عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
صحيح ان الرئيس جاء بطائرة هيلوكبتر من رام الله الى عمّان وعاد ، وانه انشغل بالأحداث الدامية التي سادت وتسود ساحات الارض المحتلة بفعل تصعيد الاحتلال لعملياته واجراءاته الارهابية ضد الشعب الفلسطيني ..
لقد كان الرئيس متابعاً للأحداث بشكل دوري وفاصل وعلى صلة بالعديد من الشخصيات والمراجع الدولية في الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة، وفي محكمة الجنايات ومع العديد من المحامين والمستشارين الدوليين الذين لهم علاقة بالمحكمة الدولية..
لقد وصلت رسالة الرئيس ابو مازن للعديد من الاطراف الدولية وخاصة الامريكية ايضا فقد كان اعضاء من الكونغرس والسيناتور والبيت الابيض وحتى البنتاجون والسي اي ايه في صورة ما جرى من جرائم وعسف واستعمال مفرط للقوة، وممارسات الشرطة والجيش الاسرائيلي الذي اعتدت على جنازة الشهيدة شيرين ابو عاقلة وسقوط النعش المستمر لولا التضحيات التي قدمها شباب فلسطينيون حافظوا على الاتزان ومحاصرة الجنازة، فكانوا ان استمروا يحملون النعش على اكتافهم طوال المسافات المؤلمة الطويلة التي تعرضوا فيها للاعتداء، وحيث منعت اسرائيل رفع علم في بيت العزاء فرفع الفلسطينيون الاف الاعلام على طول الطريق المؤدي الى مثوى الشهيدة الأخير..
لقد كانت جنازة مهيبة وتشييع مهيب يليق بالشعب الفلسطيني من خلال أحد أيقوناته شيرين التي أقرّ لها شعبها بفضل التضحيات في سبيل قضيته، فخرجوا من اجلها في جنازة لا يخرج مثلها إلّا للعظماء والقادة والرموز المجمع عليها..
لقد جاء تكريم الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ليتوج هذه المناسبة ويُعظمها ويُعلي من قيمتها حين استقبل الجثمان في رام الله في مقر اقامته، وحين طاف به الشباب ليصل الى مقام الرئيس عرفات وينطلق بعد ذلك من هناك، وقد ودع الرئيس البطلة شيرين باسم شعبها الذي قدرها بما يليق بها وبدوها..
تكريم الرئيس عباس للشهيدة والذي سيعبر عنه لاحقا ايضا بجملة من الاجراءات والمواقف، وكذلك تكريم الشعب الفلسطيني ودول العالم لها وما جاء من ثناء عليها وعلى الاحتفاء بها على لسان كثير من السفراء والمسؤولين العالميين سواء حضروا الجنازة أم لم يحضروها إنما هو تكريم لكل الصحافة الفلسطينية والعربية الحرة والمؤمنة بقضية الشعب الفلسطيني، وهو تكريم للكلمة الصادقة والموضوعية ذات الرسالة الانسانية التي ترد بالحقيقة على أساليب التزوير الإسرائيلية المفضوحة..
ان الاعلام الاسرائيلي يسقط إن بقي الصحفيين الاسرائيليين رهناء المواقف الاسرائيلية اليمنية الإرهابية، ولذا فإننا نقدر الاصوات الاسرائيلية التي صدرت عن صحف وصحفيين ومفكرين ممن مجدوا شيرين واثنوا على دورها وشجبوا ارهاب السلطات الاحتلالية وافعالها..
نعم تكريم شيرين هو تكريم لنا جميعا في الصحافة ووسائل الاعلام، طالما اكدنا ان نهجها هو الصائب وان العالم الذي دعا لاحترام كرامه الانسان حياً وميتاً فضح المواقف الاسرائيلية وكشف عن حجم العنصرية والنازية والتعصب الاعمى ونظام الابارتيد..
مرة اخرى ستبقى هذه المشاهد خالدة وستأتي بمفعولها فمنظر تعثر الجنازة وتعطيلها هزّ كثيرا من الوجدان العالمي، وصور ذلك تعادل صورة الفتاة الفيتنامية العارية التي نشرتها وسائل الاعلام آنذاك فصنعت ردود فعل قوية سببت ارتداد الامريكيين على حرب فيتنام والخروج لاستنكارها، وبالتالي الوقوف الى جانب الضحية وهو ما كان..
فليكن العدوان على جنازة شيرين وعلى بيت العزاء مدخلا لإدانة نظام العنصرية والابارتيد الاسرائيلي الذي بدأ يقرع جرس نهاية هذه الدولة التي لم يعد العالم يطيقها..
أهيب بالاسرائيليين الذين تبقى منهم ذرة من الانسانية ان يخرجوا الان وان يجتمعوا فهذه لحظة فارقة بين ان تكون انسانا او لا تكون!!