عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
قطع الرئيس محمود عباس “أبو مازن” أمس بزيارته الى عمان ثم توجه اليوم صباحا الى قبرص في زيارة مقررة قد تستغرق عدة أيام، يلتقي فيها الرئيس القبرصي، كما يجتمع مع السفراء العرب المعتمدين في قبرص..
قطع الطريق على اعدائه الذين روّجوا خبر مرضه بل ووفاته معتمدين على وسائل الاعلام الاسرائيلية التي ترى أن الرئيس عباس يشكل نقيضا للخطط الإسرائيلية التي تعمل على تصفية القضية الفلسطينية ومنع اقامة الدولة الفلسطينية..
تحدثنا مع الرئيس ورأيناه يصعد طائرته وكان في وداعه مجموعة من الذين رافقوه، كما اصطحب معه مستشاريه ومساعديه وبعض اعضاء قيادته..
يشعر المراقب بضيق شديد حين ينخرط مسؤولون كبار وشخصيات عامة في الاشاعة ويتناقلونها، فالرئيس عباس أصابته مثل هذه الاشاعة قبل سنوات وما زال خصومه السياسيون يعودون اليها ليعلفوا بها زبائن الاشاعات واصحاب الغرائز السوداء..
فيروس الاشاعات رائج في بلادنا وهو ينتشر بسرعة، واذا كنا قد تدبرنا أمرنا في فايروس كورونا بالتلقيح المستورد، فإن فيروس الاشاعات الذي لم يرحم أشد الاشياء قداسة وتبجيلا لم يتوقف، وما زال مستمرا يخبط خبط عشواء ويعكس غياب الوعي والاعمار بيد الله.. والذين يجدون في وجود الرئيس عقبة تمنعهم من انفاذ خططهم فإنهم يستغيثون بالأقدار التي لم تستحب لنواياهم الخبيثة ، والاصل ان ينصرف المشتغلون بالعمل السياسي والعام الى مواجهة التحديات التي مثل يمثلها الاحتلال الاسرائيلي على مستوى القضية الفلسطينية، حيث ما زال التهديد باحتلال المزيد من الاراضي ومصادرتها واقتلاع الفلسطينيين من القدس وطردهم قائما ويخطط له..
قنابل الدخان التي تمثلها الاشاعات التي لها مختبرات عاملة في إسرائيل، والتي تحول بعض الاشخاص الى رجع صدى لها بإعادة انتاجها وتكرارها..هذه القنابل تستعملها إسرائيل للفت الانتباه بعيدا عن مخططاتها الارهابية المتعلقة بهدم مواقع في ساحة الاقصى وإقامة مواقع اخرى او الدخول الى مرحلة تقسيم المكان بعد العبث فيه ..
اسرائيل تدفع كل يوم باتجاه المزيد من التأزيم واستمرار بسياسة حافة الهاوية، وقد تندفع قريبا في حرب تستهدف اكثر من موقع، فالحرب قد تشن على دمشق التي تقصف اسرائيل مطارها يوميا لمعرفة ردود الفعل قبل الهجوم، وقد تستهدف ايضا لبنان الذي مازال مصلوبا على خشبة الجوع والفاقة والحصار الاقتصادي، حتى تصل اسرائيل بدعم الولايات المتحدة الى حقول غازه واغتصابها حين لا تجد من يردها، وقد يستهدف الهجوم ايضا “غزة” لفرض وقائع جديدة..
وهناك مخاطر تستهدف زج الاردن في الحريق الذي تريد اسرائيل اشعاله لأنها تريد الهرب الى الامام من استحقاقات الحال الاسرائيلية الداخلية التي ازمها اليمين الذي يقبض على النفس الإسرائيلية، وقد تقع كل هذه الحروب دفعة واحدة في ظل ما توفره الازمة العالمية في اوكرانيا من دخان وانقسامات وانصراف عالمي تجد فيه اسرائيل فرصتها طالما تستطيع روسيا ان تواصل العمل..
وبدل من مواجهة الموقف الإرهابي الارعن الاسرائيلي الذي رأيناه يتصاعد وسيصل الى الحرب .. ينصرف العرب الى توافه الأمور، فلا احد يبدي استعداده والكل يشطب كلمة صراع من قاموسه ليستجدي لغة خاوية يستعملها لإرضاء الامريكيين الذين غسلوا القاموس العربي من اي شكل من اشكال المقاومة، واستبدلوه بلغة التخنيث والرطانة..
فقط يحتاج الفلسطينيون الذين يقاومون بصدورهم العارية موقفا سياسيا عربيا متماسكا لا طائرات فيه ولا مدافع، ولكن ذلك الموقف اصبح يعز على النظام العربي الذي غرق في التبعية الى اذنيه، بل واستدار بعض النظام العربي ليطعن الفلسطينيين في الظهر ويقوي عليهم اعداءهم وينكل بالمعتقلين والأسرى حين يرون ماذا فعلت بهم أمتهم التي تركتهم لتنصرف في تكريم مؤسس الدولة الاسرائيلية والوقوف على قبره والاعتذار له كما فعلت جماعة النقب التي خرجت عن عروبتها ودينها ..
ما العمل وما هو المطلوب؟ وكيف يمكن مواجهة حرائق اليمين الاسرائيلي الذي يريد اشعال المنطقة ليتسنى له الاستمرار ..
على المستوى الاردني الفلسطيني واخذاً بتعيير “انهما في خندق واحد” فإن المطلوب توسيع هذا الخندق وحمايته بالثقافة الوطنية والاستعداد والتدريب والتسليح والعمل المقاوم الذي يكون متوفرا وجاهزا..
وعلى الصعيد الاردني لابد من اعادة احياء خدمة العلم والتزام اقصى درجات الحيطة والحذر..
وعلى الصعيد الفلسطيني لابد من رص الصفوف والخروج من الانقسام ووقف التداعيات المترتبة عليه، فالجميع هناك في نفس الفلقة وامام نفس الاستهداف في الضفة الغربية التي تسيل اسرائيل الأوضاع فيها لتستعدي عليها بالحصار والتدمير.. وفي غزة التي مازالت محاصرة ..
نحن امام استحقاق صيفي قاس يعمل اليمين الاسرائيلي فيه ليعبر عن مخططاته التي تريد فلسطين كلها من النهر الى البحر وتريد ايضا استهداف الاردن ليقوم الحل على حسابه..