هناك قليل من المراقبين السياسيين والاعلاميين يستطيع أن يشخص الدور الحاسم لجلالة الملكة رانيا العبد الله ا، والمؤسسات النسوية الاردنية من الاطراف إلى المركز في تكامل حقيقي للوصول إلى تمكين المرأة الاردنية وشرعنة القوانين الناظمة للعلاقة ببن هذه المؤسسات ومخرجات ذلك الحوار والتكامل، وصولا الى ما تصبو إليه جلالتها من تمكين حقيقي للمرأة ضمن إطار المنظومة القيمية الروحية والدينية والسياسية وجعلت ذلك التمكين واقعا وهو ما سأقدمه بشكل تفصيلي خلال هذه القراءة.
عندما يقرأ المرء من خلال رؤيته الخاصة لواقع المرأة الأردنية يتفاجأ بان الوعي الجمعي الأردني وبشكل غير مسبوق بات يحتوي تطوير مشاركة المرأة في القرارات الخدمية المباشرة
والقرارات السياسية المركزية والتي تشكل جزءا لا يتجزأ من ذلك الوعي.
أعني هنا ما الذي جعل هذا التسارع في احتواء وجود المرأة في صناعة القرار وقدرتها على التكييف والتكيف ضمن إطار التحول الاستراتيجي لدورها متماهية مع الحفاظ على منظومة القيم الروحية والدينية.
وأتحدث هنا ان تلك الثوابت القيمية التي انطلقت منها الثورة العربية الكبرى تم احتواؤها من خلال ذلك الجهد خلف الستار وامام الستار الذي بذلته جلالة الملكة رانيا العبدالله مستهدفة وعي المرأة بشكل متدرج ارتقى الى مستوى خرائط طريق للوصول الى انجازها الاستراتيجي
والذي تجلى في التعديلات الدستورية غير المسبوقة في عدالة التشريع الوضعي والديني إن ذلك مزيج اعطى للمرأة الأردنية مهمة جسيمة بأن تكون حقيقة قادرة على صياغة أدواتها الخاصة في سياق منظومة الاصلاح السياسي وأعني هنا ان تكون مساهمة فاعلة في الاحزاب السياسية الأردنية والتي هي رافعة التمكين الديمقراطي والمشاركة الاوسع.
من هنا أن مجموع الانجازات التي تحققت في سياق مسيرة الاصلاح السياسي وخاصة ما افرزته اللجنة الملكية العليا وترجمته من خلال قانوني الاحزاب والانتخاب لا بل من خلال أيضا ما هو مغيب عن ذهنية الاخرين مشروع الادارات المحلية وهو بغض النظر عن الأهداف الطبيعية للإدارات المحلية في تقديم الخدمات إنما آليته الانتخابية تعني انه قانون تحت مظلة الاصلاح السياسي اصلا وتلك مسألة أخرى.
في سياق هذا السرد اقول هل كانت المرأة الأردنية تتجاوز المراحل الطبيعية لتطور دورها (أي حرق المراحل) بهذا التسارع ضمن احتواء اجتماعي متطور لو لم تكن جلالة الملكة رانيا العبدالله وراء الاسناد المباشر لآليات تطور واقع المرأة الأردنية.
فهنالك ميزة لا يمكن ان يلتمسها إلا من هو قادر على قراءة المنطلقات النظرية الفلسفية لجلالتها المرتكزة على مصدر استثنائي وهو حكمة ورؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
هنا يجب ان يسجل ان هذا الدور كان حاسما ليس في التأثير على مؤسسات الدولة مطلقا انما كان من خلال تأثيرها على القطاع النسائي من ادنى الى اعلى ومن خلال مدخل لا يخطر على بال من هو بعيد عن استراتيجية جلالتها في تمكين المرأة من خلال ادائها وهذا يتطلب
مشاركة واسعة من المركز الى الأطراف ومن الأطراف الى المركز.
فتبنت جلالتها ما أطلقت عليه أنا أنسنة سلوك المؤسسات النسوية الأردنية وخاصة تلك التي في المركز والتي كانت غائبة كليا عن الهموم المباشرة والحقيقة للمرأة الأردنية فجعلت من نخبة النساء الأردنيات والتي كان يقتصر دورهن على مناقشات سطحية عامة ليس لأنهن لا يكترثن لواقع المرأة الأردنية او للواقع الحقيقي للشعب الأردني بشكل عام ولكن لأنهن يفتقرن الى قيادة تستطيع ان تجعل لهن خارطة طريق ملموسة وواقعية لنقلهن من النظري الى العمل من خلال دمج العمل النسوي في مرتكزات التوجه المليكي نحو المشاركة الاوسع خارج اطار التمييز الجندري.
وهنا يجب ان يسجل أن الحراك النسوي المتمدن والذي اعتمد آليات التدرج في استهداف وعي المرأة ذاتيا وأعني هنا ان توجهات جلالة الملكة، كانت دائما تقول نعم هنالك واقع موضوعي يعتبر ان المرأة نوع اجتماعي ثانوي وهنالك الكثير من العراقيل التشريعية والاجتماعية اعاقت دور المرأة، لكن ذلك لم تطرحه الملكة مطلقا عندما استهدفت وعي المرأة الأردنية بتركيزها على الاهم وهو العامل الذاتي وهذا التحول لم يعهده الخطاب النسوي فهو ارتكز على جلد الذات للمرأة الأردنية بان اداءها لم يرتق الى مستوى التحول الاستراتيجي الذي يمر به الأردن، وهي مفاجأة اعطت للمرأة الأردنية ومؤسساتها ما أطلقت عليه تغذية راجعة ومراجعة نقدية أستنتجت من خلالها أن الاداء الذاتي للمؤسسات النسوية هو العامل الحاسم في شرعنة وقوننة مكتسباتها المتراكمة منذ عقدين.. واعني هنا اتجاه الاصلاح السياسي.