عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
الكتابة عن الوزيرة السابقة خولة العرموطي هي كتابة عن عمل الخير والتطوع والبذل والايثار ، فقد أخذت على عاتقها وكلفت نفسها منذ وعت الدنيا أن العطاء عبادة وأن اوراق الاعتماد التي يجب أن يقدمها الإنسان للحياة هي أن يعطي الآخرين و أن ينتصر لانسانيته وأن يسند ضعفهم..
حين طلبت من السيدة العرموطي مختصرا عن أعمالها وعن ما حققت في مجالات عملها الواسعة وحين كانت تفضل الميدان على كرسي الوزارة، فقد أدمنت العمل في الميدان والتردد على الأسر المحتاجة وذات العوز..
قالت: لا مواد مكتوبة عندي عن أعمالي، ولكني أدون رحلاتي و زياراتي ومشاويري عبر المملكة في سبيل الوصول إلى ذوي الحاجات أو المشاركة في نشاطاتهم من خلال صفحتي على الفيس بوك.
وحين ذهبت إلى الصفحة وجدت وزنامة مواعيد وأسماء الأماكن التي تصلها في كل جولة واستطلاع، سواء بمفردها أو مع طاقم العمل ممن يرافقها..
هناك قرى ومواقع وجهات قد لا يعرفها أحد من عموم الناس ولكنها وصلتها والتقت سكانها و استمعت إليهم، ومسحت عن بعض الوجوه التعب وبعثت فيهم طاقة إيجابية..
هناك من وصلهم كاز لصوباتهم وهناك من وصلهم صوبات ليكون شتاؤهم اقل ضرراً وقسوة، وهناك من وصلته بطانيات و أردية واكسية ومواد غذائية..
كانت شرايين الأشهر المتتالية تدفق المساعدات حسب الفصول، فللشتاء مساعداته وللصيف مساعداته ولرمضان حظه الأوفر من العطاء..
السيدة تقول: يجود علينا الخيرون بعطائهم ،ونحن بعطاء الخيرين نجود ، وهكذا سخرنا الله لنخدم ذوي الحاجة الذي تحسب أكثرهم أغنياء من التعفف إلى أن تراهم وتجالسهم وتتحدث إليهم، لتدرك أن بعضهم يرسل أطفاله إلى المدرسة وهم جياع ويعودون وهم جياع ومن بين تلك الحالة وتلك هناك لطف المولى وأولاد الحلال..
خولة العرموطي حين تكون في مهمة إنسانية تكون مهمومة حتى تنجز هذه المهمة، فهي تقطع مئات الكيلومترات إلى الشمال او الجنوب لتقدم مساعدة أو تستفسر عن حالة..
قبل ثلاثة أسابيع احتفت مدينة العقبة بتكريم خولة العرموطي، فقد جرى تكريمها من قبل جمعية ترأسها النائب الرياطي وسط جمهور كبير.. وكان راعي التكريم هو رئيس الوزراء الاسبق فيصل الفايز..
لقد إضفى حضورها للتكريم بعداً قليل الحدوث، فالتكريم لابد أن يرتبط بالعطاء والتضحية والفعل الحسن الباقي الذي ينفع الناس، وكما تكرر في صفحتها القول وأما الزبد فيذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض، ولذا فإن إنجازات العرموطي كما لاحظت تمكث في الأرض عند الناس وبين أيديهم، ولا يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون..
مجتمعنا يحب الإحسان والتبرع و التطوع، ولكن النماذج التي تقود ذلك إما قليلة أو تجد في وجهها العقبات.. ومجتمعنا يعطي حين يتحلى القائمون على التواصل و الربط بالأمانة والمصداقية والنزاهة.. وخولة العرموطي أرادت أن تقدم النموذج لذلك، وها هي تمضي اكثر من ربع قرن في هذا المضمار، وقد أشرت إلى جملة من الحقائق واختزنت تجربة تستحق أن توضع في كتاب…
خولة تعمل على بناء مدرسة من التطوع والبذل، وهذه المدرسة تكتمل الآن فقد وضعت لها الاساسات والجدران وإرادت أن يكون عملها مؤسسيا ونظيفاً..
يستطيع المراقب والمهتم بما ادعو إليه أن يسأل عن هذه السيدة في قرى اربد والمفرق، وفي قرى جرش وأيضا في الجنوب في قرى معان وفي القويرة، وفي قرى الطفيلة .. وفي موقع قرية قطر على طريق العقبة البحر الميت وفي المخيمات وحتى تجمعات الباكستانيين في الغور الذي وصلتهم عن طريقها الكرافانات والمساعدات ..
امام خولة العرموطي أجندة واسعة ولائحة متصلة من المواعيد للجولات وزيارات للداخل والخارج.. وهي تريد أن ترفع صوتها لتقول أن بلدكم أيها الأردنيون بحاجة لكم الآن أكثر من أي وقت مضى، لتمسحوا العوز والفقر والشقاء عن وجوه الأطفال، وان تسندوا العائلات العفيفة و المستورة وان تكونوا قريبين من الملهوف وتردوا على أسئلته..
“بلدنا يقوى بالعطاء ويضعف بالأخذ” هذا ما قالته ، وقالت أن القليل الدائم يستطيع أن يفعل الكثير ،وما يراه البعض قليلا قد لا ينفع يراه ذو الحاجة نافعا ضروريا ومسنداً لحاجاتهم..
العرموطي وصلت المقطوع وإسندت ابن السبيل وقفت إلى جانب الغارمين والغارمات وطلاب العلم والسيدات المعنفات ،وحيثما قال الإنسان (أخ) رجلا كان أم امرأة أم طفلا..
بارك الله في الأيادي البيضاء .. في الأيادي التي تعلو لتعطي و التي تبسط الرزق، وهي تدرك أن فيه لله كثير، وإن ما لله هو لعبيده المحتاجين..
الذين يرافقون خولة العرموطي إلى حيث تذهب يكتسبون طاقة إيجابية هي طاقة العطاء ، و تتحسن نفسياتهم، مرافقتها ليست مكلفة شريطة أن يكون القادر قد بلغ درجة من ما بلغت في حب الخير والرغبة في العطاء..