عروبة الإخباري – دعا خبراء بالاقتصاد والاجتماع، إلى توفير حزم دعم اقتصادي للمواطنين، من خلال تخفيض الضرائب، بما يعزز قدرتهم الشرائية في ظل ظهور أنماط استهلاكية جديدة، خلال جائحة كورونا، بالتزامن مع بدء التعافي والدخول بأزمة اقتصادية عالمية.
وأكّدوا في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) ضرورة التفكير على المديين المتوسط والبعيد، بإيجاد حلول لكل المشاكل التي رفعت فاتورة الاستهلاك الفردي للمواطنين، كالمياه والغذاء والمشتقات النفطية وغيرها.
وأكدت الأستاذة المساعدة في قسم الاقتصاد بالجامعة الهاشمية الدكتورة آلاء البشايرة أن النمط الاستهلاكي الأردني، مستورد ودخيل، ومبالغ فيه في بعض الأحيان، ولاسيما أن الأفراد يستهلكون بنحو يفوق طاقاتهم وإمكاناتهم، لافتةً إلى أن الأزمات تستدعي ضبط السلوك الاستهلاكي وتهذيبه.
وقالت “إن تغير أنماط الاستهلاك ظهر بوضوح عندما أصبحت الكماليات أساسيات، وخصوصا بعد تطور وسائل الإعلام، وزيادة التنقل، وأصبح الناس يبتعدون عن التفكير باستثمار ما لديهم من فوائض مالية تزيد من مصادر دخلهم”.
وأشارت إلى أن المستثمرين يواجهون صعوبات وتحديات مستمرة، من حيث الإجراءات والمُعاملات وارتفاع الضرائب وتكاليف التشغيل، ولاسيما الطاقة.
وأضافت أن الثورة الصناعية في الدول المتقدمة، حصلت بدعم غير مباشر للحكومات، من خلال تخفيض الضرائب وتكاليف الطاقة وتشجيع الصادرات وغيرها، لافتةً إلى ضرورة محاولة السيطرة على التضخم من خلال تنويع أسعار الفائدة، بما يُبقيها منخفضة لغايات الاستثمار، بينما يتم رفعها للقروض ذات الاستخدامات الاستهلاكية.
ودعت البشايرة إلى مراجعة الضرائب بأنواعها مع التركيز على ضريبة المبيعات من ناحية، والضريبة على قطاع الصناعة من ناحية أخرى، وعمل دراسات مبنية على سيناريوهات مختلفة لمعدلات الضريبة وأثرها على أداء الاقتصاد، وإيرادات الحكومة، مع مراعاة قيم العبء والجهد الضريبي.
وأوصت بضرورة ضبط النفقات الاستهلاكية دون زيادة، والتركيز على زيادة النفقات الرأسمالية وخصوصا المشروعات الإنتاجية التي من شأنها توليد فرص عمل والتخفيف من حدة البطالة، وإيجاد صندوق لتمويل المشروعات الإنتاجية لفئة الشباب شريطة أن تكون المشاريع مرفقة بدراسة جدوى محكمة، كشرط أساسي للقبول وليس على أساس “المعرفة أو الواسطة”.
ودعت إلى التركيز أكثر على التعليم المهني والتقني وتحسين ظروف ومستوى وبيئة الدراسة فيها، والاستفادة من التجربة الألمانية وتوطيدها في الكليات الحالية وتحويلها لكليات علمية وتقنية داعمة للفنيين في سوق العمل بمدة تدريس لا تقل عن ثلاث سنوات شاملة الجانب العملي والتطبيقي المباشر في سوق العمل.
وخلصت البشايرة إلى أن تخفيض فاتورة الطاقة وخصوصا الكهرباء، على القطاع الصناعي هو “المفتاح السحري للاقتصاد الأردني” الذي من شأنه علاج العديد من المشاكل التي يعانيها، الأمر الذي سيعزز الاستثمارات، ويزيد الإنتاج والصادرات، ويرفع رصيد العملات الأجنبية، ويخفّض البطالة والفقر، ويخفف من حدة العجز في الميزان التجاري.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي مازن ارشيد، إلى ضرورة التفكير على المديين المتوسط والبعيد، بإيجاد حلول لكل المشاكل التي رفعت فاتورة الاستهلاك الفردي للمواطنين، كالمياه والغذاء والمشتقات النفطية وغيرها.
ودعا ارشيد إلى تسريع وتيرة العمل بمشروعات تحلية المياه، وإعادة تدوير المياه للاستخدام الزراعي، والاعتبار بأزمة كورونا وما أوجدته من حاجات وأزمات جديدة، أثرت على سلاسل الإمداد والتزويد والأسعار.
وأكّد أهمية أن يتعلّم كل أردني الاهتمام بالقطاع الزراعي، ويوجد حلولا باستخدام التقنيات الحديثة لمشاكل المياه والري بأحدث الوسائل الممكنة، بما يرفع الإنتاج.
وقال ارشيد إن “الأردن يستورد أكثر من 93 بالمئة من احتياجاته من الطاقة من الخارج، منذ أكثر من ستة عقود”، داعياً إلى منح المستثمرين مزايا تفضيلية، ولاسيما في ملفي الطاقة والأمن الغذائي.
من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة مسنات الحياري، إن الاقتصاد علم يدرس العلاقة بين حاجات الإنسان وموارده، وكيفية تحقيق أكبر قدر من الإشباع لهذه الحاجات بالاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.
وأشارت إلى أنه ومنذ دخول العالم في جائحة فيروس كورونا، تغيّر مفهوم العولمة، إذ اتبعت بعض الدول سياسات انغلاقية، وأوقفت تصدير محاصيلها الاستراتيجية، وتغيّرت الأنماط الاستهلاكية للمجتمعات، ما زاد الحاجة إلى توفير حزم دعم اقتصادية وإعفاءات ضريبية للقطاعات، بهدف تحفيزها.
وأكّدت الدكتورة الحياري، ضرورة تخفيض الضرائب، بما يعزز القدرة الشرائية للمستهلكين، واتباع سياسات تشجيع الصادرات، وإحلال المستوردات من الصناعة المحلية ذات الميزة النسبية.
ودعت إلى توجيه القروض نحو المشروعات الإنتاجية المحركة لعجلة الاقتصاد الوطني، وتنمية المشروعات الميكروية والصغيرة، والترويج للسياحة البيئية، واستصلاح الأراضي الزراعية، لتخفيض نسب البطالة وتحقيق الأمن الغذائي.
وأضافت الحياري إن “كل ما سبق، يتطلب توظيف التكنولوجيا واستقطاب الاستثمارات، واستقرار القوانين والتشريعات والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتحقيق تنمية شاملة بيئياً واجتماعياً، ورفع تنافسية الإنتاج”.
بدوره، دعا خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، إلى ضرورة عدم الاعتماد على الآخرين، وتطوير القدرات وإطلاق الطاقات بأقصى ما يمكن، في مختلف المسارات السياسية والاقتصادية، في ظل وجود وثيقتين مهمتين، وثيقة إصلاح وتحديث سياسي، وأخرى تحديث اقتصادي، تحتاجان إلى ممكّنات قوية للدفع باتجاه ترجمتهما على أرض الواقع وضمان استمرارية البرامج المنبثقة عنهما بكل ما يقود إلى مخرجات قابلة للقياس والمراجعة والتقويم.
وأكد الصبيحي ضرورة التخلّص من البيروقراطية في أداء القطاع العام، ليعمل بكفاءة وحيوية وإبداع، من خلال إجراء تغييرات جوهرية وتطوير نظام خدمة مدنية قادر على الاستجابة للمتغيرات ومتطلبات التحديث والإبداع، وترشيق الجهاز الحكومي.
وأشارت رئيسة الفرع الأردني للاتحاد الدولي “للكوتشنج” وخبيرة إدارة المشروعات والمخاطر، المهندسة ديمة بركات، إلى وجود مسؤولية تقع على عاتق المواطن والحكومة، إذ يجب أن تحدد الأخيرة مواردها المالية المتأتية من المواطن، الذي يدفع ضرائب وجمارك ويشتري السلع، والتخفيف عليه وتوفير سبل الرفاهية في معيشته.
ولفتت إلى أن زيادة السيولة في أيدي المواطنين، تعني دعماً أكبر للاقتصاد، ويجب بحث سبل زيادة هذه السيولة، من خلال تقديم تسهيلات أكبر، وتخفيض الأسعار، ولاسيما للسلع الاستهلاكية الأساسية، وإعادة النظر في مجمل الفواتير الشهرية التي يدفعها المواطن من طاقة ومياه ووقود مركبات وغيرها.
ودعت المهندسة بركات إلى تشجيع الصناعة والزراعة، ولاسيما زراعة القمح، من خلال استحداث مشاريع تنموية كبرى للدولة، ستولّد بدورها احتياجات صناعية، وتوسيع رقعة الزراعة من خلال وضع تسهيلات وتخفيضات للاستثمار في هذا القطاع، ما يولّد فرص عمل أكثر، تسهم بازدهار الاقتصاد.