عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
هذه الصفة المميزة أطلقها جلالة الملك الراحل الحسين -طيب الله ثراه- على الشريف زيد بن شاكر -رحمه الله- في كتاب التكليف السامي الموجه لحكومة زيد بن شاكر وخاطبه “وانت الفتى الهاشمي” لتعكس مدى محبة الحسين لزيد، الذي كان اشبه بتوأمه لشدة علاقتهما وتقارب فهمهما لكثير من القضايا الوطنية.. وقد سمعت الشريف زيد يقول عن الحسين : “اتمنى ان يكون يومي قبل يومه”، ولكن الحسين رحل قبل الشريف زيد وترك في نفسه غصة والم شديد..
لقد عرفنا الكثير عن الشريف زيد من خلال المذكرات التي نشرتها زوجته الوفية السيدة نوزد الساطي التي ضمنت ذكرياتها المشتركة في رحلة طويلة مع الشريف زيد لتضيء جوانب من تلك الشخصية الهامة في ابعادها الانسانية والعسكرية والسياسية..
ويعتبر الكتاب الذي ما كان يمكن انجازه لولا الجهد الكبير والدؤوب للسيدة “ام شاكر”..
ويقولون “اللي خلف ما مات” وها هو الشريف شاكر يواصل حمل اسم الهاشميين وتراثهم يشبه جده الشريف شاكر ويحمل اسمه وقد كان جده احد قادة الثورة العربية الكبرى الافذاد والساعد الايمن للامير المؤسس عبد الله، وقد اهتم بالعشائر وكان مرجعية لها وعونا وسندا في تجنيدها واعدادها وتأهيل زعمائها مع نشوء المملكة..
ما زالت حياة الشريف شاكر الاول بحاجة الى مزيد من الدراسات المعمقة التي تكشف عن دوره واثره واهتماماته.
واعود الى المناسبة وهي ذكرى رحيل زيد بن شاكر في مثل هذا اليوم الثلاثين من اب ، وقد كان خبر رحيله مفاجئا ومفجعا ، فقد لف الاردن الحزن على رحيله وشيعته جماهير الشعب بشكل لم يسبق لجنازات ان كانت بهذه المهابة..
كان الامير زيد بن شاكر ضابطا ملتزما في مناقبيته عالية، وكان مخلصا للملك والعرش ووفيا لاصدقائه ومهتما باخبارهم واحوالهم، ويذكر الكثير من ضباط الجيش الذين عملوا معه او تعرفوا عليه عن قرب صفات الود والاهتمام والسؤال عن احوالهم، وقد كانت لي محاولة ان اجمع من كبار الضباط الذين رافقوه في رحلته الطويلة عسكريا ذكرياتهم معه وهذه المحاولة ما زالت قائمة، واعتقد ان الباشا فاضل علي وكذلك الباشا ضيف الله الزبن وغيرهم من قائمة اسماء طويلة يستطيعون الحديث باهلية عنه وعن مسيرته..
حين وقع العدوان على بلدة “السموع” جنوب مدينة الخليل كنت طالبا في مدرسة دورا الثانوية، وقد خرجنا وكان يومها عطلة بمناسبة عيد ميلاد جلالة الملك الراحل الحسين 14/11 اذ ان غزو البلدة وضربها من اسرائيل كان قبل هذه المناسبة بيوم، وقد رأينا آثار الدمار ولم يلبث بعدها ان قرر الاردن ارسال المزيد من الجيش والقوات المسلحة الى الضفة الغربية، فجاء اللواء الـ 60 ليرابط جنوب الخليل وفي معسكر اسمه “المجنونة” ، وحين كنا في المدرسة خرجنا لاستقبال الجيش وقد قيل لنا ان قائد اللواء سيصل، وقد كان الشريف زيد بن شاكر وقد ترجل من السيارة العسكرية ليحيى المستقبلين، كانت الشمس قد لوحت وجهه، وكان قد طوى قميص اليد وقد اعتلى صدره وكتفه رتبا لافتة للانتباه، فابتسم ولوح بيده وزاد التصفيق، كانت تلك اول مرة أراه فيها، وحين كنت ازوره في الرئاسة كنت ذكرت له الحادثة فقال: ذكرتني وكأنها في هذه اللحظة، وقد كان حبي له ولسيرته قد دفعني لتأليف كتاب حللت فيه خطاب التكليف السامي الموجه له بعنوان “قراءة في حكومة الشريف زيد بن شاكر ” والذي تحتاج حياته لمزيد من الانصاف، فقد عرفه الاردنيون في الايام الصعبة، كما احبوه لطيب سيرته وسريرته..
وفي مثل هذه المناسبة (ذكرى رحيله) فإنني ادعو لمزيد من العمل لإحياء ذكرى هذه الشخصية التي لا يجوز ان تطوى سيرتها الايام مذكرا بأن الملك الراحل الحسين يستحق من الصور والجداريات ما هو اكثر من صورته الوحيدة التي ما زالت معلقة على دوار الداخلية القديم، واقترح ان يكون له وللشريف زيد ولمثل هذه الشخصيات صور ابرز في الاماكن العامة