر بإلغاء الشعب «المشتركة» وإعادة تسجيل الطلبة بشعب منفصلة؟!
أليس المانع أستاذ قانون؟ ويفترض به الإلمام بكيفية قراءة الأحكام القضائية؟! ألم يستطع أن يقنع لجنة تعزيز القيم بأن نص حكم المحكمة الدستورية واضح وصريح ولا يحتاج إلى فصل القاعات؟!
أم ان الأمر كان رضوخاً خشية الاستجواب، وخوفاً من المنصة؟!
التعليم، هذا القطاع المهم في تنشئة أبنائنا وأجيالنا المقبلة، يجب أن يكون بمنأى عن السياسة، وعن التيارات والتوجهات، أياً كانت، وبالأخص المتشددة، فيجب أن ينشأ أبناؤنا الطلبة في بيئة تعليمية بعيدة عن التشدد والتطرف، وكفانا مجاملة، ما يحدث اليوم في الكويت لا يمكن أن نطلق عليه «محافظة»، بل هو تشدد وتقييد للحريات، وعلى الأقل لنحمِ أبناءنا منه.
وللوزير المانع نقول، الانتصار للتعليم وحمايته أولى من حماية المناصب والكراسي.