القيادتان والشعبان .. في خندق واحد!!

عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب    

ياتي كلام جلالة الملك عبد الله الثاني في رام الله امام الرئيس عباس وقوله “نحن والفلسطينيين في خندق واحد” يتطابق مع كلام الرئيس عباس امس في كلمته أمام مؤتمر “وثائق الملكيات والوضع التاريخي للمسجد الأقصى المبارك” في مدينة البيرة “نحن والاردن في خندق واحد..
اذن تطورات الاحداث في فلسطين والاقليم.. والموقف الاسرائيلي المتعنت وانصراف بعض النظام العربي الى التطبيع المهرول مع اسرائيل، وتردي الاوضاع العالمية بعد الحرب الروسية- الاوكرانية واعراضها، وازمه الغذاء العالمي.. كل هذه العوامل التي تخيم على المنطقة وتترك اثارها السلبية على الاردن وفلسطين، وعلى الاردنيين والفلسطينيين، وعلى قيادة البلدين.. تجعل التنسيق بينهما ضرورة وليس ترفا ولزوما وليس خيارا مفتوحا..
ان تعطل حل الدولتين من جانب الحكومة الاسرائيلية وحلفائها يؤزم الوضع ويرسم طريقا خطيرة تُفضي الى عواقب وخيمة.. فإذا لم تقم الدولة الفلسطينية على الارض الفلسطينية كما تقر قرارات الشرعية الدولية فأين ستقوم هذه الدولة، خاصة وان الاردن يرى في اقامتها ضرورة ويرى ان وجودها شيء استراتيجي هام لا يمكن تجاوزه، وان حل الدولتين هو الحل الذي لا مهرب منه ولا بد له.. لأن الاردن يعتقد ان القضية الفلسطينية وحلها واقامة الدولة الفلسطينية ةنتيجه هي مسألة وطنية اردنية، وهي في صميم الامن الوطني الاردني ومهدداته..
كان الاردن من قبل قد حذر من التباطؤ في الحل السياسي ومما دعت اليه الادارة الامريكية السابقة “إدارة ترامب”، ولذا كانت العلاقات مع تلك لادارة سيئة ومتوترة، وقد عمل الاردن بكل قوته حتى لا تنفذ القرارات التي اتخذتها تلك الادارة، كما عملت السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس عباس الذي عمل مع اطراف دولية عديدة ومع الاردن على تجميد صفقة القرن والتصدي لها، وقد سجّل الرئيس في ذلك نجاحات وما زالت مواقفه معروفة وصلبة ومستمرة، وهو يرى انها مواقف تنسجم تماما مع الموقف الاردني الذي يقاسم السلطة نفس الموقف، خاصة من صفقة القرن ومن القدس وقضايا اخرى عديدة في الحل النهائي..
تحاول اسرائيل ابعاد الموقف الاردني عن الفلسطينيي من خلال ضغوط مباشرة وغير مباشرة ومتصلة، وهذه الضغوط تركت اثارها وما زالت على نواحي عديدة في الحياة الاردنية العامة.. لكن الاردن ما زال يتصدى لهذه الضغوط مستعينا بمن يتفهم موقفه من دول العالم الصديقة والاجنبية والعربية، ويحذر من استمرار اندفاع حكومات اليمين الاسرائيلية التي مثلها نتنياهو ويمثلها الان نتالي بينت، حيث مازال هذا اليمين يقود الدولة الاسرائيلية ويعبر عن سياساتها العدوانية من خلال ذراع المستوطنين الذين يرهنون القرار الاسرائيلي ويمضون وراء انفاده..
امننا الوطني الاردني في خطر ما دام المستوطنون في الواجهة والقرار الاسرائيلي، وما دام اليمين الاسرائيلي هو المقرر للسياسات والمتحكم في الاحتلال، ولا يمكن اخفاء هذا الخطر حتى مع وجود اصوات اردنية تنطلق بين الحين والاخر ودعوات كأنها لم تر هذا الخطر الماثل.. وهذه الاصوات ضالة ومضللة ولا يحتاج النهار الى دليل، فكل المعطيات تثبت ان السياسة اليمينية الاسرائيلية خطر على الامن الاردني ومستقبله على دولتنا واستقلالها الذي نحتفل به وبذكراه..
ورغم كل الضغوط ورغم وجود بعض الاصوات الخافتة، وحتى لو كان لها تأثير بين الحين والاخر، فإن الاردن من خلال شارعه الواسع ورأيه العام وقناعات مواطنيه لا يرى هذه الرؤية، وقد حان الوقت لفضحها ومحاصرتها لأن دعواها هي ان ندير الظهر للصراع وان نضع الرأس في الرمل، وان نغفل عن الخطر تحت وهم ما فعله الآخرون وأننا بعيدين عن الخطر وغير مستهدفين..
لن يكون الحل على حسابنا كما تخطط اسرائيل في نهاية الامر، اعلنت ام لم تعلن، فكل المعطيات تقود الى نتيجة هي تعريض الامن الوطني للخطر.. ولسنا بحاجة الى مزيد من الشرح..
الضغوط الاسرائيلية بلغت ذروتها ولكن الاردن يتصدى، فالاردن يرفض صفقة القرن ويرفض قرارات لقاء النقب ويرفض التعاون الذي ورد فيه مع اطراف عربية، وهو لا يرى ذلك ولا يرى ضرورة لذلك، ويرى التعامل مع القضية الفلسطينية كما في بعدها في قرارات الشرعية الدولية والالتزامات بها..
وهو لا يرى ان الهروب الاسرائيلي الى الامام من عملية السلام الصحيحة بوهم مثول الخطر على الاردن من الشمال او اي مكان، وان على الاردن التنسيق معها والعمل المشترك لدرء مثل هذا الخطر.. فالخطر الاساس هو ما يمثله الاحتلال من مصادرة لعملية السلام ومن استمرار الاحتلال والعدوان، وما زال الاردن يرفض تسيير دوريات مشتركة او تعاون عسكري عبر حدوده وفوق ارضه، وكل محاولات استهداف امنه الوطني بأساليب ملتوية ومتعددة، ما زال الكثير منها يستلزم ان يفضح وان يكشف وان لا يتوفر له اي صدى داخلي او اي طابور!!

Related posts

طهران لا “تسعى” للتصعيد… 37 بلدة بجنوب لبنان دمرتها إسرائيل

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

“النزاهة” تستضيف وفداً أكاديميّاً من جامعة القدس الفلسطينية