ارتفاع نسب وأرقام البطالة ليس سبباً بل هو نتيجة لعدة أسباب تقع ما بين جانب الطلب والعرض في سوق العمل الأردني تدفع أعداد المتعطلين للزيادة ومعدلات البطالة للصعود! مثل انخفاض معدلات النمو الاقتصادي الناتجة عن عدة أسباب أهمها انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق للأردن خلال العقد الأخير، بالإضافة الى قلة المشاريع الإنتاجية والاستثمارات الجديدة، وعدم التوسع بالاستثمارات القائمة أو دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات القيمة المضافة في الاقتصاد والتي تخلق فرص عمل.
كما أن السياسات المالية المتبعة خلال العقد الأخير ولأسباب عدة لم تكن من أولوياتها دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع والبنية التحتية في الأردن. أسباب مباشرة في جانب الطلب في سوق العمل الأردني تؤدي الى تباين أعداد فرص العمل المستحدثة سنوياً، حيث يتضح بأنها لا تجاري نسب زيادة أعداد العاطلين عن العمل.
لقد تحدثت الكثير من الدارسات عن العلاقة بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل البطالة، استناداً لقانون أوكن (Okun’s Law) والذي نص على أن الزيادة بمقدار نقطة واحدة في معدل البطالة الدوري ترتبط بنقطتين مئويتين من النمو السلبي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. أو بمعنى آخر ارتفع الناتج بمقدار نقطة مئوية واحدة (1 %) تنخفض معدلات البطالة بمقدار نصف نقطة مئوية (0.5 %) وتختلف العلاقة باختلاف البلد وفترة الدراسة المُعتبرة. وهذا يعني نظرياً لتخفيض معدل البطالة في الأردن من 23 % الى 10 % فإن الاقتصاد الأردني يحتاج أن ينمو بمعدل نمو يقارب 26 % وهي نسبة يحتاج تحقيقها لفترات زمنية على المدى البعيد.
كما أن هيكلية الاقتصاد الاردني (أو القطاعات الأعلى توظيفاً) تحتاج لتأمل طويل! فالأرقام تشير الى أن قطاع الإدارة العامة هو القطاع الأعلى تشغيلاً للأردنيين وبنسبة قاربت 26 % للعام 2021. لكن يتضح أيضاً أن هذه القطاع لم يعد قادرا على توظيف المزيد من الأردنيين حيث يتضح خلال السنوات الخمس الأخيرة (2017-2021) بأن فرص اعداد المشتغلين الأردنيين في هذا القطاع تتناقص تدريجياً.
بالمقابل يظهر قطاع الصناعات التحويلية زيادة مطردة خلال السنوات الثلاث الأخيرة وهو القطاع الرابع المشغل للأردنيين بنسبة 11 %، ويعني ذلك أن هناك فرصا واعدة لنمو هذا القطاع مما سيساهم في زيادة الانتاج وزيادة الصادرات وخلق المزيد من فرص العمل.
لقد أدى الاعتماد على المهن التقليدية في التوظيف، وعدم الاهتمام بتكريس الصناعات، من صناعة المواد الأساسية والتحويلية والمواد الخام التي تدخل في الصناعات الحيوية في الاردن وتدريب الاجيال القادمة وانخراطهم في هذه الصناعات الى زيادة معدلات البطالة السنوية.