كتب – منيب رشيد المصري
كشفت الاحداث الدائرة في أوكرانيا عن ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وأيضا بحق الشعوب في المقاومة، فقد رأينا جميعاً كيف تعاملت الولايات المتحدة الامريكية ومن ورائها الاتحاد الأوروبي مع روسيا عندما أعلنت الأخيرة عن عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا، وسلسلة العقوبات التي فرضت عليها، وهنا لا أريد المقارنة بين ما يجري في أوكرانيا، وبين ما يجري في فلسطين لأنه ببساطة حدثان مختلفان في كل تفاصيلهما، حيث أن الاحتلال الحربي الإسرائيلي لفلسطين منذ العام 1948، هو احتلال عنصري استعماري احلالي هدفه الأساسي هو الغاء وجود الشعب الفلسطيني مادياً ومعنوياً، وهنا أيضا لا أريد أن أبرر لروسيا عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، بل أتيت على هذا الموضوع من باب الفصل والتوضيح، حيث أصبح البعض يقارن ويخلط الأمور بشكل قد يًفقد القضية الفلسطينية الكثير من أهميتها، وهنا لا بد أن أشير إلى أنني دائماً اتعاطف مع الشعوب التي عادة هي من يدفع الثمن الأكبر في الحروب بغض النظر عن عدالتها من عدمه.
لا شك بأن ما يحدث بين أوكرانيا وروسيا هو ظاهرياً يدلل على أن “الحرب” هي بين خصمين، ولكن إذا ما دخلنا في العمق قليلاً نجد أن هذه الحرب تدور بين حلف الناتو برئاسية وقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبين روسيا الإتحادية على أرض أوكرانيا، وما يعنينا من كل ذلك هو أن العالم ما بعد هذه المواجهة لن يكون كما كان قبلها، وعلينا أن نستثمر هذا الأمر ونعيد ترتيب أوراقنا وتحالفاتنا ما يخدم قضيتنا وبما يقربنا على تحقيق هدفنا الأول وهو الانعتاق من الاحتلال، ولا يمكن لنا أن نبقى، في ظل كل ما يحدث من تغيرات جذرية في العالم، جالسين ننتظر مألات الأمور لأن هذا الشيء سوف يخسرنا الكثير إذا لم نتمكن من استثماره، وهنا أدعو إلى البدء جدياً بترتيب وضعنا الداخلي، ولدينا فرصة ذهبية من أجل ذلك وهو الاجتماع الذي سيحصل في الجزائر من أجل إنهاء الانقسام، فهذا الاجتماع له أن يكون نقطة الانطلاق في إعادة وضع القضية الفلسطينية على الاجندات الدولية واستثمار المتغيرات العالمية لصالح قضيتنا.
نعم مرة أخرى لا يمكن المقارنة بين ما يحصل في أوكرانيا وبين ما يحصل في فلسطين، فمأساة الشعب الفلسطيني بدأت عندما التقت مصالح الحركة الصهيونية مع مصالح الدول الاستعمارية، وبخاصة بريطانيا، التي أصدرت إعلان بلفور في الثاني من نوفمبر من العام 1917، وهيأت كل الظروف لكي تتمكن الحركة الصهيونية من تجسيد هذا الإعلان العنصري غير الاخلاقي وغير القانوني على الأرض، وكان هذا بمكانة إرهاب دولة وجريمة كبرى بحق شعب يعيش داخل أرضه ولم يعتدي على أحد قط.
ومن أجل تنفيذ هذا المخطط عملت حكومة الانتداب البريطاني على تسليح وتدريب فيلق يهودي بحجة المحاربة بجانب قواتها في شمال أفريقيا، أثناء الحرب العالمية الثانية، علما بأن هذا الفيلق لم يحارب، وإنما اختفى مع كامل معداته وأسلحته وصبح نواة الجيش اليهودي (عصابات الصهيونية البالماخ وشتيرن والارغون وغيرها) الذي قام بطرد وقتل وتشريد السكان الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بالتنسيق الكامل مع القوات البريطانية التي كانت تنسحب تدريجيا من مدينة إلى أخرى وتسلم المواقع والاسلحة للقوات اليهودية (الذي بلغ قوامها تقريباً 80 ألف جندي). وأيضا كانت تتسامح وتنسق مع العصابات الصهيونية حين كانت تسطو على المستودعات العسكرية البريطانية دون أي ردة فعل من جانب حكومة الانتداب، لا بل ساعدتهم في بناء مؤسسات الدولة اليهودية التي مارست ولا تزال تمارس الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني.
من هنا بدأت النكبة وتواصلت لغاية الآن، وزاد عليها الانقسام الذي حصل في حزيران عام 2007، وهو حسب قناعتي “إعلان بلفور 2″، لأن مفاعيله السلبية على قضيتنا الوطنية توازي تبعات ومفاعيل إعلان بلفور عام 1917، لذلك علينا أن نعمل على إنهاءه فوراً.
أعتقد جازماً بأن لقاء الجزائر الذي سيجمع القوى والفصائل الفلسطينية في العاصمة الجزائر من أجل إنهاء الانقسام لا يشكل فقط بارقة أمل بل هو الأمل بحد ذاته وعلينا أن لا نضيع هذه الفرصة، ويجب أن نعمل على أن يكون اجتماع الجزائر هو خاتمة ملف الانقسام، وأن يكون هذا الاجتماع بداية لم الشمل وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني. ومن معرفتنا بأن ليس للجزائر أي مصالح شخصية سوى مصلحتها في لم الشمل الفلسطيني، ومن معرفتنا أيضاً بأسس السياسة الخارجية للجزائر المبنية على الأخلاق قبل المصالح، فإننا نعي تماماً بأن هذا الاجتماع سيبدأ من حيث انتهينا في القاهرة، فالجهد المبذول من طرف الشقيقة مصر كبير ومهم، ولا شك بأن البناء عليه يختصر مسافات كثيرة، فيما يخص ملف إنهاء الانقسام وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، أقول هذا الكلام، وكلي ثقة بأن حكومة الجزائر كما هي حريصة على المصلحة الفلسطينية، فهي حريصة أيضاً على البناء على ما تم إنجازه خلال الخمسة عشرة سنة الماضية أي منذ بداية الانقسام الفلسطيني في حزيران من العام 2007.
نعلم تماماً حجم المهمة الملقاة على عاتق الجزائر، وندرك تمامً بأن هذا الملف له تشعبات عربية وإقليمية وعالمية، وهناك من الفلسطينيين من ارتبطت مصالحهم باستمرار هذا الانقسام، ومن أجل كل ذلك نقول بأننا ندعم جهودكم ونأمل أن نصل جميعاً إلى بر الأمان على أيدي الشقيقة الجزائر، فلا مجال للفشل لأن الفشل يعني الانهيار الشامل، والذهاب إلى الهاوية، فلقاء الجزائر يجب أن يكون محطة أخيرة في هذا الملف الأسود بكل تداعياته.
من هنا نؤمن بأهمية اجتماع الجزائر، لذلك يجب إنجاحه من أجل وقف حالة السوء التي نعيشها، ونعتقد بأن هذا الاجتماع الذي يأتي بعد اجتماع المجلس المركزي الذي شاركنا به، وفكرنا كثيراً قبل أن أقرر المشاركة، وقدمت رؤية في هذا الاجتماع، وطلبنا تشكيل لجنة لمتابعة القرارات التي صدرت عنه، -وطلبت أن أكون عضواً في لجنة صياغة القرارات -، ونحن الآن ومع خمسين شخصية فلسطينية وازنة نعمل من أجل متابعة تنفيذ هذه القرارات، لأن التنفيذ يعني إعادة ثقة المواطن بالقائمين على المشروع الوطني، ويسهل الطريق بشكل كبير لإنهاء الانقسام وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونعمل أن يتم تنفيذ هذه القرارات خلال ستة أشهر، ونأمل أن يكون اجتماعنا في الجزائر بداية الاتفاق على آليات التنفيذ، فكلنا أمل أن يًنهي لقاء الجزائر هذا الملف، مع تأكيدنا بأن الشقيقة دولة الجزائر هي الضامنة للمشروع الوطني الفلسطيني ونعول على جهود الجزائر، فهي ملجأنا الأخير.
إن استشعار الجزائر للخطر الداهم على المشروع الوطني جراء استمرار الانقسام دعاها إلى أخذ زمام المبادرة في دعوة القوى والفصائل والشخصيات المستقلة إلى اجتماع في الجزائر العاصمة من أجل إنهاء الانقسام، الذي لا يجب أن يستمر في ظل المتغيرات الحاصلة على الساحة الدولية، والتي تنذر بتغيرات عميقة واصطفافات ومحاور جديدة لا بد وأن تكون القضية الفلسطينية حاضرة لا بل أساساً في أي ترتيبات قادمة.
ومنذ أن تلقينا دعوة حكومة الجزائر الشقيقة للمشاركة في لقاء الفصائل والقوى الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام، عادت بي الذاكرة إلى العام 1963، فعدت إلى البدايات والأصل، فلي في الجزائر الحبيب تاريخ اعتز وأفتخر به، فقد عملت في الجزائر العاصمة عام 1963، وشهدت الثورة الجزائرية وبطولات شعبها في دحر المستعمر الفرنسي وبناء الدولة، وأنا شاهد حي على ما فعلته الجزائر من أجل فلسطين منذ ما قبل تأسيس حركة فتح وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في بداية العام 1965.
لقد كان القائد الشهيد أبو جهاد، والقائد الرمز الشهيد ياسر عرفات من أوائل الأشخاص الذين التقيتهم في الجزائر العاصمة عام 1963، حيث قدما إلى الجزائر للاستفادة من خبرات الثورة الجزائرية، وكانوا واخوة لهم يسعون إلى تأسيس حركة تحرر وطني، واقتنعت بفكرتهم وهدفهم وانضممت إليهم وتشرفت بأنني كنت أحد مؤسسي هذه الحركة العظيمة، وهي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، ولا يفوتني إلا أن استذكر حجم التسهيلات التي كانت تقدمها حكومة الجزائر لنا من حيث الدعم المعنوي والمادي، لهذا أقول بأن الجزائر هي البداية وهي الأصل، ونأمل أن يكون اجتماع الجزائر هو خاتمة ملف الانقسام، فمنها كانت بدايات “العاصفة، ومنها تشكلت النواة الأولى لحركة فتح، ومنها وفي اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1988، تم وعلى لسان الشهيد القائد الرئيس ياسر عرفات إعلان قيام دولة فلسطين أو ما سمي في حينه إعلان وثيقة الاستقلال، الذي سبقه الشهيد ياسر عرفات بخطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1974، بتقديم من الجزائر ووزير خارجيتها آنذاك والرئيس السابق المرحوم عبد العزيز بوتفليقة، حين قال الشهيد الرئيس أبو عمار جئتكم يا سيادة الرئيس حاملاً غصن الزيتون بيدي وببندقية الثائر بيدي الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي … لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.
” كما لن ننسى مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين ” الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
لا شك بأن الذهاب إلى لقاء الجزائر بحاجة إلى ترتيب وتحضير من أجل أن ينجح في الوصول إلى هدفه في إنهاء الانقسام، وهذه مسؤولية الجميع، وهذا يبدأ بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين (فتح وحماس) ابتداءً باتفاق مكة الذي كان قبل الانقسام في شباط 2007، مروراً بكل الاتفاقيات التي اعقبته مثل الورقة المصرية 2009، واتفاق القاهرة 2011، واتفاق الدوحة 2012، واتفاق الشاطئ 2014، واتفاق القاهرة 2017، واجتماعات القاهرة 2021.
وأيضاً إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية الإطار الجامع للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي بحاجة إلى دمقرطة حياتها الداخلية وتقوية مؤسساتها، وانضمام جميع الفصائل اليها، لأن إبقاء المنظمة على هذا الحال لا يخدم أحدا بل يساهم في تهميشها، فالمطلوب الآن هو الاتفاق على آلية تعيد الاعتبار لها، والانتخابات هي أساس دمقرطة مؤسساتها، وهناك اتفاق العام 2005، وكذلك قرارات المجلس المركزي 2015 و2018، كفيلة بإعادة الاعتبار للمنظمة كهوية جامعة للشعب الفلسطيني.
كذلك هناك أهمية كبيرة لإعادة صياغة العلاقة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية من حيث إعادة تعريف وظائفها وتحديدها بكونها ذراع المنظمة لإدارة شؤون الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967، فاستمرار الوضع الحالي في طبيعة العلاقة التي تحكم المنظمة مع السلطة يؤشر إلى ذوبان المنظمة في هياكل السلطة، وهذا الأمر له تبعات سياسية سيئة جدا على وحدة الشعب الفلسطيني وعلى المشروع الوطني بشكل عام.
وكذلك هناك حاجة إلى إعادة مفهوم الشراكة السياسية الكاملة وعدم الاستفراد بالقرارات، يبدأ من إصلاح وتطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية أساسها الانتخابات، وإن البدء بدمقرطة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية يشكل أساسا لإعادة الحياة بقوة إلى المجلس الوطني، والمجلس المركزي، والنقابات والاتحادات، وحتى الأحزاب التي فقدت دورها الفاعل في أوساط الشعب الفلسطيني، وتشجيع تأسيس تجمعات وحركات وأحزاب جديدة وتمكينها وتسهيل دمجها في النظام السياسي وفي هياكل منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي هياكل تمثيلية تأخذ شرعيتها من صندوق الاقتراع، ووجودها ضرورة لحماية المجتمع وتحصين وتقوية وضعه الداخلي، لتمكين وتعزيز صموده وزيادة وتوسيع مشاركته في المقاومة بجميع أشكالها.
وهناك ضرورة لتجديد الشرعيات من خلال إجراء الانتخابات العامة هي نقطة ارتكاز أساسية لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني داخلياً وخارجياً، وهي مخرج ديمقراطي لإعادة تجديد الشرعيات في جميع الهياكل التمثيلية لمؤسسات الشعب الفلسطيني وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني، الذي هو الهيئة التشريعية العليا لكل الشعب الفلسطيني، في الوطن والشتات وليس السلطة الفلسطينية وهياكلها، الذي يجب إعادة تعريف مهمتها الوظيفية، وحصرها في إدارة الشأن العام للفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967.
يتبع ذلك تشكيل مجلس تأسيسي لدولة فلسطين تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، يقوم بمقام البرلمان المؤقت لدولة فلسطين، ويفوض بمهام الرقابة على أداء الحكومة في الأرض المحتلة عام 1967، -والتي مرجعيتها المجلس الوطني الفلسطيني المنتخب و/أو الأمناء العامون أو من ينوب عنهم -، وفي هذا رسالة بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة القرار، وبدأت بخطوات عملية في إطار تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، المتمثل بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية بما ينسجم مع اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين بموجب القرار 19/76 لعام 2012. وهذا يعني عدم العودة للمفاوضات تحت سقف اتفاقية أوسلو التي لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني في العودة وإقامة الدولة وتبقيه رهينة لسياسة الأمر الواقع المتمثلة باستمرار الاحتلال وزيادة الاستيطان والضم الفعلي لكل الضفة الغربية.
إن النقاط أعلاه لا يختلف عليها أحد، لذلك لتحقيق الوحدة الوطنية من خلال إنهاء الانقسام والاتفاق على برنامج سياسي نضالي، وبما يضمن الشراكة السياسية الكاملة، وصولاً إلى تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال وبناء الدولة، ونأمل أن تكون الجزائر خاتمة المأساة الفلسطينية.
وبالعودة إلى إعلان بلفور، الصادر عن حكومة بريطانيا، وهي التي تتحمل مسؤولية ما أحدثه من نكبات للشعب الفلسطيني وأنا شخصياً الاحقها قضائيا على هذه الجرائم، وقناعتي الثابتة بان وعد بلفور وإقامة دولة إسرائيل واحتلالها لبقية فلسطين، والسياسات الحالية لحكومة إسرائيل وحكومة بريطانيا وأمريكا جميعها غير شرعية ومخالفة لمبادئ العدالة ومواثيق الأمم المتحدة، وان من حقنا أن نقاوم هذا الظلم بجميع الوسائل المتاحة إلا أنني شخصيا مقتنع بضرورة العمل بالطريقة السلمية. لقد قمت بتشجيع جميع مبادرات السلام ومن هذا المنطلق أيدت وشاركت القيادة الفلسطينية بجميع محاولاتها لخلق سلام عادل مع دولة إسرائيل، وكل يهودي بالداخل والخارج يعرب عن استعداده إلى سلام عادل. غير أن محاولاتي المستمرة عبر أكثر من خمسين عاما باءت بالفشل الذريع.
قمت بمبادرات عديدة شخصيا والاشتراك مع القيادة الفلسطينية وكنت عضوا في لجنة أسسها الرئيس أبو مازن للتواصل مع الشارع الإسرائيلي للعمل على تشجيع لحل الدولتين والوصول إلى تسوية تحقق بعض العدالة لشعبنا الفلسطيني رغم ما في ذلك من إجحاف لحقوقنا المشروعة وثابرت في ذلك رغم استمرار الاستيطان والاحتلال والممارسات اليومية والمعاناة الشديدة، وبادرت في قيام ما سمي حينه مبادرة كسر الجمود جمعت شخصيات وازنة فلسطينية وإسرائيلية وعربية ودولية برعاية المنتدى الاقتصادي العالمي، جميع هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع لان الطرف الأخر ما زال متمسك بوثيقة إعلان بلفور والطموحات الصهيونية فيه والتي ما زالت حتى هذا اليوم تنكر على الشعب الفلسطيني أي حقوق سياسية أو سيادية كما هو واضح بالإعلان المشؤوم.
أعي تماما أن إصراري على رفض إعلان بلفور وإصراري على قيام دولة فلسطينية مستقلة لا يروق للسلطات التي عملت على إصدار هذه الوثيقة وتوابعها، لا بل تتعامل مع الشعب الفلسطيني على أنه مجموعات بشرية بلا حقوق وبلا تاريخ، لذلك أقول بأن ازدواجية المعايير التي تتعامل بها بريطانيا وغيرها من الدول فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها لن يثني شعبنا عن مواصلة النضال، وصراعنا طويل ونحن لدينا النفس الطويل للوصول إلى إنهاء الحلم الصهيوني في دولة من النيل إلى الفرات، وتجسيد الحقيقة والرواية الفلسطينية لأنها هي الأصل، وهم الباطل، فنحن ندعم ونعمل من أجل دولة ديمقراطية علمانية واحدة على كامل التراب الفلسطيني، وهذا ما نادت به ودعت اليه حركة فتح منذ البدايات.