ساعة حوار في مكتب الباشا الحواتمة..

عروبة الاخباري – كتب سلطان الحطاب   
زيارتي لمكتب مدير الأمن العام اللواء الركن حسين الحواتمة اثناء الدوام في شهر رمضان وتخصيص وقت لمقابلة وسط ازدحام العمل وصعوبته في رمضان حيث يدلف الى مكتب الباشا مئات القضايا القادمة من مختلف انحاء الوطن عبر قنوات مؤسسية منظمة لينظر في خلاصاتها او حتى مقدماتها ويكون في الصورة لما تعمل عليه اجهزته..
دائما كنت اخرج بأكثر من فكرة نيّرة من الزيارة ، فالباشا شخصية مثقفة أخذت حقها من التعليم الاكاديمي والفني العسكري والأمني والشرطي، وتمرس في دورات في العديد من البلدان المتقدمة، وهو يدرك كثيرا من الصيغ والمنطلقات الاجتماعية والحضارية التي تميز المجتمعات الأخرى، ويرى ضرورة الاستفادة والربط غير التعسفي مع مجتمعاتنا التي يدرك انها ما زالت بحاجة الى الكثير لتدرك اساليب الشراكة المناسبة إن على المستوى الوطني او الدولي في التشارك مع العالم..
ولعل الخطوة التي تسجل للباشا الحواتمة هو عمله لانجاز فكرة دمج أجهزة الأمن العام الثلاثة ( الدرك والأمن العام والدفاع المدني) وهي الاجهزة التي كانت مقسمة، وقد جرى خوض تجربتها انذاك لتثبت انها لا بد ان تكون في حقل واحد وفي زراعة واحدة وبقيادة واحدة ، لما لذلك من حسنات ادركها الجهاز وادركتها مختلف الجهات المعنية والمراقبة، فالجمع افضل من القسمة والمشتركات اكبر من الفواصل..
كما ان دمج هذه الاجهزة وفرّ خبرات افضل وانسياب اكثر مرونة بين هذه الاجهزة لجهة التكامل، وايضا لوفر اقتصادي ومالي يمكن استثماره داخل هذا الجهاز الواحد (الامن العام) لمصلحة الجهاز بكل تنوعاته..
لقد ثبت ان حجم الانفاق على الجهاز اقل مما كان يتطلبه الانفاق على الاجهزة الثلاثة، كما ان ذلك اكثر جدوى وفاعلية، ولعل من الممكن الان تقييم التجربة بعد مضي فترة كافية عليها في الدمج، وهذا ما فعله الباشا الحواتمة وتوقف عنده من خلاصات وضع القائد العام للقوات المسلحة الاردنية والاجهزة الأمنية في صورته..
بلدنا يحتاج كما ذكر الباشا وهو يدعو الى تعليم افضل واكثر جدوى وتدريب والى صحة افضل واكثر اتساعا وفائدة، يحتاج الى اعادة بناءات مناسبة وان اعادة انتاج عقلية جماعية جامعة تتوقف عند الاولويات وتقدمها..
ويرى ان الوعي الجمعي ما زال مخترقا بالاشاعات وغير محصّن بما يكفي بثقافة وطنية وعامة تخلص مجتمعاتنا مما يمكن ان يعلق بها من اهتزازات او نكوص او ضعف او قلة ايمان بواجباتها الوطنية..
وهو يرى ضرورة إعادة زراعة الثقة بين كل شرائح المجتمع، وبينها وبين كافة المؤسسات التي عليها ان تبذل جهودا مضاعفة لأن الأمن الحقيقي في اعتقادي هو حصيلة من الرضى والقبول والاستجابة والتفاعل مع المعطيات الاقتصادية والاجتماعية..
ويرى ان ساعة عمله الاولى في مثابرتها وجديتها تشبه ساعة عمله الان، فهو حريص على مسابقة الوقت لارساء تقاليد عملية لصالح الأمن الذي يرضى عنه المواطن ويتفاعل معه..
ويرى الباشا الحواتمة ان الكلفة الأمنية عالية كلما غابت المعرفة ولم تتضح الحقائق، وكلما انخفض منسوب الثقافة او بالتعليم الجيد، ويرى ان الحلول بيدنا ولا نملك ترف الوقت لتعطيلها، وانه ليس بجهاز الأمن وحده يسود الأمن وإنما بإرادة كل المواطنين مجتمعة وحبهم لوطنهم واخلاصهم له والتفافهم حول قيادتهم التي عملت بتضحيات جسيمة وما زالت تعمل ليظل هذا الوطن قويا قادرا على ترجمة اهدافه والوصول بها دائما لخدمة مواطنيه..
ويرى الباشا ان التربية السياسية الحقيقية تمنع ازدواج المواقف للمواطن وخاصة المسؤول الذي يتحدث بلغتين واحدة اثناء وجوده في المنصب والاخرى اثناء خروجه واحساسه انه متضرر، فينقلب على قناعاته ويخرج عليها .. وبالتالي يفقد مصداقيته وان بدى له غير ذلك ممن يمكنوا ان يزينوا له اعماله..
ويرى الباشا ان التعليم مخرج جيد من كثير من الازمات اذا ما اعيد صياغته ليكون على مستوى الطموح الوطني بعد التردي الذي اصاب تعليمنا في المدارس والجامعات وبشكل عام لأسباب تحتاج الى الكثير من الشرح والتفسير..
لقد اهتزت قيم المجتمع وكثير من قناعاته .. ومهمة الطبقة الواعية والمثقفة والسياسية استرجاع منظومة القيم وتعظيمها وسد كل الثغرات المحدثة نتاج سرعة التطور وعسفه وانعكاسه على مجتمعاتنا الفتية الطالعة..
الزيارة كانت مثمرة وقد تعلمت منها الكثير وانا استمع لرجل خبير مثقف وميداني ويدرك الفرق بين الواقع والتصورات ويرى ان الامور لا بد ان تقاس بعلمية دائما..

 

 

شاهد أيضاً

الأردن ثاني أكثر دولة عربية يستفيد اللاجئون فيها من دعم “المفوضية” النقدي

عروبة الإخباري – استفاد قرابة 330 ألف لاجئ في الأردن من المساعدات النقدية المقدمة من …