سقوف سعرية دون جدوى! د. رعد التل

منذ بداية شهر رمضان، بلغت أعداد المخالفات المحررة (246) مخالفة من خلال (447) جولة ترواحت بين عدم الالتزام بالسقوف السعرية وعدم إعلان الأسعار، حسب وزارة الصناعة والتجارة. هذه الأرقام تشير صراحةً الى أن ما يقارب نصف تلك الجولات قد حرر مخالفات لعدم الالتزام بتلك السقوف السعرية المحددة من الوزارة.

فهل الاكتفاء بوضع سقف سعري للسلع الغذائية الأساسية في الأسواق التي تزداد أسعارها بصورة متتالية نتيجة لظروف داخلية وخارجية هو إجراء فعال على أرض الواقع وقابل للتطبيق عملياً مع امتداد الأسواق ومحلات بيع السلع الغذائية في مناطق المملكة المختلفة؟ وهل تستطيع الكوادر الرقابية في وزارة الصناعة والتجارة التي يقارب عددها حوالي 500 موظف فقط -مع التقدير الكبير لجهودهم- تحصيل أسعار السلع في الأسواق كافة وفرض الرقابة على تلك الأسواق بصورة تضمن الالتزام بتلك الأسعار المحددة؟

صحيح أن المادة 7 من قانون وزارة الصناعة والتجارة تنص على أن مجلس الوزراء يحدد أسعار المواد الأساسية ويتولى مراقبو الأسواق التحقق من بيع المواد والسلع بالأسعار المعلنة، لكن هذا النص كان ذا جدوى على أرض الواقع في فترة زمنية سابقة كانت فيها الحكومات تستورد أغلب السلع ومعظم المواد الغذائية للسوق الأردني، لكن اليوم يخضع سوقنا لنظام السوق الحر وبالتالي نحتاج لحلول أخرى في سعينا “لضبط أسعار الأسواق” وضمان بيعها بأسعار مقبولة للمواطنين.

في معرض هذا الحديث، استمعت باهتمام لمداخلة الأستاذ المحامي بهاء العرموطي المتخصص في قوانين حماية المستهلك والمنافسة، ولإشارته المهمة الى أهمية تفعيل قانون المنافسة رقم (33) لسنة 2004 مع إجراء بعض التعديلات اللازمة، وهو قانون رادع لكنه غير مفعل على أرض الواقع وقد يسهم تفعيل وتطبيق هذا القانون بحل جزء كبير من مشكلة الأسعار.

يردع هذا القانون ارتفاع الأسعار من خلال منع ضعف المنافسة في الأسواق والتحالفات والاتفاقات الصريحة والضمنية لمزودي السلع للسوق المحلي، من خلال ردع أي اتفاق لأي شركة محتكرة أو مهيمنة في السوق أو أي موردين أو وسطاء يحددون الأسعار في الأسواق أو يتفقون عليها. وبالتالي تفعيل قانون المنافسة مع بعض التعديلات اللازمة سيعيد بالضرورة التوازن للسوق المحلي بحالة ارتفاع الأسعار أو الاتفاق على ارتفاعها. كما أن العقوبات التي ينص عليها القانون هي عقوبات رادعة وفعالة (من 1 % الى 5 % من الإجمالي السنوي لمبيعات السلع أو إيرادات الخدمات) على العكس من العقوبات المفروضة على المخالفين حسب المادة 13 من قانون وزارة الصناعة بغرامة قد تصل بحدها الأعلى إلى 3 آلاف دينار أو الحبس.

لا يمكن، من خلال تطبيق السقوف السعرية، الحد من ارتفاع الأسعار، فإمكانيات الحكومة لا تستطيع متابعة ومراقبة وضبط الأسواق والمتاجر على امتداد المملكة، كما أن العقوبات للمخالفين ليست رادعة، وبما أن الأردن عضو في منظمة التجارة العالمية ويتبع نظام السوق الحر ولديه تشريعات جاهزة للتطبيق مثل قانون المنافسة، فمن باب أولى تفعيله وتعديل بعد النصوص بما يضمن توفر السلع في الأسواق بأسعار معتدلة وكميات متوفرة ونوعية جيدة حماية للمستهلك والتاجر معاً.

Related posts

سكوت ريتر: لماذا لم أعد أقف مع إسرائيل؟ ولن أقف معها مرة أخرى

ماذا لو فاز ترمب … وماذا لو فازت هاريس؟* هاني المصري

الأمم المتحدة…لنظام عالمي جديد ؟* د فوزي علي السمهوري